الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
الثالث : العاملون عليها ، وهم الجباة لها والحافظون ، ويشترط كون العامل أمينا مسلما من غير ذوي القربى ، ولا يشترط حريته وفقره ، وقال القاضي : لا يشترط إسلامه ولا كونه من غير ذوي القربى ، وإن تلفت الزكاة في يده من غير تفريط ، أعطي أجرته من بيت المال .
( الثالث : nindex.php?page=treesubj&link=3243العاملون عليها ) للنص ( وهم الجباة لها ، والحافظون ) كالكاتب والقائم ونحوهما لدخولهم في مسمى العامل ( ويشترط كون العامل ) مكلفا ( أمينا ) وفي " الفروع " ومرادهم بها العدالة ، وفيه نظر ، ( مسلما ) في رواية ؛ وهي المذهب ؛ لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لا تتخذوا بطانة من دونكم [ آل عمران : 118 ] [ ص: 418 ] لأنها ولاية ؛ ولاشتراط الأمانة أشبه الشهادة ؛ وهي تفتقر إلى العلم ومقادير الزكاة وقبول قولهم من المأخوذ منه ، والكافر ليس أهلا لذلك ، قال عمر : لا تأمنوهم ، وقد خونهم الله ، ويجوز أن يكون حاملها وراعيها ونحوهما كافرا ( من غير ذوي القربى ) هذا وجه ، وفي ابن المنجا أنه المذهب ، وجزم به في " الوجيز " ؛ " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339402لأن nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس ، والمطلب بن ربيعة سألا النبي - صلى الله عليه وسلم - العمالة على الصدقات فقال : إن الصدقة لا تحل لمحمد ، ولا لآل محمد " وهو نص في التحريم ، فلا يجوز مخالفته إلا أن يدفع إليه أجرته من غير الزكاة ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " ( ولا يشترط حريته ) ؛ لأنه يحصل منه المقصود كالحر ، وفيه وجه : يشترط لكماله ، وقيل : يشترط في عمالة تفويض لا تنفيذ ، ( وفقره ) إجماعا ؛ لأنه - عليه السلام - أرسل عمر عاملا ، وكان غنيا ؛ ولأن ما يأخذه أجرة ، ( وقال القاضي : لا يشترط إسلامه ) في رواية ، واختارها الأكثر ؛ لأنه يأخذه بحق جبايته ، ولهذا قال ابن عقيل nindex.php?page=showalam&ids=12838وأبو يعلى الصغير : يصح أن يوكله الوصي في مال اليتيم بيعا وابتياعا ، وليس بظاهر ، وفي " الأحكام السلطانية " يجوز أن يكون كافرا في زكاة خاصة عرف قدرها ، ( ولا كونه من غير ذوي القربى ) في أشهر الوجهين ، قال المجد : هو ظاهر المذهب كقرابة رب المال من والد وولد ، وكجباية الخراج ، والحديث محمول على التنزيه قال ابن منجا : وفيه نظر ، وقيل : إن منعوا الخمس ، وظاهره أنه لا يشترط ذكوريته ، قال في " الفروع " : وهذا متوجه ، وفيه نظر من جهة أنه لم يرد ما يدل عليه ، ومن تعليلهم بالولاية [ ص: 419 ] ولا فقهه ، واشترط في " الأحكام السلطانية " إن كان من عمال التفويض ، وإن كان منفذا فلا ؛ لأن الإمام عين له ما يأخذه .
وأطلق جماعة أنه لا يشترط إذا كتب له ما يأخذه ، كسعاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ( وإن nindex.php?page=treesubj&link=26210تلفت الزكاة في يده من غير تفريط ) فلا ضمان عليه ؛ لأنه أمين ( أعطي أجرته من بيت المال ) ؛ لأنه من مصالح المسلمين ، وهذا منها ، وقيل : لا يعطى شيئا ، قال ابن تميم : واختاره صاحب " المحرر " ، وظاهره أنها إذا لم تتلف أعطي أجرته منها ، وإن جاوز الثمن ؛ لأن ما يأخذه العامل أجرة في المنصوص ، وعنه : له الثمن مما يجتنيه ، قال المجد : فعليها إن جاوزت أجرته الثمن أعطيه من المصالح ، ويقدم بأجرته على غيره ، وله الأخذ ، وإن تطوع بعمله ؛ للخبر ، والأصح أنه إذا جعل له جعل على عمل ، لم يستحق شيئا قبل تعميله ، وإن عقد له إجارة ، وعين له أجرة مما يأخذه ، فلا شيء له عند تلف ما أخذه ، وإن لم يعين أو بعثه الإمام ، ولم يسم له شيئا أعطي من بيت المال .
تنبيه : إذا ادعى المالك دفعها إلى العامل فأنكر ، صدق المالك بلا يمين ، وحلف العامل وبرئ ، ويقبل قول العامل في الدفع إلى الفقير ، وكذا إقراره بقبضها ، ولو عزل ، ولا يلزمه رفع حساب ما تولاه إذا طلب منه ، جزم به ابن تميم ، وقيل : بلى ، وقيل : مع تهمته ، وتقبل شهادة أرباب الأموال عليه في وضعها في غير موضعها لا في أخذها منهم ، وإن شهد به بعضهم لبعض قبل التخاصم ، قبل وغرم العامل ، وإلا فلا ، وإن شهد أهل السهمان عليه أو له ، لم يقبل ، وإن عمل إمام أو نائبه عليها لم يستحق منها شيئا .