فصل 
في مسائل منثورة 
إحداها : أقر بجميع ما في يده وينسب إليه  ، صح . فلو تنازعا في شيء ، هل كان في يده حينئذ ؟ فالقول قول المقر ، وعلى الآخر البينة . ولو قال : ليس لي مما في يدي إلا ألف ، صح وعمل بمقتضاه . ولو قال : لا حق لي في شيء مما في يد فلان ، ثم ادعى شيئا وقال : لم أعلم كونه في يده يوم الإقرار ، صدق بيمينه . 
 [ ص: 392 ] الثانية : قال : لفلان علي درهم أو دينار  ، لزمه أحدهما ، وطولب بتعيينه . وقيل : لا يلزمه شيء ، وهو ضعيف جدا . 
الثالثة : قال : له علي ألف ، أو على زيد أو على عمرو  ، لم يلزمه شيء . وكذا لو قال على سبيل الإقرار : أنت طالق ، أو لا ، وإن ذكره في معرض الإنشاء ، طلقت ، كما لو قال : أنت طالق طلاقا لا يقع عليك . 
الرابعة : قال : لزيد علي ألف درهم ، وإلا فلعمرو علي ألف دينار  ، لزمه ألف درهم لزيد ، وكلامه الآخر للتأكيد . 
الخامسة : الإقرار المطلق  ، ملزم ، ويؤاخذ به المقر على الصحيح المعروف . وخرج وجه : أنه لا يلزم حتى يسأل المقر عن سبب اللزوم ؛ لأن الأصل براءة الذمة ، والإقرار ليس موجبا في نفسه ، وأسباب الوجوب مختلف فيها . وربما ظن ما ليس بموجب موجبا ، وهذا كما أن الجرح المطلق لا يقبل ، وكما لو أقر بأن فلانا وارثه ، لا يقبل حتى يبين جهة الإرث . 
السادسة : قال : وهبت لك كذا وخرجت منه إليك  ، فالأصح أن لا يكون مقرا بالإقباض ، لجواز أن يريد الخروج منه بالهبة . وقال القفال والشاشي : هو إقرار بالإقباض ؛ لأنه نسب إلى نفسه ما يشعر بالإقباض بعد العقد المفروغ منه . 
السابعة : أقر الأب بعين مال لابنه ، فيمكن أن يكون مستند إقراره ما يمنع الرجوع ، ويمكن أن يكون مستنده ما لا يمنع وهو الهبة ، فهل له الرجوع  ؟ وجهان : 
أحدهما : نعم ، وبه أفتى القاضيان :  أبو الطيب  ،  والماوردي  ، تنزيلا للإقرار على أضعف الملكين ، وأدنى السببين ، كما ينزل على أقل المقدارين . 
والثاني : لا ، قاله   أبو عاصم العبادي  ؛ لأن الأصل بقاء الملك للمقر له . ويمكن أن يتوسط فيقال : إن أقر بانتقال الملك منه إلى الابن ، فالأمر على ما قال القاضيان ، وإن أقر بالملك المطلق ، فالأمر كما قال  العبادي     . 
 [ ص: 393 ] الثامنة : أقر في صك بأنه لا دعوى له على زيد ، ولا طلبة بوجه من الوجوه ، ولا بسبب من الأسباب ، ثم قال : إنما أردت به : في عمامته وقميصه ، لا في داره وبستانه    . قال القاضي  أبو سعد بن أبي يوسف     : هذا موضع تردد ، والقياس قبوله ؛ لأن غايته تخصيص عموم ، وهو محتمل . 
قلت : هذا ضعيف وفاسد . 
والصواب : أنه لا يقبل في ظاهر الحكم ، لكن المختار أن له تحليف المقر له : أنه لا يعلم أنه قصد ذلك ، ولعل هذا مراد القاضي . والله أعلم . 
				
						
						
