يتعرض الأطفال يومياً إلى العديد من البرامج والأفلام المتنوعة والتي قد تحمل الكثير من الآثار السلبية والضارة، وقد ازدادت تأثيرات هذا التعرض بعد أن أصبح هناك قنوات خاصة موجهة للأطفال، وأصبح الطفل كالأسير الواقع في قبضة هذه القنوات صباحاً ومساءً، فيتعرض الأطفال لهذه البرامج والأفلام التي قد لا تكون ملائمة لبيئتنا وثقافتنا.
والطفل إذا لم يجد التوجيه الصحيح من قبل الوالدين فإن تأثير تلك البرامج عليه سيكون قوياً؛ حيث تؤكد الأبحاث أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الحادية عشرة أكثر مشاهدي التلفزيون ثباتاً وانتظاماً، كما تشير الإحصائيات العديدة من مختلف بلدان العالم أن متوسط ما يقضيه الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ستة إلى ستة عشر عاما أمام الشاشة الصغيرة نحو (12-24) ساعة أسبوعياً، وهذا رقم مخيف، وأكثر الأطفال يتعدونه بكثير.
ومما لاشك فيه أن للبرامج التلفزيونية آثاراً سلبية وأخرى إيجابية في حياة الطفل، وقد أشارت الكثير من الدراسات والبحوث التي تربط بين بعض جرائم الأطفال وبين بعض الأفلام التلفزيونية إلى أن للأفلام دوراً مباشراً في تلك الجرائم؛ إذ أنها تساعد على بلورة بعض الميول الإجرامية لدى الأطفال، كما أن الطفل يتشرب مفهوماً جديداً للصراع فبعد أن كان مفهومنا للصراع في قصصنا وحكاياتنا هو انتصار الخير على الشر دائماً في النهاية فإن قضايا الصراع المطروحة في الأفلام هذه الأيام تنحصر حول الصراع إما من أجل البقاء أو الدفاع عن الأرض وصد العدوان الخارجي وكثيرا ما ينتصر الشر فيها على الخير.
وتقول دراسة قام بها المركز القومي المصري لثقافة الطفل: إن الإنتاج الأمريكي من هذه الأفلام يقارب حوالي (93%) من العينات، وهذه يدل على مدى سيطرة المادة على معظم البرامج التي تبث للمشاهدين الصغار.
كما أن بعض هذه الأفلام لا تقدم للأطفال القيم والمفاهيم التي نريد حتى لو تضمنت جوانب ثقافية، فقد لا تكون هي الجوانب التي نريدها لأطفالنا، ولربما تكون هذه الأفلام أداة لمحو ما نطمح إلى تثبيته في أذهان أطفالنا من قيم ومفاهيم ثقافية.
وقد دلت الكثير من الدراسات إلى أن الطفل عادة يحاول التشبه بالشخصيات التي يعرضها التلفزيون، نظراً لاعتقاد كثير من الأطفال أن العالم الذي يشاهدونه على الشاشة هو مرآة صغيرة للعالم الحقيقي.
أضرار مشاهدة أفلام العنف:
يمكن تصنيف الآثار الضارة لمشاهدة الأطفال لأفلام العنف في الأنواع الستة التالية:
1- التقليد:
يميل الأطفال الصغار أثناء لعبهم إلى أن يعكسوا أو يعيدوا تمثيل الموقف والأحداث التي تواجههم في البيئة التي يعيشون فيها، ويأخذ التلفزيون في هذه الصدد أهمية كبيرة بالنسبة للطفل منذ السنة الثالثة من عمره.
2- الإثارة والانفعال:
أكدت الأبحاث أن مشاهدة بعض مناظر العنف على شاشة التلفزيون تزيد من التوتر العاطفي لدى الفرد، وهي الحالة التي تتضمن ضعف مقدرة الشخص على السيطرة على عواطفه وانفعالاته، وبهذا يصبح من الصعب على الطفل أن يواجه دافع التحريض على العنف الذي تتضمنه بعض المشاهد التلفزيونية.
3- تشكيل مثال:
ويقصد بذلك أن التعرض المستمر لمشاهد العنف يؤدي إلى قناعة لدى الطفل مفادها أن العنف هو الوسيلة الفعالة لحل المشاكل، وبالتالي فإنها تدفع الطفل إلى أن يستخدم العنف في بعض المواقف ويستخدم أيضاً معلوماته حول هذه الظاهرة.
4_ تعزيز القوة:
حيث تقوم الطريقة التي يقدم بها العنف على شاشة التلفزيون بدور تعزيزي لقوة القيم والمعايير في الأوساط الاجتماعية التي تمارس هذه العنف، وتكون النتيجة تثبيت وتدعيم وتخليد هذه المعايير والقيم وليس انتقادها ومجابهتها.
5- الخوف والرعب:
توصل الكثير من الباحثين إلى نتيجة تؤكد حدوث تأثير معاكس لمشاهد العنف على المدى الطويل، فقد يكون تأثير الخوف إيجابياً؛ مما قد يقود إلى رد فعل فعّال ونشيط تجاه الإثارة والتحريض، وذلك مثل: الانتباه عند اجتياز الشارع، ولكن عندما يتطور الخوف ليصبح مؤذياً ومضراً فإن هذه التأثير يعتبر تأثيراً سلبياً.
6- ضعف الإحساس أو تبلده:
ضعف الإحساس أو تبلد الإحساس ينتج عن زيادة التعرض ولفترات طويلة لمثل هذه المشاهد؛ مما يؤدي إلى أن يعتاد الطفل أية محرضات ودوافع بيئية سواءً كانت جيدة أم سيئة نتيجة للتجارب التي تستخدم أسلوب تكرار عرض الفيلم في المعالجة، فقد أظهرت هذه التجارب أن هذا التأثير دائم، وأنه ينتقل بشكل كامل إلى مواقف الحياة الواقعية، وأن ضعف الإحساس نتيجة التعرض الدائم لمشاهد العنف من الممكن أن يحدث الاستجابات التالية:
1- يؤدي إلى تقليل وإضعاف الاستجابة (رد الفعل) ضد العنف كأداة.
2- يؤدي إلى تقليل وإضعاف الاستجابة (رد الفعل) ضد الشخص الذي يستخدم العنف.
3- يؤدي إلى تقليل وإضعاف الاهتمام بالضحية.
4- والخوف كل الخوف هو أن يؤدي ضعف الإحساس إلى عدم الاكتراث الكامل.
توصيات:
وفي نهاية المقال نبه الكاتب على أن يكون للأسرة دور في اختيار البرامج التي يشاهدها الطفل، ودور في مراقبة سلوكياته لسرعة المعالجة واتخاذ القرارات المناسبة، كما وأنه لابد أن تكون هناك منهجية لضبط هذه المشاهدات تقوم على أمرين: الأول: تقنين ساعات المشاهدة والجلوس أمام الشاشة ليكون معينا لا هادما. والثاني: اختيار البرامج والأفلام بحيث تتوافق مع ديننا وثقافتنا وأخلاقنا، وحتى لا يضيع الأبناء ويضيع معهم مستقبل المجتمع.