فصل
إذا . وطريق التمييز بينهما ، ما تقدم في الحيض . هذا هو الصحيح المعروف . جاوز دم النفساء ستين ، فقد اختلط نفاسها باستحاضتها
وفي وجه : نفاسها ستون . وما بعدها استحاضة إلى تمام طهرها المعتاد ، أو المردود إليه إن كانت مبتدأة ، وما بعده حيض .
في وجه ثالث : نفاسها ستون . وما بعدها حيض متصل به . واتفق الجمهور على تضعيف هذين الوجهين ، والتفريع على الصحيح .
والمستحاضات : خمس .
الأولى : المعتادة . فإن كانت معتادة أربعين مثلا ، كان نفاسها الآن أربعين . ولها في الحيض حالان .
أحدهما : أن تكون معتادة فيه ، فطهرها بعد الأربعين ، قدر عادتها في الطهر ، ثم تحيض قدر عادتها في الحيض .
الحال الثاني : أن تكون مبتدأة فيه ، فتجعل القدر الذي ترد إليه المبتدأة في الطهر ، طهرا لها بعد الأربعين . والذي ترد إليه في الحيض ، حيضا لها بعده .
ثم الخلاف فيما تثبت به العادة ، وفيما تقدم من العادة والتمييز إذا اجتمعا يجري هنا كما في الحيض . ولو ولدت مرارا ولم تر دما ، ثم ولدت واستحيضت ، لم يكن عدم النفاس عادة ، بل هي مبتدأة فيه ، كالتي لم تلد أصلا .
المستحاضة الثانية والثالثة : . أما غير المميزة ، فترد إلى لحظة على الأظهر . وإلى أربعين على الثاني . هذا هو المذهب . المبتدأة المميزة ، وغير المميزة
وفي قول غريب : ترد إلى ستين . وفي وجه : إلى اللحظة جزما . ثم إن كانت هذه النفساء معتادة في الحيض حسب لها بعد مرد النفاس طهرها ثم حيضها المعتادان .
وإن كانت مبتدأة فيه ، أقمنا طهرها ثم حيضها على ما تقتضيه حال المبتدأة .
وأما المميزة [ ص: 178 ] فترد إلى التمييز بشرطه . كالحائض ، وشرط تمييز النفساء ، أن لا يزيد القوي على ستين يوما . ولا ضبط في أقله ، ولا أقل الضعيف .
المستحاضة الرابعة : المعتادة المميزة . تقدم حكمها هنا في المعتادة .
، فيها القولان ، كناسية الحيض . فعلى قول ترد إلى مرد المبتدأة . ورجحه المستحاضة الخامسة : الناسية لعادة نفاسها هنا . إمام الحرمين
وعلى قول : تؤمر بالاحتياط . وعلى هذا ، إن كانت مبتدأة في الحيض أيضا ، وجب الاحتياط أبدا .
وكذا إن كانت معتادة في الحيض ناسية عادتها . وإن كانت ذاكرة لعادة الحيض ، فهي كناسية وقت الحيض ، العارفة بقدره . وقد سبق بيانها .
فرع :
. أحدهما : أن لا يجاوز ستين ، فينظر ، إن لم تبلغ مدة النقاء بين الدمين أقل الطهر ، بأن رأت يوما دما ، ويوما نقاء ، فأزمنة الدم نفاس قطعا . وفي النقاء القولان كالحيض . إذا انقطع دم النفساء ، فله حالان
وإن بلغته ، بأن رأت عقب الولادة دما أياما ، ثم رأت النقاء خمسة عشر فصاعدا ، ثم عاد الدم فالأصح أن العائد دم حيض . والثاني : أنه نفاس .
ولو ولدت ولم تر الدم خمسة عشر يوما فصاعدا ، ثم رأته ، فعلى هذين الوجهين ، فإن جعلناه حيضا فلا نفاس لها أصلا .
وفي هذه الصورة الأخيرة : لو نقص العائد في الصورتين عن أقل الحيض فالأصح أنه دم فساد .
والثاني : أنه نفاس لتعذر جعله حيضا . ولو زاد العائد على أكثر الحيض فهي مستحاضة . فينظر ، أهي معتادة ، أم مبتدأة ؟ ويحكم بما تقتضيه الحال .
وإن جعلنا العائد نفاسا ، فمدة النقاء على القولين [ ص: 179 ] في التلفيق . إن سحبنا فنفاس ، وإن لفقنا فطهر . هذا هو المذهب . وقيل : هو طهر على القولين .
الحال الثاني : أن تجاوز ستين ؛ فإن بلغ زمن النقاء في الستين أقل الطهر ، ثم جاوز العائد ، فالعائد حيض قطعا ولا يجئ فيه الخلاف المذكور في الحال الأول .
وإن لم تبلغه ، فإن كانت مبتدأة مميزة ، ردت إلى التمييز . وإن لم تكن مميزة فعلى القولين في المبتدأة . وإن كانت معتادة ردت إلى العادة .
وفي الأحوال يراعى قولا التلفيق . فإن سحبنا ، فالدماء في أيام المرد مع النقاء نفاس . وإن لفقنا فتلفق من أيام المرد ، أم من أيام الستين ؟ فيه الخلاف المذكور في الحيض .
قلت : ، كهي في الحيض وفاقا وخلافا ، هذا هو المذهب . وبه صرح والصفرة والكدرة في النفاس الفوراني ، والبغوي ، وصاحب ( العدة ) ، وغيرهم .
وقطع الماوردي : بأنها نفاس قطعا ؛ لأن الولادة شاهد للنفاس ، بخلاف الحيض .
وإذا انقطع دم النفساء ، واغتسلت ، أو تيممت حيث يجوز ، فللزوج وطؤها في الحال بلا كراهة . حتى قال صاحب ( الشامل ) و ( البحر ) : لو رأت الدم بعد الولادة ساعة ، وانقطع ، لزمه الغسل ، وحل الوطء . فإن خافت عود الدم ، استحب له التوقف احتياطا . والله أعلم .