الحكمة الأولى
قال بديع الزمان النُّورْسي:
إن الله سبحانه وتعالى قد خلق وجه الأرض مائدة ممتدة عامرة بالنِّعَم التي لا يحصرها العدُّ، وأعدها إعداداً بديعاً من حيث لا يحتسبه الإنسان. فهو سبحانه يبين بهذا الوضع كمال ربوبيته ورحمانيته ورحيميته، بيد أن الإنسان لا يبصر تماماً -تحت حجاب الغفلة وضمن ستائر الأسباب- الحقيقة الباهرة التي يفيدها، ويعبر عنها هذا الوضع، وقد ينساها.
أما في رمضان المبارك، فالمؤمنون يصبحون فوراً في حكم جيش منظم، يتقلدون جميعاً وشاح العبودية لله، ويكونون في وضع متأهب قبيل الإفطار؛ لتلبية أمر القادر الأزلي: "تفضلوا" إلى مائدة ضيافته الكريمة...فيقابلون -بوضعه هذا- تلك الرحمة الجليلة الكلية بعبودية واسعة منظمة عظيمة...
تُرى، هل يستحق أولئك الذين لم يشتركوا في مثل هذه العبودية السامية، وفي مثل هذه الكرامة الرفيعة أن يُطلق عليهم اسم إنسان؟!