الحال الثاني : ، وهو نوعان . أحدهما : الزيادات الحاصلة ، لا من خارج ، وهي ثلاثة أضرب . أحدها : المتصلة من كل وجه ، كالسمن ، وتعلم الصنعة ، وكبر الشجرة ، فلا عبرة بها . وللبائع الرجوع من غير شيء يلتزمه للزيادة ، وهذا حكم الزيادات في جميع الأبواب ، إلا الصداق ، فإن الزوج إذا طلق قبل الدخول ، لا يرجع في النصف الزائد إلا برضاها . التغير بالزيادة
الضرب الثاني : ، كالولد ، واللبن ، والثمرة ، فيرجع في الأصل ، وتبقى الزوائد للمفلس . فلو كان ولد الأمة صغيرا ، فوجهان . أحدهما : أنه إن بذل قيمة الولد ، أخذه مع الأم ، وإلا ، فيضار لامتناع التفريق . وأصحهما : إن بذل قيمة الولد ، وإلا فيباعان ويصرف ما يخص الأم إلى البائع ، وما يخص الولد إلى المفلس . وذكرنا وجهين ، فيما إذا وجد الأم معيبة ، وهناك ولد صغير : أنه الرد وينتقل إلى الأرش ، أو يحتمل التفريق للضرورة . وفيما إذا رهن الأم دون الولد ، أنهما يباعان معا ، أو يحتمل التفريق . ولم يذكروا فيما نحن فيه احتمال التفريق ، بل احتالوا في دفعه ، فيجوز أن يقال : يجيء وجه التفريق هنا ، لكن لم يذكروه اقتصارا على الأصح ، ويجوز أن يفرق بأن مال المفلس مبيع كله ، مصروف إلى الغرماء ، فلا وجه لاحتمال التفريق ، مع إمكان المحافظة على جانب الراجع ، وكون ملك المفلس مزالا . الزيادات المنفصلة من كل وجه
[ ص: 160 ] قلت : هذا الثاني هو الصواب ، وبه قطع الجمهور تصريحا وتعريضا ، وحكى صاحب " الحاوي " والمستظهري ، وغيرهما وجها غريبا ضعيفا : أنه يجوز التفريق بينهما للضرورة ، كمسألة الرهن . وقالوا : ليس هو بصحيح ، إذ لا ضرورة ، وفرقوا بما سبق ، فحصل أن دعوى الإمام الرافعي ليست بمقبولة . والله أعلم .
فرع
، فوجهان . أصحهما عند العراقيين وصاحب التهذيب : يرجع فيه ; لأنه حدث من عين ماله ، أو هو عين ماله اكتسب صفة أخرى ، فأشبه الودي إذا صار نخلا . والثاني : ليس له الرجوع ; لأن المبيع هلك ، وهذا شيء جديد استجد اسما ، ويجري الوجهان في العصير إذا تخمر في يد المشتري ، ثم تخلل ، ثم فلس . لو كان المبيع بذرا ، فزرعه فنبت ، أو بيضة فتفرخت في يده ، ثم فلس ، فقيل بطرد الوجهين . وقيل : القطع بالرجوع . ولو اشترى زرعا أخضر مع الأرض ، ففلس وقد اشتد الحب
الضرب الثالث : الزيادات المتصلة من وجه دون وجه ، كالحمل . فإن حدث بعد الشراء ، وانفصل قبل الرجوع ، فحكمه ما سبق في الضرب الثاني . وإن كانت حاملا عند الشراء والرجوع جميعا ، فهو كالسمن فيرجع فيها حاملا . وإن كانت حاملا قبل الشراء وولدت قبل الرجوع ، ففي تعدي الرجوع إلى الولد ، قولان ، بناء على أن الحمل يعرف ، أم لا ؟ إن قلنا : نعم وهو الأظهر ، رجع كما لو اشترى شيئين ، وإلا فلا ، وإن كانت حائلا عند الشراء ، حاملا عند الرجوع ، فقولان أظهرهما عند الجمهور : يرجع فيها حاملا ; لأن الحمل تابع في البيع ، فكذا هنا .
والثاني : لا يرجع في الحمل ، فعلى هذا : يرجع في الأم على الأصح . وقيل : لا [ ص: 161 ] بل يضارب . فإن قلنا : يرجع في الأم فقط ، قال الشيخ أبو محمد : يرجع فيها قبل الوضع . فإذا ولدت ، فالولد للمفلس . وقال الصيدلاني وغيره : لا يرجع في الحال ، بل يصير إلى انفصال الولد ، ثم الاحتراز عن التفريق بين الأم والولد طريقه ما سبق .
قلت : قول الشيخ أبي محمد هو ظاهر كلام الأكثرين ، وصرح به صاحب الحاوي وغيره . قال صاحب الحاوي : ولا يلزم تسليمها إلى البائع ، لحق المفلس ، ولا إقرارها في يد المفلس أو غرمائه ، لحق البائع في الأم ، ولا يجوز أخذ قيمة الولد ، فتوضع الأم عند عدل يتفقان عليه ، وإلا فيختار الحاكم عدلا . قال : ونفقتها على البائع دون المفلس ; لأنه مالك الأم ، وسواء قلنا : تجب نفقة الحامل لحملها ، أم لا . قال أصحابنا : وحكم سائر الحيوانات الحائلة والحاملة حكم الجارية ، إلا أن في باقي الحيوانات ، يجوز التفريق بينهما وبين ولدها الصغير ، بخلاف الجارية . والله أعلم .