عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان، وصححه الترمذي وابن حبان.
وعند ابن خزيمة والنسائي بلفظ: (من جهّز غازيا أو جهّز حاجا أو خلفه في أهله أو فطّر صائما، كان له مثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيء).
في رحاب الحديث
من نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين أن شرع لهم التعاون على البر والتقوى، قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} (المائدة: 2)، وجعل لهم الأجر والثواب في الدلالة على الخير والبر، ومن ذلك: تفطير الصائم، لأن الصائم مأمور بأن يُفطر، وأن يُعجّل الفطر، فإذا قام المسلم بتفطير الصائم، سواء أكان ذلك صيام نافلة أو فريضة، فسيكون له من الأجر مثله، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئا.
قال الإمام المناوي في فيض القدير: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ): "أي فله مثل أجر من عمل الصوم، لا مثل أجر من عمل تفطير الصائم، ويجوز كون "من" بمعنى "ما"، والأصل كان له أجر ما عمله وهو الصوم، وهو عام في القادر على الفطر وغيره".
والمراد من تفطيره هو أدنى ما يفطر به الصائم ولو بتمرة واحدة، وقيل: المراد بتفطيره أن يُشبعه؛ لأن هذا هو الذي ينفع الصائم طول ليله، وربما يستغني به عن طعام السحور، ولكن ظاهر الحديث أن الإنسان لو فطّر صائما ولو بتمرة واحدة فإن له مثل أجره، وما ذلك على الله بعزيز.
قال الإمام الطيبي في شرحه على لفظ ابن خزيمة والنسائي: "نظم الصائم في سلك الغازي لانخراطهما في معنى المجاهدة مع أعداء الله، وقُدم الجهاد الأكبر"، فالصائم يُجاهد نفسه في ترك الطعام والشراب والشهوات، امتثالا لأمر الله تعالى وإذعانا له.
وقال الإمام الطبري - كما نقل عنه ابن بطال -: "وفيه - أي في هذا الحديث - من الفقه أن كل من أعان مؤمنًا على عمل بر فللمعين عليه أجرٌ مثل العامل"، فيا سعادة من أعان الناس على أفعال البر والخير.
ولهذا ينبغي علينا أن نحرص على تفطير إخواننا الصائمين قدر المستطاع، ولا سيما مع حاجة الصائمين وفقرهم، أو حاجتهم لكونهم لا يجدون من يقوم بتجهيز الفطور لهم وما أشبه ذلك.