الملك الملقب بالمنتصر ، أبو إبراهيم ، إسماعيل بن ملوك ما وراء النهر ، ولد الملك نوح بن نصر بن نوح بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان الساماني البخاري .
طول الملك في هذا البيت ، وقد ولي جدهم إسماعيل ممالك خراسان للمعتضد .
وكان قد عزل من الملك منصور بن نوح ، واعتقل بسرخس ، وملكوا أخاه عبد الملك بن نوح فطمع في البلاد أيلك خان ، وحاربهم ، وظفر بعبد الملك ، وسجنه ، واستولى على بخارى ، فمات في السجن بعد قليل ، ثم قام المنتصر أخوهما ، فسجنه -أيضا- أيلك خان وأقاربه فيهرب المنتصر في هيئة امرأة كانت تتردد إلى السجن ، واختفى أمره ، فذهب إلى خوارزم ، فتلاحق به من بذ من بقايا السامانية ، حتى استقام أمره ، وكثر جيشه ، فأغار عسكره على بخارى ، وكبسوا بضعة عشر أميرا من الخانية ، وأسروهم ، وجاءوا بهم إلى المنتصر ، وهرب بقايا عسكر أيلك خان ، وجاء المنتصر ، وفرح به الرعية ، فجمع أيلك خان عساكره ، فعبر المنتصر إلى خراسان ، ثم حارب متولي نيسابور نصر بن سبكتكين أخا السلطان محمود ، وأخذ منه نيسابور ، فتنمر السلطان ، وطوى المفاوز ، ووافى نيسابور ، ففر [ ص: 93 ] منها المنتصر ، وجال في أطراف خراسان ، وجبى الخراج ، وصادر ، ووزن له شمس المعالي ثمانين ألف دينار ، وخيلا وبغالا مصانعة عن جرجان ، ثم إنه عاود نيسابور ، فهرب منها أخو السلطان ، فدخلها المنتصر ، وعثر أهلها ، ثم كان بينه وبين السلطان محمود ملحمة مشهودة ، وانهزم المنتصر إلى جرجان ، ثم التقى هو والعساكر السبكتكينية على سرخس ، وقتل خلق من الفريقين ، وتمزق جمع المنتصر ، وقتل أبطاله ، فسار يعتسف المهالك حتى وقع إلى محال الترك الغزية ، وكان لهم ميل إلى آل سامان ، فحركتهم الحمية له في سنة ثلاث وتسعين ، والتقوا أيلك خان ، وحاربوه ، ثم إن المنتصر تخيل منهم ، وهرب ، ثم راسل السلطان محمودا يذكر سلفه ، فعطف عليه ، ثم تماثل حاله ، وتمت له أمور طويلة .
وكان بطلا شجاعا مقداما ، وافر الهيبة ، ثم التقى بأيلك في شعبان سنة أربع ، فانهزم أيلك ، ثم حشد وجمع وأقبل ، فالتقوا أيضا ، فانهزم المنتصر بمخامرة عسكره وفر إلى بسطام ، وضاقت عليه المسالك ، ثم بيتوه ، وقتل ، وأسرت إخوته في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة حتى مات بين الطعن والضرب ميتة تقوم مقام النصر إذ فاته النصر ، كما قيل :
وأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من دون أخمصك الحشر