[ ص: 517 ] فصل
ومن الفوائد في هذه الطريقة
nindex.php?page=treesubj&link=20656الاحتياط في اجتناب الرخص في القسم المتكلم فيه ، والحذر من الدخول فيه ; فإنه موضع التباس ، وفيه تنشأ خدع الشيطان ومحاولات النفس ، والذهاب في اتباع الهوى على غير مهيع ، ولأجل هذا أوصى شيوخ
الصوفية تلامذتهم بترك اتباع الرخص جملة ، وجعلوا من أصولهم الأخذ بعزائم العلم ، وهو أصل صحيح مليح ، مما أظهروا من فوائدهم ـ رحمهم الله ـ ، وإنما يرتكب من الرخص ما كان مقطوعا به أو صار شرعا مطلوبا كالتعبدات أو كان ابتدائيا كالمساقاة ، والقرض ; لأنه حاجي ، وما سوى ذلك ; فاللجأ إلى العزيمة .
- ومنها : أن يفهم معنى الأدلة في رفع الحرج على مراتبها ; فقوله عليه الصلاة والسلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337447إن الله يحب أن تؤتى رخصه فالرخص التي هي محبوبة ما ثبت الطلب فيها ; فإنا إذا حملناها على المشقة الفادحة التي قال في مثلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337450ليس من البر الصيام في السفر ، كان موافقا لقوله
[ ص: 518 ] تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر [ البقرة : 185 ] .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=28يريد الله أن يخفف عنكم [ النساء : 28 ] .
بعد ما قال في الأولى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وأن تصوموا خير لكم [ البقرة : 184 ] .
وفي الثانية :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وأن تصبروا خير لكم [ النساء : 25 ] .
فليتفطن الناظر في الشريعة إلى هذه الدقائق ; ليكون على بينة في المجاري الشرعيات ، ومن تتبع الأدلة الشرعية في هذا المقام تبين له ما ذكر أتم بيان ، وبالله التوفيق ، هذا تقرير وجه النظر في هذا الطرف .
[ ص: 517 ] فَصْلٌ
وَمِنَ الْفَوَائِدِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=20656الِاحْتِيَاطُ فِي اجْتِنَابِ الرُّخَصِ فِي الْقِسْمِ الْمُتَكَلَّمِ فِيهِ ، وَالْحَذَرُ مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ ; فَإِنَّهُ مَوْضِعُ الْتِبَاسٍ ، وَفِيهِ تَنْشَأُ خُدَعُ الشَّيْطَانِ وَمُحَاوَلَاتُ النَّفْسِ ، وَالذَّهَابُ فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى عَلَى غَيْرِ مَهْيَعٍ ، وَلِأَجْلِ هَذَا أَوْصَى شُيُوخُ
الصُّوفِيَّةُ تَلَامِذَتَهُمْ بِتَرْكِ اتِّبَاعِ الرُّخَصِ جُمْلَةً ، وَجَعَلُوا مِنْ أُصُولِهِمُ الْأَخْذَ بِعَزَائِمِ الْعِلْمِ ، وَهُوَ أَصْلٌ صَحِيحٌ مَلِيحٌ ، مِمَّا أَظْهَرُوا مِنْ فَوَائِدِهِمْ ـ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ـ ، وَإِنَّمَا يَرْتَكِبُ مِنَ الرُّخَصِ مَا كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ أَوْ صَارَ شَرْعًا مَطْلُوبًا كَالتَّعَبُّدَاتِ أَوْ كَانَ ابْتِدَائِيًّا كَالْمُسَاقَاةِ ، وَالْقَرْضِ ; لِأَنَّهُ حَاجِيٌّ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ ; فَاللَّجَأُ إِلَى الْعَزِيمَةِ .
- وَمِنْهَا : أَنْ يُفْهَمَ مَعْنَى الْأَدِلَّةِ فِي رَفْعِ الْحَرَجِ عَلَى مَرَاتِبِهَا ; فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337447إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ فَالرُّخَصُ الَّتِي هِيَ مَحْبُوبَةٌ مَا ثَبَتَ الطَّلَبُ فِيهَا ; فَإِنَّا إِذَا حَمَلْنَاهَا عَلَى الْمَشَقَّةِ الْفَادِحَةِ الَّتِي قَالَ فِي مِثْلِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337450لَيْسَ مِنَ الْبَرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ ، كَانَ مُوَافِقًا لِقَوْلِهِ
[ ص: 518 ] تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [ الْبَقَرَةِ : 185 ] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=28يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ [ النِّسَاءِ : 28 ] .
بَعْدَ مَا قَالَ فِي الْأُولَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [ الْبَقَرَةِ : 184 ] .
وَفِي الثَّانِيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [ النِّسَاءِ : 25 ] .
فَلْيَتَفَطَّنِ النَّاظِرُ فِي الشَّرِيعَةِ إِلَى هَذِهِ الدَّقَائِقِ ; لِيَكُونَ عَلَى بَيِّنَةٍ فِي الْمَجَارِي الشَّرْعِيَّاتِ ، وَمِنْ تَتَبَّعَ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ فِي هَذَا الْمَقَامِ تَبَيَّنَ لَهُ مَا ذُكِرَ أَتَمَّ بَيَانٍ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ، هَذَا تَقْرِيرُ وَجْهِ النَّظَرِ فِي هَذَا الطَّرَفِ .