الصورة الخامسة : في امتثال تقييد الموكل . والصور المذكورة من أول الباب إلى هنا مفروضة في التوكيل المطلق ، ومن هنا إلى آخره في . وحاصله : أنه يجب مراعاة تقييد الموكل ، ورعاية المفهوم منه بحسب العرف ، وفيه مسائل . [ ص: 315 ] إحداها : إذا التوكيل المقرون بتقييد ، لم يجز أن يبيع لغير زيد ، ولا قبل الجمعة ، ولا بعده . عين الموكل شخصا ، بأن قال : بع لزيد . أو عين وقتا ، بأن قال : بع يوم الجمعة
قلت : هكذا قال الأصحاب في البيع قبل الجمعة وبعده : إنه لا يصح . قالوا : وكذا حكم العتق ، لا يجوز قبل الجمعة ولا بعده . وأما الطلاق ، فنقل صاحبا " الشامل " و " البيان " عن الداركي ، أنه قال : إن طلقها قبل الجمعة ، لا يقع ، وإن طلقها بعده يقع ، لأنها إذا كانت مطلقة يوم الجمعة ، كانت مطلقة يوم السبت ، بخلاف الخميس . ولم أر هذا لغيره ، وفيه نظر . والله أعلم .
لو ، نظر ، إن كان له في ذلك المكان غرض ظاهر ، بأن كان الراغبون فيه أكثر ، أو النقد فيه أجود ، لم يجز البيع في غيره . وإلا فوجهان : عين مكانا من سوق ونحوها
أحدهما : يجوز ، وبه قال القاضي أبو حامد ، وقطع به . وأصحهما عند الغزالي ابن القطان والبغوي : المنع .
قلت : قطع بالجواز أيضا صاحبا التنبيه و " التتمة " وغيرهما ، لكن الأصح على الجملة المنع ، وهو الذي صححه الماوردي والرافعي في " المحرر " .
قلت : هذا إذا لم يقدر الثمن . فإن قال : بع في سوق كذا بمائة ، فباع بمائة في غيرها ، جاز ، صرح به صاحبا " الشامل " و " التتمة " وغيرهما . والله أعلم .
ولو نهاه صريحا عن البيع في غيره ، امتنع قطعا . ولو قال : بع في بلد كذا ، قال : هو كقوله : بع في سوق كذا ، حتى لو باع في بلد آخر ، جاء فيه التفصيل المذكور ، وهذا صحيح ، لكنه يصير ضامنا بالنقل من ذلك البلد ، ويكون الثمن مضمونا في يده . بل لو أطلق التوكيل في البيع في بلد ، فليبع فيه فإن نقل ، ضمن . ابن كج