لا أفكر فى الزواج قبل إتمام دراستى الجامعية، فذلك أمر يحتاج إلى الوقت والجهد، فضلاً عن أن الزواج قد يشتت تفكيرى بين المنزل والأسرة، وبين الدراسة والجامعة.
هذا هو رأى بعض الطالبات الجامعيات فى الزواج أثناء الدراسة والجامعة، أما أخريات فيرين أنه لا مانع لديهن من الزواج أثناء الدراسة؛ لأن هذا - فى رأيهن - أمر يحتاج إلى إرادة وحسن إدارة للوقت، وذلك بالنسبة لهن أمر سهل، وبين التأييد والمعارضة.. كان هذا التحقيق.
داليا محمد سمير: تزوجت بعد الثانوية مباشرة، والحمد لله التحقت بكلية الصيدلة، وأتممت دراستى بنجاح، وكنت أحصل على امتياز كل عام، وأثناء دراستى رزقنى الله بطفلين، وواصلت دراستى بنجاح.
وتضيف: فى بداية زواجى تساءلت بينى وبين نفسى: كيف أواصل دراستى رغم انشغالى ببيتى وأسرتى، ولكن ثقتى بالله (عز وجل) كانت وما تزال خير معين لى، فظنى بالله أنه سيعيننى دائمًا، ويسهل لى الصعاب، وبالفعل كان فضل الله عليّ عظيمًا، وبقدر ما كنت أجتهد فى ألا أقصر فى حقوق بيتى وزوجى كان الله يبارك لى فى وقتى، ولله الحمد.
إيمان عبد الواحد - طالبة بكلية الطب: بعد زواجى توقفت عن جميع الأنشطة الاجتماعية والثقافية، وأصبح وقتى كله مقسمًا بين الدراسة والمنزل، فالزواج أثناء الدراسة - وخاصة فى الكليات العملية - أمر صعب، فقد كنت دائمًا أحصل على تقدير امتياز، وبسبب ظروف الحمل والولادة حصلت على تقدير جيد جدًا بعد الزواج.
صديقتى ساعدتنى
أما فاطمة - طالبة بإحدى الكليات النظرية - فتقول: تزوجت بعد أن بدأت دراستى بالفرقة الأولى فى الجامعة، وبعد زواجى سافر زوجى للعمل فى إحدى دول الخليج، وكنت أسافر معه أثناء الدراسة، وأعود إلى مصر للامتحانات فقط، فلا أحضر أى محاضرات، وبسبب ذلك اضطررت إلى إعادة سنتين فى الكلية، فتأخرت عن زميلاتى.. وكم أشعر بالفضل والامتنان لله، ثم لصديقتى فى الكلية، فهى تحضر كل المحاضرات وتسجلها لى وتجهز لى كتبى، بل إنها أيضًا تدفع لى مصروفات الكلية، وتستخرج لى الكارنيه، وعندما أحضر إلى مصر أذهب إليها لتحيطنى علمًا بكل ما يتعلق بدراستى، كما أنها تتصل بوالدتى دائمًا لتخبرها بأى شيء يجد فى الدراسة، فجزاها الله عنى خيرًا.
نهى - طالبة بكلية الدراسات الإسلامية: كنت أحلم أن أصبح مدرسة علوم، وأتخصص فى مادة الأحياء، فأنا أحبها كثيرًا، وبالفعل التحقت بكلية العلوم، وبعد زواجى وجدت صعوبة شديدة فى حضور المحاضرات، وخاصة أثناء فترة حملى، فقد كان بيتى الجديد بعيدًا عن كليتى جدًا، فاعتذرت عن دخول امتحان السنة الأولى، ثم قدمت اعتذارًا فى السنة الثانية، ثم قررت أن أحول إلى كلية نظرية لأذاكر فى بيتى، وأذهب إلى الكلية للامتحانات فقط.
فى الحقيقة كان هذا القرار صعبًا على نفسى، فقد أحببت دراسة العلوم كثيرًا، ولكن كان لابد من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولابد أن أتدارك نفسى سريعًا لأحصل على شهادة جامعية، وكما يقول المثل: ما لا يدرك كله لا يترك كله.
أما رانيا محمد - حاصلة على الثانوية - تقول: تزوجت بعد الثانوية، وبزواجى انتهى أمر الدراسة فى حياتى، فقد رأيت الجمع بين الزواج والدراسة أمرًا فى غاية الصعوبة، فزوجى لا يعيننى، وكل أمور المنزل فوق رأسى، ودائمًا ما يحملنى فوق طاقتى، لذلك قررت الانسحاب لأتفرغ للمنزل وتربية الأولاد، والحمد لله على هذه الحال.
زوجى نعمة
وعن دور الزوج فى مساعدة زوجته الطالبة تقول داليا: الحمد لله، زوجى نعمة من نعم الله عليّ، فهو متفاهم للغاية، متعاون لأقصى درجة، كان يشجعنى دائمًا على استكمال الدراسة، بل ويشجعنى على التفوق والتميز، وكم عاتبنى عندما كنت أتكاسل عن حضور المحاضرات، ولم يظهر يومًا ضجره إذا ما قصرت فى أمور المنزل، أو فى إعداد الطعام.
كذا؛ فإن والدة زوجى على خُلق رفيع، فدائمًا ما كانت تثنى على تفوقى، وتعرض عليّ المساعدة فى كل وقت، وخاصة فى أوقات الامتحانات، والحمد لله أن رزقنى هذا الزوج الطيب، فهو عامل أساس ومهم فى نجاحى وتفوقى.
كما ترى إيمان أن الزوج لابد أن يكون على استعداد للتحمل وللتفاهم مع زوجته الطالبة حتى تنتهى من الدراسة، وأن يعطيها ما تحتاجه من المصاريف لشراء الكتب وغيرها من مستلزمات الدراسة، طالما تزوجها وهى طالبة.
وماذا عن رأى الزوج ؟
المهندس معتز بسيونى - زوج داليا - يقول: الزوجة الطالبة عليها عبء ثقيل، فهى تذهب إلى الكلية وتحضر المحاضرات، ثم تعود وترعى البيت والأطفال، وتذاكر أيضًا دروسها، وقد تضطر للسهر مع الأطفال ليلاً، وكل هذا يحملها عبئًا نفسيًا وجسديًا كبيرًا، فلابد أن يصبر زوجها معها، وفى يوم الحصاد سيرى ثمرة نجاحه ونجاحها، فنجاح زوجتى هو نجاح لى ولأسرتى كلها.
وأقول لكل زوج: تعامل مع زوجتك بالفضل لا بالعدل، فليس من الرحمة أن تتركها تواجه مسئوليات المنزل وحدها، فما المانع أن تحمل عنها الطفل بعض الوقت، وخاصة فى وقت الامتحان، وما المانع أن تجهز العشاء بدلاً عنها، أو ترتب المنزل، وكله فى ميزان حسناتك - إن شاء الله.
دور أستاذ الجامعة
ترى الدكتورة مكارم الديرى - أستاذة الأدب والنقد المساعدة بجامعة الأزهر - أن زواج الطالبة، وخاصة إذا كانت فى كلية نظرية أمر لا بأس به، بل إن الزواج يعين الفتاة على العفة والالتزام، فضلاً عن أنه يمنح الفتاة قدرًا من الجدية وتحمل المسئولية.
وترى أيضًا أن المجتمع لابد أن يعين الطالبة على القيام برسالتها فى المنزل وفى الجامعة، فأستاذ الجامعة لابد أن يمد الطالبة بالكتب والمعلومات المطلوبة، وفى الوقت المناسب حتى تتمكن من الدراسة والمذاكرة، وعلى الأساتذة أن يلتمسوا لها العذر، ولا بأس من إعطائها وقتًا زائدًا - إلى جانب الوقت الرسمى للمحاضرة - لتعويضها عما قد يفوتها، إذا سمحت إمكانات أساتذتها بذلك.
أبعاد ثلاثة :
ويقول الدكتور حاتم آدم - استشارى الأمراض النفسية والعصبية: إن قضية زواج الفتاة أثناء الدراسة لها أبعاد ثلاثة:
البعد الأول هو: القدرة الجسمانية والصحية لدى الفتاة، والتى تجعلها تتحمل الولادة والحمل والمجهود المبذول للعناية بأسرتها، فإذا كانت صحتها تسمح بذلك، فلا مانع من هذه الناحية.
والبعد الثانى هو: النضج النفسى والقدرة على استيعاب الأدوار الاجتماعية المطلوبة منها كأم وزوجة وطالبة، وهذا النضج يعتمد على الاستعداد الخاص الداخلى لها، وعلى البيئة الخارجية التى تلقنها الأدوار وكيفية أدائها وحقوق الآخرين عليها ومدى مساعدتها فى مواجهة العقبات.
أما البعد الثالث فهو: قدرة الطالبة على تنظيم وقتها، فالمهام المطلوبة منها متداخلة وحساسة، ومهما كانت الفتاة ناضجة، فلن تستطيع أن تمضى فى أمرها دون ترتيب أولوياتها، والأمر يحتاج إلى إرادة وصبر، وكما يقول الشاعر:
وإذا كانت النفوس كبارًا تعبت فى مرادها الأجسام