. ويجوز الركن الثالث : المقر به ، فإن كان ما يقر به عينا ، فشرطه أن لا يكون مملوكا للمقر حين يقر ؛ لأن الإقرار ليس إزالة ملك ، وإنما هو إخبار عن كونه مملوكا للمقر له . فلو قال : داري هذه ، أو ثوبي الذي أملكه لزيد ، فهو متناقض ، وهو محمول على الوعد بالهبة ، ولو قال : مسكني هذا لزيد ، كان إقرارا ؛ لأنه قد يسكن ملك غيره . ولو شهدت بينة أن الدار الفلانية أقر زيد بأنها ملك عمرو ، وكانت ملك زيد إلى أن أقر ، كانت الشهادة باطلة ، نص عليه . ولو قال : هي لزيد وكانت ملكي إلى وقت الإقرار ، فإقراره نافذ . الإقرار بالمجهول
والذي ذكره بعده مناقض لأوله ، فيلغو كما لو قال : هي له ، وليست له ، وهذا في الأعيان ، وكذا في الديون إذا كان له على غيره في الظاهر دين ، من قرض ، أو أجرة ، أو [ ص: 361 ] ثمن ، فقال : ديني الذي على زيد لعمرو ، فهو باطل . ولو قال : الدين الذي على زيد هو لعمرو ، واسمي في الكتاب عارية ، فهو إقرار صحيح ، فلعله كان وكيلا عنه في الإقراض والإجارة والبيع . ثم عمرو يدعي المال على زيد لنفسه ، فإن أنكر فهو بالخيار بين أن يقيم البينة على دين المقر على زيد ، ثم على إقراره له بما على زيد ، وبين أن يقيم البينة أولا على الإقرار ، ثم على الدين ، كذا ذكره القفال .
فرع
استثنى صاحب التلخيص ثلاثة ديون ، ومنع الإقرار بها ، أحدها : . الصداق في ذمة الزوج ، لا تقر به المرأة
والثاني : . بدل الخلع في ذمة الزوجة ، لا يقر به الزوج
والثالث : . فإن كانت الجناية على عبد أو مال آخر ، جاز له أن يقر به للغير ؛ لاحتمال كونه له يوم الجناية . قال الأئمة : هذه الديون ، وإن لم يتصور فيها الثبوت للغير ابتداء وتقديرا للوكالة ، فيجوز انتقالها بالحوالة ، وكذلك بالبيع على قول ، فيصح الإقرار بها عند احتمال جريان ناقل . وحملوا ما ذكره صاحب التلخيص على ما إذا أقر بها عقيب ثبوتها ، بحيث لا يحتمل جريان ناقل ، لكن سائر الديون أيضا كذلك ، فلا يصح الاستثناء ، بل الأعيان أيضا بهذه المثابة . حتى لو أعتق عبده ، ثم أقر له السيد أو غيره عقيب الإعتاق بدين أو غيره ، لم يصح ؛ لأن أهلية الملك لم تثبت له إلا في الحال ، ولم يجر بينهما ما يوجب المال . وقال أرش الجناية ، لا يقر به المجني عليه أبو العباس الجرجاني في الديون الثلاثة : إن أسند الإقرار بها إلى جهة حوالة أو بيع ، إن جوزناه صح ، وإلا فعلى قولين ، كما لو أقر للحمل وأطلق .