فصل
إذا ، أو على آجر مغصوب لم يملكها ، بل عليه إخراجها وردها إلى المالك ما لم تعفن . فإن عفنت بحيث لو أخرجت لم يكن لها قيمة ، فهي هالكة . فإذا أخرجها قبل العفن وردها لزمه أرش النقص وإن نقصت . وفي الأجرة ما ذكرناه في إبلاء الثوب بالاستعمال . ولو أدخل لوحا مغصوبا في سفينة ، نظر ، إن لم يخف من النزع هلاك نفس ولا مال ، بأن كانت [ ص: 55 ] على الأرض ، أو مرساة على الشط ، أو أدخله في أعلاها ولم يخف من نزعه غرقا ، أو لم يكن فيها نفس ولا مال ، ولا خيف هلاك السفينة نفسها لزمه نزعه ورده ، فإن كان في لجة [ البحر ] وخيف من النزع هلاك حيوان محترم ، سواء كان آدميا - الغاصب أو غيره - أو غير آدمي ، لم ينزع حتى تصل الشط . وإن خيف من النزع هلاك مال ، إما في السفينة ، وإما [ في ] غيرها [ فهو ، إما ] للغاصب ، أو لمن وضع ماله فيها وهو يعلم أن فيها لوحا مغصوبا ، [ فإن كان لهما ] ففي نزعه وجهان . أصحهما عند الإمام : النزع ، كما يهدم البناء لرد الخشبة . وأصحهما عند غصب خشبة وأدخلها في بناء ، أو بنى عليها ابن الصباغ وغيره : لا ينزع ؛ لأن السفينة لا تدوم في البحر ، فيسهل الصبر إلى الشط . وإن كان لغيرهما ، لم ينزع قطعا .
قلت : الأصح عند الأكثرين ما صححه ابن الصباغ . والله أعلم .
وحيث لا ينزع إلى الشط ، فتؤخذ القيمة للحيلولة إلى أن يتيسر النزع ، فحينئذ يرد اللوح مع أرش النقص ويسترد القيمة . وإن قلنا : لا يبالى في النزع بهلاك مال الغاصب فاختلطت التي فيها اللوح بسفن للغاصب ، ولا يوقف على اللوح إلا بنزع الجميع ، فهل ينزع الجميع ؟ وجهان .
قلت : كذا أطلقوا الوجهين بلا ترجيح ، وينبغي أن يكون أرجحهما عدم النزع . والله أعلم .
فرع
، فالحكم كما في البناء على الخشبة . وإن خيط به جرح حيوان ، فهو قسمان . محترم ، وغيره . والمحترم نوعان . آدمي وغيره . الخيط المغصوب إن خيط به ثوب ونحوه
[ ص: 56 ] أما الآدمي : فإن خيف من نزعه هلاكه لم ينزع ، وعلى الغاصب قيمته . ثم إن خاط جرح نفسه ، فالضمان مستقر عليه . وإن خاط جرح غيره بإذنه وهو عالم بالغصب ، فقرار الضمان على المجروح . وإن كان جاهلا ، فعلى الخلاف فيما إذا أطعم المغصوب رجلا . وفي معنى خوف الهلاك خوف كل محذور يجوز العدول إلى التيمم من الوضوء وفاقا وخلافا .
وأما غير الآدمي ، فضربان . مأكول ، وغيره فغيره ، له حكم الآدمي ، إلا أنه لا اعتبار ببقاء الشين [ فيه ] . وأما المأكول ، فإن كان لغير الغاصب لم ينزع ، وإن كان للغاصب فقولان . وقيل : وجهان . أظهرهما : لا يذبح كغير المأكول . وإذا مات الحيوان وفيه الخيط . فإن كان غير آدمي نزع ، وكذا إن كان آدميا على الأصح .
وأما غير المحترم فلا يبالى بهلاكه ، فينزع منه الخيط . ومن هذا القسم : الخنزير ، والكلب العقور ، وكذا الكلب الذي لا منفعة فيه ، قاله الإمام . وكذا المرتد على المذهب ، وبه قطع الأكثرون . وذكر الإمام فيه وجهين ، وادعى أن الأوجه : منع النزع ، لأن المثلة بالمرتد محرمة ، بخلاف المثلة بالميت ، لأنا نتوقع عود المرتد إلى الإسلام . ومن هذا القسم الحربي . وأما الزاني المحصن ، والمحارب ، فقال المتولي : هما على الوجهين فيما إذا مات وفيه الخيط ، لأن تفويت روحه مستحق ، وحيث قلنا : لا ينزع ، يجوز غصب الخيط ابتداء ليخاط به الجرح إذا لم يوجد خيط حلال . وحيث قلنا : ينزع ، لا يجوز .
قلت : وحيث بلي الخيط ، فلا نزع مطلقا ، بل تجب القيمة . والله أعلم . [ ص: 57 ]
فرع
، فإن كان بتفريط صاحب البيت ، بأن غصبه وأدخله ، نقض ولم يغرم صاحب الفصيل شيئا . وإن كان بتفريط صاحب الفصيل ، نقض البناء ، ولزمه أرش النقض . وإن دخل بنفسه نقض أيضا ، ولزم صاحب الفصيل أرش النقص على المذهب ، وبه قطع العراقيون . وقيل : وجهان . ثانيهما : لا أرش عليه . حصل فصيل رجل في بيت رجل ، ولم يمكن إخراجه إلا بنقض البناء
فرع
، فإن وقع بفعل صاحب المحبرة عمدا أو سهوا كسرت ، ولا غرم على صاحب الدينار ، وإن وقع بفعل صاحبه ، أو بلا تفريط من أحد كسرت ، وعلى صاحبه الأرش . وقال وقع دينار في محبرة ، ولا يخرج إلا بكسرها ابن الصباغ : إذا لم يفرط أحد ، والتزم صاحب المحبرة ضمان الدينار ينبغي أن لا تكسر ، لزوال الضرر بذلك ، وهذا الاحتمال عائد في صورة البيت والفصيل .
فرع
، فإن كان معها صاحبها ، فهو مفرط بترك الحفظ . فإن كانت غير مأكولة كسرت القدر ، وعليه أرش النقص . وإن كانت مأكولة ، ففي ذبحها وجهان ، كمسألة الخيط . وإن لم يكن معها أحد ، فإن فرط صاحب القدر ، بأن وضع القدر في موضع لا حق له فيه كسرت ، ولا أرش له . وإن لم يفرط كسرت ، وغرم صاحب البهيمة الأرش ، ولم [ ص: 58 ] يذكروا هذا التفصيل بين المأكول وغيره في مسألة الفصيل ، والوجه : التسوية . أدخلت بهيمة رأسها في قدر ، ولم يخرج إلا بكسرها
فرع
سيأتي إن شاء الله تعالى القول في أن ما تتلفه البهيمة ، متى يضمنه مالكها في بابه . فإذا ابتلعت شيئا واقتضى الحال الضمان ، نظر ، إن كان مما يفسد بالابتلاع ، ضمنه . وإن كان مما لا يفسد كاللؤلؤ ، فإن كانت غير مأكولة ، لم تذبح ، وغرم قيمة المبتلع للحيلولة . وإن كانت مأكولة ، ففي ذبحها الوجهان .
فرع
لو ، فإن لم يكن الثمن مقبوضا انفسخ البيع ، وهذه بهيمة لبائعها ابتلعت مال المشتري ، إلا أن يقتضي الحال وجوب الضمان على صاحب البهيمة ، فيستقر العقد ، ويكون ما جرى قبضا للثمن بناء على أن إتلاف المشتري قبض منه . وإن كان الثمن مقبوضا ، لم ينفسخ البيع ، وهذه بهيمة للمشتري ابتلعت مال البائع . باع بهيمة بثمن معين فابتلعته