الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا [ ص: 529 ] بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون

                                                                                                                                                                                          ومن أعظم خصال النفاق العملي: أن يعمل الإنسان عملا، ويظهر أنه قصد به الخير، وإنما عمله ليتوصل به إلى غرض له سيئ فيتم له ذلك . ويتوصل بهذه الخديعة إلى غرضه، ويفرح بمكره وخداعه وحمد الناس له على ما أظهره، وتوصل به إلى غرضه السيئ الذي أبطنه، وهذا قد حكاه الله في القرآن عن المنافقين واليهود، فحكى عن المنافقين أنهم:والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون وأنزل في اليهود: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم وهذه الآية نزلت في اليهود، سألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكتموه، وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أنهم قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم وما سئلوا عنه . قال ذلك ابن عباس ، وحديثه مخرج في "الصحيحين " . وفيهما - أيضا -: عن أبي سعيد أنها نزلت في رجال من المنافقين كانوا إذا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلافه، فإذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغزو اعتذروا إليه، وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية