فصل
إذا ، فله حالان : كان عليه دين لزيد ، أو عين في يده ، فقال رجل : أنا وكيله بالقبض منك فأقبضنيه
أحدهما : أن يصدقه في دعوى الوكالة ، فله دفعه إليه . فإن دفع فحضر زيد ، وأنكر الوكالة ، فالقول قوله بيمينه . فإذا حلف ، فإن كان الحق عينا ، أخذها ، فإن تلفت ، فله تغريم من شاء منهما ، ولا رجوع للغارم على الآخر ؛ لأنه مظلوم بزعمه ، فلا يؤاخذ غير ظالمه . قال في " التتمة " : هذا إذا تلفت بلا تفريط وإن تلفت بتفريط القابض ، نظر ، إن غرم القابض ، فلا رجوع . وإن غرم الدافع ، رجع ؛ لأن القابض وكيل عنده ، والوكيل يضمن بالتفريط ، وزيد ظالمه بأخذ القيمة [ ص: 346 ] منه ، وماله في ذمة القابض ، فيستوفيه بحقه . وإن كان الحق دينا ، فله مطالبة الدافع بحقه . وإذا غرمه ، قال المتولي : إن كان المدفوع باقيا ، فله استرداده وإن كان ذلك لزيد في زعمه ؛ لأنه ظالمه بتغريمه ، وقد ظفر بماله . وإن كان تالفا ، فإن فرط فيه ، غرمه ، وإلا فلا . وهل لزيد مطالبة القابض ؟ نظر ، إن تلف المدفوع عنده ، فلا ، وكذا إن كان باقيا على الأصح ، وبه قال الأكثرون ؛ لأن الآخذ فضولي بزعمه ، والمأخوذ ليس حقه ، وإنما هو مال المديون . وقال أبو إسحاق ، والشيخ أبو حامد : له مطالبته ؛ لأنه في معنى وكيله بالدفع إليه . فعلى هذا ، إذا أخذه ، برئ الدافع ، هذا كله في جواز الدفع إذا صدقه في الوكالة ، وهل يلزم الدفع ، أم له الامتناع إلى قيام البينة ؟ نص هنا أن له الامتناع . ونص فيما لو أقر بدين أو عين لزيد ، وأنه مات وهذا وارثه : أنه يلزمه الدفع بلا بينة ؟ فقيل قولان فيهما .
والمذهب : تقرير النصين .
الحال الثاني : أن لا يصدقه ، فلا يكلف الدفع إليه . فإن دفع ثم حضر زيد وحلف على نفي الوكالة ، غرم الدافع ، وكان له أن يرجع على القابض دينا كان أو عينا ؛ لأنه لم يصرح بصدقه . ولو أنكر الوكالة أو الحق ، وكان الوكيل مأذونا له في إقامة البينة ، أو قلنا : الوكيل بالقبض مطلقا له إقامة البينة ، أقامها وأخذ الحق . فإن لم تكن بينة ، فهل له التحليف ؟ يبنى على أنه لو صدقه ، هل يلزمه الدفع ؟ إن قلنا : نعم ، حلفه ، وإلا فيبنى على أن النكول مع يمين الرد كالبينة ، أم كالإقرار ؟ وإن قلنا بالأول ، حلفه ، وإلا فلا .
فرع
جاء رجل وقال لمن عليه الدين : أحالني به مالكه ، فصدقه . وقلنا : إذا صدق [ ص: 347 ] مدعي الوكالة ، لا يلزمه الدفع ، فهنا وجهان .
أصحهما : يلزمه كالوارث . ولو كذبه ولم تكن بينة ، هل له تحليفه ؟ إن ألزمناه الدفع ، فنعم ، وإلا فكما سبق . ولو ، فهو كقوله : وارثه . فلو قال : مات ، وقد أوصى به لهذا الرجل ، فكإقراره بالحوالة . قال : مات فلان وله عندي كذا ، وهذا وصيه
فرع
إذا أوجبنا الدفع إلى الوارث والوصي ، أو لم نوجب ، فدفع ، ثم بان حياة المستحق وغرم الدافع ، فله الرجوع على المدفوع إليه . ولو جحد الحوالة ، فكجحد الوكالة .