الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب النذر وهو : أن يلزم نفسه لله تعالى شيئا ولا يصح إلا من مكلف ، مسلما كان أو كافرا ، ولا يصح إلا بالقول ، وإن نواه من غير قول لم يصح ، ولا يصح في محال ولا واجب ، فلو قال : لله علي صوم أمس ، أو صوم رمضان ، لم ينعقد .
يقال : نذرت أنذر ـ بكسر الذال وضمها ـ نذرا ، فأنا ناذر ، أي : أوجب على نفسه شيئا تبرعا ، والأصل فيه بعد الإجماع قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يوفون بالنذر ] الإنسان : 7 [ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=29وليوفوا نذورهم ] الحج : 29 [ وقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339513من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث عائشة ، ويتعين الوفاء به ، ولا يستحب ، لنهيه عليه السلام عنه ، وقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340894إنه لا يأتي بخير ، وإنما يستخرج به من البخيل . متفق عليه . وهذا نهي كراهة ، لأنه لو كان حراما ، لما مدح الموفين به ، لأن ذمهم من ارتكاب المحرم أشد من طاعتهم في وفائه ، ولو كان مستحبا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقال ابن حامد : [ ص: 325 ] لا يرد قضاء ، ولا يملك به شيئا محدثا ، وتوقف الشيخ تقي الدين في تحريمه ، وحرمه طائفة من أهل الحديث ، وقال ابن حامد : المذهب مباح ( وهو : أن يلزم نفسه لله تعالى شيئا ) يحترز به عن الواجب بالشرع ، فيقول : لله علي كذا ، وقال ابن عقيل : إلا مع دلالة حال ، وفي المذهب : بشرط إضافته ، فيقول : لله علي ( ولا يصح إلا من مكلف ) nindex.php?page=treesubj&link=4164فلا ينعقد من غير مكلف ، كالإقرار وكالطفل ( مسلما كان أو كافرا ) ذكر في المستوعب وغيره : أنهما سواء ، وشرطه : أن يكون مختارا ، أما الأول ، فظاهر ، وأما الثاني فيصح منه ، ولو بعبادة ، نص عليه ، لحديث عمر : إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340895أوف بنذرك وهو قول المغيرة ، والمخزومي ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، وقال الأكثر : لا يصح نذره ، وحملوا خبر عمر على الندب ، وقيل : يصح منه غير عبادة ، لأن نذره لها كالعبادة لا اليمين ( nindex.php?page=treesubj&link=4196ولا يصح إلا بالقول ) لأنه التزام ، فلم ينعقد بغيره ، كالنكاح والطلاق ( وإن نواه من غير قول لم يصح ) كاليمين ( ولا يصح في محال ولا واجب ، فلو قال : لله علي صوم أمس ، أو صوم رمضان ، لم ينعقد ) وفيه مسألتان : الأولى : أنه لا ينعقد nindex.php?page=treesubj&link=4194نذر المستحيل ، كصوم أمس ، قدمه في الكافي ، وجزم به في الوجيز وغيره ، لأنه لا يتصور انعقاده ، والوفاء به أشبه اليمين على المستحيل ، وقيل : تجب الكفارة ، قال المؤلف : والصحيح في المذهب أن النذر كاليمين ، وموجبه موجبها ، إلا في لزوم الوفاء به إذا كان قربة ، وأمكنه فعله ، بدليل قوله عليه السلام لأخت عقبة ، لما نذرت المشي ، ولم تطقه ، فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=2006174لتكفر عن يمينها ، ولتركب ، وفي رواية : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340896ولتصم ثلاثة [ ص: 326 ] أيام . قال أحمد : أذهب إليه ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340897كفارة النذر كفارة اليمين . رواه مسلم . ولأنه قد ثبت أن حكمه حكم اليمين في أحد أقسامه ، وهو نذر اللجاج ، فكذلك في سائره ، سوى ما استثناه الشرع .
الثانية : أنه لا ينعقد nindex.php?page=treesubj&link=4178نذر الواجب ، كصوم رمضان ، قاله أكثر أصحابنا ، لأن النذر التزام ، ولا يصح التزام ما هو لازم ، والمذهب أنه ينعقد موجبا لكفارة يمين إن تركه ، كما لو حلف لا يفعله ففعله ، فإن النذر كاليمين .
فرع : nindex.php?page=treesubj&link=4178_4176من نذر فعل واجب أو حرام أو مكروه أو مباح ، انعقد نذره موجبا للكفارة إن لم يفعل ، مع بقاء الوجوب والتحريم ، والكراهة ، والإباحة بحالهن ، كما لو حلف على فعل ذلك ، وعنه : أنه لاغ ، ولا كفارة فيه .