وذروا الذين يلحدون في أسمائه

25/05/2025| إسلام ويب

 

أمر الله تعالى عباده أن يدعوه بأسمائه الحسنى، وأن يتركوا الذين يلحدون فيها، فلا يحاجوهم ولا يعرضوا لهم. قال ابن كثير: "وأصل الإلحاد في كلام العرب: العدل عن القصد، والميل والجور والانحراف، ومنه اللحد في القبر لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر". وقد كان إلحاد المشركين من قريش وغيرهم أن نصبوا لهم صنمًا يعبدوه سموه اللات، أخذوا اسمه من اسم الله تعالى "الله" إلحادًا فيه، ونصبوا صنمًا سموه العزى، أخذوا اسمه من اسم الله تعالى "العزيز" إلحادًا فيه أيضًا، ونحو ذلك من الإلحاد في أسماء الله تعالى.

وكان من إلحادهم في أسماء الله تعالى ألا يسموه بالأسماء الحسنى، بل كانوا ينعتونه بما لا يقبلونه على أنفسهم، أو بما شاع بينهم، ومن ذلك ما ذكره الزمخشري فقال: "وذلك أن يسموه بما لا يجوز عليه، كما سمعنا البدو يقولون بجهلهم: يا أبا المكارم، يا أبيض الوجه، يا نخى". وكل ذلك من الإلحاد في أسماء الله تعالى، والقول على الله تعالى بما لا يجوز.
 
ثم إن الإلحاد في أسماء الله تعالى ليس مقتصرًا عما كان عليه أهل الشرك قبل الإسلام، بل ما يزال موجودًا بين الناس، سواء عند غير المسلمين، أو عند طوائف من المسلمين أو ممن يتنسبون للإسلام أيضًا، ولذا يقسم العلماء الإلحاد في أسماء الله تعالى إلى أقسام ينبغي على المسلم معرفتها حتى لا يقع في شيء منها، بل يمتثل أمر الله تعالى فيدعوه بأسمائه الحسنى التي أمر أن يُدعَى بها .
وأقسام الإلحاد كما ذكرها العلماء هي:
 
أولًا: الإلحاد الذي كان عليه مشركو العرب من تسميتهم أسماء أصنامهم وآلهتهم بأسماء مأخوذة من أسماء الله تعالى، كتسميتهم اللات نظرًا إلى اسم الله تعالى "الله"، وتسميتهم العزى نظرًا إلى اسم الله تعالى "العزيز" كما قال ذلك مجاهد.
 
ثانيًا: من الإلحاد تسمية الله تعالى بما لا يجوز في حقه سبحانه، كتسمية النصارى له أبًا، وتسمية الفلاسفة له بالعلة الفاعلة بالطبع، ونحوها من الأسماء.
 
ثالثًا: من الإلحاد بالله تعالى وبأسمائه: وصفه بالنقائص ورذائل الأمور، كقول اليهود فيه "إن الله فقير"، أو كقوله: "يد الله مغلولة"، أو وصفه بالتعب بعد أن خلق السماوات والأرض ثم استراح يوم السبت، ونحوها من النقائص التي نسبوها لله تعالى، وكل ذلك من الإلحاد فيه وفي أسمائه سبحانه وتعالى.
 
رابعًا: من الإلحاد الذي وقع في هذه الأمة ما كان من الجهمية وأتباعهم من تعطيل أسماء الله تعالى عن معانيها وجحد حقائقها، فيقولون إن سبحانه: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، متكلم بلا كلام، مريد بلا إرادة، وهذا الإلحاد كإلحاد مشركي الجاهلية أو أشد، فهؤلاء سموا آلهتهم بأسماء الله تعالى ووصفوها بأوصافه، أما الجهمية وأتباعهم فقد سلبوا الله تعالى صفاته التي تقتضيها تلك الأسماء الحسنى فعطلوها وجحدوها. 
 
خامسًا: ومن الإلحاد تشبيه الله تعالى بخلقه في صفاته وأفعاله، قالت المشبهة: إنه سبحانه يسمع كسمعنا، ويبصر كإبصارنا، ويقدر كقدرتنا، ونحو ذلك من الإلحاد الذي ينافي قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4]. 
 
قال ابن القيم في نونيته:
 
أسماؤه أوصاف مدح كلها ... مشتقة قد حُمِّلَت لمعان
إياك والإلحاد فيها إنه ... كفر معاذ الله من كفران
وحقيقة الإلحاد فيها الميـ ... ـل بالإشراك والتعطيل والنكران
 
والمسلم الحريص على عقيدته يمتثل أمر الله تعالى له فيدعو الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، ويجتنب سبل الذين ألحدوا ومالوا عن الحق فيها؛ فضلوا وأضلوا.

www.islamweb.net