فصل
، فليس له قطعها ، بل عليه إبقاؤها إلى الجداد ، وكذا لو رجع في الأرض وهي مزروعة بزرع المفلس ، يترك إلى الحصاد ، كما لو اشترى أرضا مزروعة ، لم يكن له تكليف البائع قلعه . ثم إذا أبقي الزرع ، فلا أجرة على المذهب . وحكي قول مخرج مما لو بنى أو غرس ، فإن للبائع الإبقاء بأجرة ، ثم الكلام في طلب الغرماء والمفلس القطع أو الجداد والحصاد على ما سبق . متى رجع البائع في الشجر وبقيت الثمار للمفلس
فرع
متى ثبت الرجوع في الثمار بالتصريح ببيعها مع الشجر ، أو قلنا به في الحالة الثالثة والرابعة ، فتلفت الثمار بجائحة ، أو أكل أو غيرهما ، ثم فلس ، أخذ البائع الشجر بحصتها من الثمن ، وضارب بحصة الثمر ، فتقوم الشجر وعليها الثمر ، فيقال مثلا : قيمتها مائة ، وتقوم وحدها فيقال : تسعون ، فيضارب بعشر الثمن . فإن حصل في قيمتها انخفاض أو ارتفاع ، فالصحيح أن الاعتبار في الثمار بالأقل من قيمتي يومي العقد والقبض ؛ لأنها إن كانت يوم القبض أكثر ، فالنقص قبله كان من ضمان البائع ، فلا يحسب على المشتري . وإن كانت يوم العقد أقل ، فالزيادة ملك المشتري ، وتلفت ، [ ص: 166 ] فلا حق للبائع فيها . وفي وجه شاذ : يعتبر يوم القبض . وأما الشجر ، ففيها وجهان . أحدهما : يعتبر أكثر القيمتين ؛ لأن المبيع بين العقد والقبض من ضمان البائع ، فنقصه عليه ، وزيادته للمشتري ، فيأخذ بالأكثر ، ليكون النقص محسوبا عليه . كما أن في الثمرة الباقية على المشتري ، يعتبر الأقل ، ليكون النقص محسوبا عليه . والثاني : يعتبر يوم العقد قل أم كثر ؛ لأن ما زاد بعده فهو من الزيادات المتصلة ، وعين الأشجار باقية ، فيفوز بها البائع ، ولا يحسب عليه . وهذا الثاني ، هو المنقول في " التهذيب " و " التتمة " وبالأول جزم الصيدلاني وغيره ، وصححه . مثل ذلك ، قيمة الشجر يوم البيع عشرة ، وقيمة الثمر خمسة . فلو لم تختلف القيمة ، لأخذ الشجرة بثلثي الثمن ، وضارب للثمرة بالثلث . وإن زادت قيمة الثمرة وكانت يوم القبض عشرة ، فعلى الصحيح ، هو كما لو كانت بحالها اعتبارا لأقل قيمتها . وعلى الشاذ : يضارب بنصف الثمن . ولو نقصت وكانت يوم القبض درهمين ونصفا ، ضارب بخمس الثمن . فلو زادت قيمة الشجر أو نقصت ، فالحكم على الوجه الثاني ، كما لو بقيت بحالها . وعلى الأول كذلك إن نقصت . وإن زادت ، فكانت خمسة عشر ، ضارب بربع الثمن . قال الإمام : وإذا اعتبرنا في الثمار أقل القيمتين فتساوتا ، ولكن بينهما نقص . فإن كان لمجرد انخفاض السوق ، فلا عبرة به . وإن كان لعيب طرأ وزال ، فكذلك على الظاهر . كما أنه يسقط بزواله حق الرد بالعيب . وإن لم يزل العيب ، لكن عادت قيمته إلى ما كان بارتفاع السوق ، فالذي أراه ، اعتبار قيمته يوم العيب ؛ لأن النقص من ضمان البائع ، والارتفاع بعده في ملك المشتري ، فلا يجبره . قال : وإذا اعتبرنا في الشجر أكثر القيمتين ، فكانت قيمته يوم العقد مائة ، ويوم القبض مائة وخمسين ، ويوم رجوع البائع مائتين ، فالوجه : القطع باعتبار المائتين . ولو كانت قيمتها يومي العقد والقبض ما ذكرناه ، ويوم الرجوع مائة ، اعتبر يوم الرجوع ؛ لأن ما طرأ من زيادة ونقص وزال ، [ ص: 167 ] ليس ثابتا يوم العقد حتى يقول : إنه وقت المقابلة ، ولا يوم أخذ البائع ليحسب عليه . الغزالي
فرع
سبيل التوزيع في كل صورة تلف فيها أحد الشيئين المبيعين ، واختلفت القيمة وأراد الرجوع إلى الباقي ، على ما ذكرناه في الأشجار والثمار بلا فرق .
النوع الثاني من الزيادات : ما التحق بالمبيع من خارج ، وينقسم إلى عين محضة ، وصفة محضة ، ومركب منهما . الضرب الأول : العين المحضة ، ولها حالان . أحدهما : أن تكون قابلة للتمييز عن المبيع ، كمن اشترى أرضا فغرس فيها ، أو بنى ، ثم فلس قبل أداء الثمن ، فإذا اختار البائع الرجوع في الأرض ، نظر ، إن اتفق الغرماء والمفلس على القلع وتسليم الأرض بيضاء ، رجع فيها وقلعوا ، وليس له أن يلزمهم أخذ قيمة الغراس والبناء ليتملكها مع الأرض . وإذا قلعوا ، وجب تسوية الحفر من مال المفلس ، وإن حدث في الأرض نقص بالقلع ، وجب أرشه في ماله . قال الشيخ أبو حامد : يضارب به . وفي " المهذب " و " التهذيب " : أنه يقدم به ؛ لأنه لتخليص ماله . وإن قال المفلس : يقلع . وقال الغرماء : نأخذ القيمة من البائع ليتملكه ، أو بالعكس ، أو وقع هذا الاختلاف بين الغرماء ، أجيب من في قوله المصلحة . فإن امتنعوا جميعا من القلع ، لم يجبروا ؛ لأنه غير متعد . ثم ينظر ، إن رجع على أن يتملك البناء والغراس بقيمتهما ، أو يقلع ويغرم أرش النقص ، فله ذلك ؛ لأنه يندفع به الضرر من الجانبين ، والاختيار فيهما إليه ، وليس للغرماء والمفلس الامتناع ، بخلاف ما سبق في الزرع ؛ لأن له أمدا قريبا . وإن أراد الرجوع في الأرض وحدها ، لم يكن له ذلك على الأظهر ؛ لأنه ينقض قيمة البناء والغراس ، ويضرهم ، والضرر لا يزال بالضرر . وفي قول : له ذلك ، كما ، يرجع البائع في الثوب فقط . وقيل : إن كانت الأرض كثيرة القيمة ، والبناء والغراس مستحقرين بالإضافة إليها ، كان له ذلك . وإن كان عكسه ، فلا ، إتباعا للأقل الأكثر . وقيل : إن أراد الرجوع في البياض المتخلل بين البناء والشجر ، ويضارب للباقي بقسطه من الثمن ، كان له . وإن أراد الرجوع في الجميع ، فلا ، فإن قلنا بالأظهر ، فالبائع يضارب بالثمن ، أو يعود إلى بذل قيمتهما أو قلعهما مع غرامة أرش النقص . وإن مكناه من الرجوع فيها ، فوافق الغرماء والمفلس ، وباع الأرض معهم حين باعوا البناء فذاك . وطريق التوزيع ، ما سبق في الرهن . وإن امتنع ، لم يجبر على الأظهر ، وإذا لم يوافقهم ، فباعوا البناء والغراس ، بقي للبائع ولاية التملك بالقيمة ، والقلع مع الأرش ، وللمشتري الخيار في البيع إن كان جاهلا بحال ما اشتراه ، هذا الذي ذكرناه في هذا الضرب ، هو الذي قطع به الجماهير في الطرق كلها ، وهو الصواب المعتمد . وذكر إمام الحرمين في المسألة أربعة أقوال . لو صبغ المشتري الثوب [ ص: 168 ] ثم فلس
أحدها : لا رجوع بحال . والثاني : تباع الأرض والبناء رفقا بالمفلس . والثالث : يرجع في الأرض ويتخير بين ثلاث خصال : تملك البناء والغراس بالقيمة ، وقلعهما مع التزام أرش النقص ، وإبقاؤهما بأجرة المثل ، يأخذها من ملكهما . وإذا عين خصلة ، فاختار الغرماء والمفلس غيرها ، أو امتنعوا من الكل ، فوجهان في أنه يرجع إلى الأرض ، ويقلع مجانا ، أو يجبرون على ما عينه . والرابع : إن كانت قيمة البناء أكثر ، فالبائع فاقد عين ماله . وإن كانت قيمة الأرض أكثر ، فواجد . هذا نقل الإمام ، وتابعه وأصحابه على الأقوال الثلاثة الأول ، وهذا النقل شاذ منكر لا يعرف ، وليت شعري من أين أخذت هذه الأقوال ؟ ! الغزالي