السمين : «العامل في «إذا» إما فعل القسم المحذوف وتقديره : أقسم بالنجم وقت هويه» . قال أبو البقاء وغيره : «وهو مشكل ، فإن فعل القسم إنشاء ، والإنشاء حال . و«إذا» لما يستقبل من الزمان ، فكيف يتلاقيان؟ . [ ص: 30 ]
الطيبي نقلا عن المقتبس : «الوجه أن «إذا» قد انسلخ عنها معنى الاستقبال ، وصار للوقت المجرد ، ونحوه : آتيك إذا احمر البسر ، أي وقت احمراره ، فقد عري عن معنى الاستقبال لأنه وقت الغيبة عنه ، بقوله : آتيك» .
قال الشيخ عبد القاهر : «إخبار الله تعالى بالمتوقع مقام الإخبار بالواقع ، إذ لا تكلف فيه ، فيجري المستقبل مجرى المحقق الماضي» .
السمين : «وإما مقدر على أنه حال من النجم ، إذ أقسم به حال كونه مستقرا في زمان هويه . وهو مشكل من وجهين : أحدهما : أن النجم جثة والزمان لا يكون حالا عنها ، كما لا يكون خبرا ، الثاني : «إذا» للمستقبل ، فكيف تكون حالا؟ .
وأجيب عن الأول : المراد بالنجم القطعة من القرآن ، والقرآن نزل منجما في عشرين سنة . وهذا تفسير وغيره . وعن الثاني : بأنها حال مقدرة ، وأما العامل فهو نفس النجم الذي أريد به القرآن ، قاله ابن عباس أبو البقاء . وفيه نظر لأن القرآن لا يعمل في الظرف ، إذا أريد به أنه اسم لهذا الكتاب المخصوص . وقد يقال إن النجم بمعنى المنجم كأنه قيل : والقرآن المنجم في هذا الوقت» .
المصباح : هوى يهوي من باب ضرب هويا بضم الهاء وفتحها ، وزاد هواء بالمد ، سقط من أعلى إلى أسفل قاله ابن القوطية أبو زيد وغيره» . قال الشاعر :
فشج بها الأماعز وهي تهوي هوي الدلو أسلمها الرشاء
يروى بالفتح والضم .«الهوى سقوط من علو» . ثم قال : «والهوي ذهاب في انحدار والهوي ذهاب في ارتفاع» . وقيل : «هوى في اللغة مقصده السفل أو مصيره إليه وإن لم يقصده» . وقال أهل اللغة : هوى بفتح الواو يهوي هويا سقط من علو ، وهوى يهوى هوى أي صبا . الراغب :
: هوى وانهوى فيه لغتان بمعنى وقد جمعهما الشاعر في قوله : . القرطبي
وكم منزل لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قلة النيق منهوي
الإمام الرازي : «الفائدة في تقييد القسم بالنجم بوقت هويه أنه إذا كان في وسط السماء بعيدا عن الأرض لا يهتدي به الساري ، لأنه لا يعلم به المشرق من المغرب ولا الجنوب من الشمال : فإذا زال تبين بزواله ، وتميز جانب عن جانب ، كذلك النبي صلى الله عليه وسلم خفض جناحه [ ص: 31 ] للمؤمنين ، وكان على خلق عظيم وخص الهوي دون الطلوع لعموم الاهتداء به في الدين والدنيا . أما الدنيوي فلما ذكر ، وأما الديني فكما قال الخليل صلى الله عليه وسلم لا أحب الآفلين [الأنعام : 76] وفيه لطيفة وهي أن . القسم بالنجم يقتضي تعظيمه ، وقد كان من المشركين من يعبده ، فنبه بهويه على عدم صلاحيته للإلهية ، وهويه أفوله