الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 87 ] فصل القسم الثاني : nindex.php?page=treesubj&link=6118إجارتها لعمل معلوم كإجارة الدابة للركوب إلى موضع معين أو بقر لحرث مكان أو دياس زرع أو استئجار عبد ليدله على طريق أو رحى لطحن قفزان معلومة فيشترط معرفة العمل وضبطه بما لا يختلف .
( القسم الثاني nindex.php?page=treesubj&link=6118إجارتها ) أي العين ( لعمل معلوم ) لأن الإجارة عقد معاوضة فوجب أن يكون العوض فيها معلوما لئلا يفضي إلى التنازع والاختلاف كالبيع ( كإجارة الدابة للركوب إلى موضع معين أو بقر لحرث مكان ) لأنها خلقت له ، وقد أخرجاه في " الصحيحين " ، وتعتبر معرفة الأرض بالمشاهدة لاختلافها بالصلابة والرخاوة ، وتقدير العمل إما بالمدة كيوم ، وإما بمعرفة الأرض كهذه ، أو بالمساحة كجريب ، فإن قدره بالمدة فلا بد من معرفة البقر التي تعمل عليها ; لأن الغرض يختلف باختلافها ، ويجوز أن يستأجرها مفردة ليتولى رب الأرض الحرث بها ومع صاحبها بآلتها وبدونها ، وتكون الآلة من عند صاحب الأرض ( أو دياس زرع ) لأنها منفعة مباحة مقصودة كالحرث ، وليس ذلك خاصا بها لكن إن كان على مدة احتيج إلى معرفة الحيوان ; لأن الغرض يختلف فمنه ما روثه طاهر ومنه ما هو نجس ولا يحتاج إلى معرفة عينه ، وإن كان على زرع معين ، أو موصوف فلا كالحرث .
فائدة : يجوز اكتراء الحيوان لغير ما خلق له كالبقر للركوب ، أو الحمل ، والإبل ، والحمر للحرث ; لأنها منفعة مقصودة أمكن استيفاؤها من الحيوان لم يرد الشرع بتحريمها فجاز كالتي خلقت له ، وقولها : إنما خلقت للحرث ، أي معظم نفعها ، ولا يمنع ذلك الانتفاع بها في شيء آخر .
( أو استئجار عبد ليدله على طريق ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر [ ص: 88 ] استأجرا عبد الله بن الأريقط هاديا خريتا - وهو الماهر بالهداية - ليدلهما على الطريق إلى المدينة ، ولو عبر بمن لعم ( أو رحى لطحن قفزان معلومة ) ويحتاج إلى معرفة جنس المطحون ; لأنه يختلف ، فمنه ما يسهل ، ومنه ما يعسر فلا بد من معرفته لتزول الجهالة ( فيشترط معرفة العمل وضبطه بما لا يختلف ) لأن العمل إذا لم يكن معروفا مضبوطا بما ذكر يكون مجهولا فلا تصح الإجارة معه ; لأن العمل هو المعقود عليه ، فاشترط معرفته وضبطه بما ذكر كالمبيع .
مسائل : الأولى : يجوز nindex.php?page=treesubj&link=6118استئجار بهيمة لإدارة الرحى ، وتفتقر إلى معرفة الحجر بالمشاهدة أو الصفة ; لأن عملهما فيه يختلف ، وإلى تقدير العمل بالزمان كيوم ، أو بالطعام كقفيز ، ويذكر جنسه إن اختلف ، وإن أكراها لإدارة دولاب فلا بد من مشاهدته ، ويقدر بالزمان وملء الحوض .
الثانية : يجوز استئجار كيال أو وزان لعمل معلوم أو في مدة معينة بغير خلاف .
الثالثة : يجوز أن يستأجر رجلا ليلازم غريما يستحق ملازمته ، وعنه : يكره ، وعنه : لا بأس به .
الرابعة : يجوز الاستئجار لحفر الآبار ، والأنهار ، والقني كالخدمة ، ولا بد من تقدير العمل ، ويفتقر إلى معرفة الأرض في الأصح ، فإذا حفر بئرا فعليه شيل التراب ، فإن تهرر من جانبيه ، أو سقطت بهيمة لم يلزمه شيله وكان على صاحب الأرض ، فإن وصل إلى صخرة أو جماد يمنع الحفر لم يلزمه وله [ ص: 89 ] الفسخ ، فإن فسخ فله من الأجر بقسط ما عمل ، فيقسط الأجر على ما عمل وعلى ما بقي ولا يقسط على أذرع ونحوه ; لأن أعلاه يسهل نقل التراب منه بخلاف أسفله ، ونبع الماء منه كالصخرة إذا ظهرت .
الخامسة : يجوز أن يستأجر من يبيع له أثوابا معينة ، فإن استأجره على شراء ثياب معينة من رجل معين ، أو على بيعها من رجل معين ففي الصحة احتمالان .