والعاقلة : هي العصبة والأقارب من قبل الأب الذين يعطون دية قتيل الخطأ ، وهي صفة جماعة عاقلة ، وأصلها اسم فاعلة من العقل ، وهي من الصفات الغالبة .
ومنه الحديث . الدية على العاقلة
[ ص: 279 ] * والحديث الآخر لا تعقل العاقلة عمدا ، ولا عبدا ، ولا صلحا ، ولا اعترافا أي أن كل جناية عمد فإنها من مال الجاني خاصة ، ولا يلزم العاقلة منها شيء ، وكذلك ما اصطلحوا عليه من الجنايات في الخطإ . وكذلك إذا اعترف الجاني بالجناية من غير بينة تقوم عليه ، وإن ادعى أنها خطأ لا يقبل منه ولا تلزم بها العاقلة . وأما العبد فهو أن يجني على حر فليس على عاقلة مولاه شيء من جناية عبده ، وإنما جنايته في رقبته ، وهو مذهب أبي حنيفة .
وقيل : هو أن يجني حر على عبد فليس على عاقلة الجاني شيء ، إنما جنايته في ماله خاصة ، وهو قول وهو موافق لكلام العرب ، إذ لو كان المعنى على الأول لكان الكلام " لا تعقل العاقلة على عبد " ولم يكن " لا تعقل عبدا " واختاره ابن أبي ليلى ، الأصمعي وأبو عبيد .
( هـ ) ومنه الحديث كتب بين قريش والأنصار كتابا فيه : المهاجرون من قريش على رباعتهم يتعاقلون بينهم معاقلهم الأولى أي يكونون على ما كانوا عليه من أخذ الديات وإعطائها . وهو تفاعل من العقل . والمعاقل : الديات ، جمع معقلة . يقال : بنو فلان على معاقلهم التي كانوا عليها : أي مراتبهم وحالاتهم .
* ومنه حديث عمر " إن رجلا أتاه فقال : إن ابن عمي شج موضحة ، فقال : أمن أهل القرى أم من أهل البادية ؟ قال : من أهل البادية ، فقال عمر : إنا لا نتعاقل المضغ بيننا " المضغ : جمع مضغة وهي : القطعة من اللحم قدر ما يمضغ في الأصل ، فاستعارها للموضحة وأشباهها من الأطراف كالسن والإصبع ، مما لم يبلغ ثلث الدية ، فسماها مضغة تصغيرا لها وتقليلا . ومعنى الحديث أن أهل القرى لا يعقلون عن أهل البادية ، ولا أهل البادية عن أهل القرى في مثل هذه الأشياء . والعاقلة لا تحمل السن والإصبع والموضحة وأشباه ذلك .
( هـ ) ومنه حديث " ابن المسيب " يعني أنها تساويه فيما كان من أطرافها إلى ثلث الدية ، فإذا تجاوزت الثلث ، وبلغ العقل نصف الدية صارت دية المرأة على النصف من دية الرجل . المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث ديتها
ومنه حديث جرير إنما أمر لهم بالنصف بعد علمه بإسلامهم ; لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار ، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره ، فتسقط حصة جنايته من الدية . فاعتصم ناس منهم بالسجود ، فأسرع فيهم القتل ، فبلغ ذلك النبي [ ص: 280 ] - صلى الله عليه وسلم - فأمر لهم بنصف العقل
( هـ ) وفي حديث أبي بكر لو منعوني عقالا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه أراد بالعقال : الحبل الذي يعقل به البعير الذي كان يؤخذ في الصدقة ; لأن على صاحبها التسليم . وإنما يقع القبض بالرباط .
وقيل : أراد ما يساوي عقالا من حقوق الصدقة .
وقيل : إذا أخذ المصدق أعيان الإبل قيل : أخذ عقالا ، وإذا أخذ أثمانها قيل : أخذ نقدا . وقيل : أراد بالعقال صدقة العام . يقال : أخذ المصدق عقال هذا العام : أي أخذ منهم صدقته . وبعث فلان على عقال بني فلان : إذا بعث على صدقاتهم . واختاره أبو عبيد ، وقال هو أشبه عندي بالمعنى .
وقال الخطابي : إنما يضرب المثل في مثل هذا بالأقل لا بالأكثر ، وليس بسائر في لسانهم أن العقال صدقة عام ، وفي أكثر الروايات " لو منعوني عناقا " وفي أخرى " جديا " .
قلت : قد جاء في الحديث ما يدل على القولين .
* فمن الأول حديث عمر " أنه كان يأخذ مع كل فريضة عقالا ورواء ، فإذا جاءت إلى المدينة باعها ثم تصدق بها " .
* وحديث محمد بن مسلمة " أنه كان يعمل على الصدقة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان يأمر الرجل إذا جاء بفريضتين أن يأتي بعقاليهما وقرانيهما " .
ومن الثاني حديث عمر " أنه أخر الصدقة عام الرمادة ، فلما أحيا الناس بعث عامله فقال : اعقل عنهم عقالين فاقسم فيهم عقالا وأتني بالآخر " يريد صدقة عامين .
* وفي حديث معاوية " أنه استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب ، فاعتدى عليهم ، فقال ابن العداء الكلبي : [ ص: 281 ]
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
نصب عقالا على الظرف ، أراد مدة عقال .* وفيه كالإبل المعقلة أي المشدودة بالعقال ، والتشديد فيه للتكثير .
* ومنه حديث علي وحمزة والشرب .
وهن معقلات بالفناء .
ومنه حديث عمر " كتب إليه أبيات في صحيفة ، منها :
فما قلص وجدن معقلات قفا سلع بمختلف التجار
يعقلهن جعدة من سليم
أراد أنه يتعرض لهن ، فكنى بالعقل عن الجماع : أي أن أزواجهن يعقلونهن ، وهو يعقلهن أيضا ، كأن البدء للأزواج والإعادة له .* وفي حديث ظبيان " إن ملوك حمير ملكوا معاقل الأرض وقرارها " المعاقل : الحصون ، واحدها : معقل .
* ومنه الحديث الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل أي ليتحصن ويعتصم ويلتجئ إليه كما يلتجئ الوعل إلى رأس الجبل . ليعقلن الدين من
* وفي حديث أم زرع واعتقل خطيا اعتقال الرمح : أن يجعله الراكب تحت فخذه ويجر آخره على الأرض وراءه .
ومنه حديث عمر " من اعتقل الشاة وحلبها وأكل مع أهله فقد برئ من الكبر " هو أن يضع رجلها بين ساقه وفخذه ، ثم يحلبها .
[ ص: 282 ] * وفي حديث علي " المختص بعقائل كراماته " جمع عقيلة ، وهي في الأصل : المرأة الكريمة النفيسة ، ثم استعمل في الكريم النفيس من كل شيء من الذوات والمعاني .
* وفي حديث الزبرقان " أحب صبياننا إلينا الأبله العقول " هو الذي يظن به الحمق ، فإذا فتش وجد عاقلا . والعقول : فعول منه للمبالغة .
( س ) ومنه حديث " عمرو بن العاص تلك عقول كادها بارئها " أي أرادها بسوء .
( س ) وفيه إنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - فرس يسمى ذا العقال العقال بالتشديد : داء في رجلي الدواب ، وقد يخفف ، سمي به لدفع عين السوء عنه .
قال الجوهري : وذو عقال اسم فرس .
( هـ ) وفي حديث الدجال ثم يأتي الخصب فيعقل الكرم أي يخرج العقيلى وهي الحصرم .