ويسمى أيضاً الزواج المؤقت . والزواج المنقطع وهو أن يعقد الرجل على المرأة يوماً أو أسبوعاً أو شهراً . وسمي بالمتعة . لأن الرجل ينتفع ويتبلغ بالزواج ويتمتع إلى الأجل الذي وقته .
وهو زواج متفق على تحريمه بين أئمة المذاهب .
وقالوا: إنه إذا انعقد يقع باطلاً واستدلوا على هذا بأمور :
أولاً : أن هذا الزواج لا تتعلق به الأحكام الواردة في القرآن بصدد الزواج ، والطلاق ، والعدة ، والميراث: فيكون باطلاً كغيره من الأنكحة الباطلة .
ثانياً: أن الأحاديث جاءت مصرِّحة بتحريمه .
فعن سَبُرة الجهني : أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء .
قال : فلم يخرج منها حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي لفظ رواه ابن ماجه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم المتعة فقال :
[يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع ، إلا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة] .
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن لحوم الحمر الأهلية .
ثالثاً: أن عمر رضي الله عنه حرمها وهو على المنبر أيام خلافته ، وأقره الصحابة - رضي الله عنهم - وما كانوا ليقروه على خطأ لو كان مخطئاً .
رابعاً: قال الخطابي: تحريم المتعة كالإجماع إلاّ عن بعض الشيعة .
ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المخالفات إلى علي ، فقد صح عن علي أنها نسخت .
ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال : هي الزنى بعينه .
خامساً: ولأنه يقصد به قضاء الشهوة، ولا يقصد به التناسل، ولا المحافظة على الأولاد ، وهي المقاصد الأصلية للزواج ، فهو يشبه الزنى من حيث قصد الاستمتاع دون غيره .
ثم هو يضر بالمرأة ، إذ تصبح كالسلعة التي تنتقل من يد إلى يد ، كما يضر بالأولاد ، حيث لا يجدون البيت الذي يستقرون فيه ، ويتعهدهم بالتربية والتأديب.
وقد روي عن بعض الصحابة وبعض التابعين أن زواج المتعة حلال ، واشتهر ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه.
وفي تهذيب السنن: " وأما ابن عباس فإنه سلك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة ، ولم يبحها مطلقاً فلما بلغه إكثار الناس منها رجع . وكان يحمل التحريم على من لم يحتج إليها .
قال الخطابي: إن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس هل تدري ما صنعت ، وبِمَ أفتيت ؟.. قد سارت بفتياك الركبان ، وقالت فيه الشعراء .
قال : وما قالوا ؟
قد قلت للشيخ لما طال محبسه يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس ؟
هل لك في رَخصة الأطراف آنسة تكون مثواك حتى رجعة الناس ؟
فقال ابن عباس :
"إن لله وإنا إليه راجعون " ... والله ما بهذا أفتيت، ولا هذا أردت، ولا أحللت إلاّ مثل ما احل الله الميتة والدم ولحم الخنزير ، وما تحل إلا للمضطر ، وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير.
وذهبت الشيعة الإمامية إلى جوازه .
وأركانه عندهم .
1. الصيغة : أي أنه ينعقد بلفظ (زوجتك) و (أنكحتك) و (متعتك).
2. الزوجة : ويشترط كونها مسلمة أو كتابية . ويستحب اختيار المؤمنة العفيفة ويكره بالزانية .
3. المهر : وذكره شرط ويكفي فيه المشاهدة ويتقدر بالتراضي ولو بكف من بر .
4. الأجل : وهو شرط في العقد .
ويتقرر بتراضيهما ، كاليوم والسنة والشهر ، ولا بد من تعيينه .
ومن أحكام هذا الزواج عندهم .
1. الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجر يُبطِلُ العقد وذكر المهر من دون ذكر الأجل يقلبه دائماً .
2. ويلحق به الولد .
3. لا يقع بالمتعة طلاق ، ولا لعان .
4. لا يثبت به ميراث بين الزوجين .
5. أما الولد فإنه يرثهما ويرثانه .
6. تنقضي عدتها إذا انقضى أجلها بحيضتين - إن كانت ممن تحيض ، فإن كانت ممن تحيض ولم تحض فعدتها خمسة وأربعون يوماً .
تحقيق الشوكاني :
قال الشوكاني:
وعلى كل حال فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع ، وقد صح لنا عنه التحريم المؤبد .
ومخالفة طائفة من الصحابة له غير قادحة في حجيته ، ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به .
كيف والجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به ، ورووه لنا ، حتى قال ابن عمر - فيما أخرجه عنه ابن ماجه بإسناد صحيح لما ولي عمر بن الخطاب خطب الناس فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم : [أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها ، والله لا أعلم أحداً تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة] .
وقال أبو هريرة فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم : [هَدَم المتعة الطلاقُ والعدةُ والميراث]. أخرجه الدار قطني ، وحسنه الحافظ.
ولا يمنع من كونه حسنا كون في إسناده مؤمّل بن إسماعيل ، لأن الاختلاف فيه لا يخرج حديثه عن حد الحسن إذا انضم إليه من الشواهد ما يقويه كما هو شأن الحسن لغيره .
وأما ما يقال من أن تحليل المتعة مجمع عليه ، والمجمع عليه قطعي ، وتحريمها مختلف فيه ، والمختلف فيه ظني ، والظني لا ينسخ القطعي فيجاب عنه :
أولاً بمنع هذه الدعوى "أعني كون القطعي لا ينسخه الظني" فما الدليل عليها ؟
ومجرد كونها مذهب الجمهور غير مقنع لما قام في مقام المنع يسائل خصمه عن دليل العقل والسمع بإجماع المسلمين.
وثانياً بأن النسخ بذلك الظني إنما هو لاستمرار الحل ، والاستمرار ظني لا قطعي .
وأما قراءة ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وسعيد بين جبير "فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى" ، - فليست بقرآن عند مشترطي التواتر ، ولا سنة لأجل روايتها قرآنا، فيكون من قبيل التفسير للآية ، وليس ذلك بحجة.
وأما عند من لم يشترط التواتر فلا مانع من نسخ ظني القرآن بظني السنة . كما تقرر في الأصول . انتهى.
- الكاتب:
الشيخ سيد سابق رحمه الله - التصنيف:
المقالات