الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله تعالى: لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين

                                                                                                                                                                                          قال الله تعالى: لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش قال محمد بن كعب والضحاك والسدي وغيرهم: المهاد: الفراش، والغواش: اللحف .

                                                                                                                                                                                          وقال الحسن في قوله تعالى: وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا قال: فراشا ومهادا .

                                                                                                                                                                                          وقال قتادة : محبسا حصروا فيها .

                                                                                                                                                                                          وروى مسكين عن حوشب عن الحسن أنه كان إذا ذكر أهل النار قال في وصفهم: قد حذيت لهم نعال من نار وسرابيل من قطران، وطعامهم من نار، وشرابهم من نار وفرش من نار ولحف من نار ومساكن من نار، في شر دار وأسوأ عذاب في الأجساد أكلا أكلا، وصهرا صهرا، وحطما حطما .

                                                                                                                                                                                          وروى داود بن المحبر عن الحسن بن واصل، وعبد الواحد بن زيد عن [ ص: 482 ] الحسن، قال: إن رجلا من صدر هذه الأمة كان إذا دخل المقابر نادى: يا أهل القبور بعد الرفاهية والنعيم معالجة الأغلال في النار، وبعد القطن والكتان لباس القطران، ومقطعات للنيران، وبعد تلطف الخدم والحشم، ومعانقة الأزواج، مقارنة الشيطان في نار جهنم مقرنين في الأصفاد .

                                                                                                                                                                                          وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن وهب بن منبه ، قال: أما أهل النار الذين هم أهلها فهم في النار لا يهدؤون ولا ينامون ولا يموتون، ويمشون على النار، ويجلسون على النار، ويشربون من صديد أهل النار، ويأكلون من زقوم النار، فرشهم ولحفهم نار، وقمصهم نار وقطران، وتغشى وجوههم النار، وجميع أهل النار في سلاسل بأيدي الخزنة أطرافها يجذبون مقبلين ومدبرين، فيسيل صديدهم إلى حفر في النار، فذلك شرابهم، قال: ثم بكى وهب حتى سقط مغشيا عليه . وغلب بكر بن خنيس عند روايته هذا الحديث البكاء حتى قام فلم يقدر أن يتكلم، وبكى محمد بن جعفر بكاء شديدا .

                                                                                                                                                                                          وبإسناده عن هداب، قال: أقبلت أم يحيى بن زكريا على يحيى في ثوب تعالجه له ليلبسه، فقال لها: أفعل، فقالت: من أي شيء؟ قال من شعر . قالت: يا بني إذا يأكل لحمك، قال: يا أمه، إذا ذكرت مقطعات أهل النار لان علي جلدي . وكان عطاء الخراساني ينادي أصحابه في السفر: يا فلان ويا فلان قيام هذا الليل وصيام هذا النهار أيسر من شراب الصديد ومقطعات الحديد ألواحا ثم ألواحا ثم ألواحا، ثم يقبل على صلاته .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية