عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السماء ؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض ؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله ؟ فإذا وجد ذلك فليقل: آمنت بالله ورسوله ثلاثاً )
رواه أحمد وأصله في صحيح مسلم .
المعنى الإجمالي
لا يزال الشيطان بالإنسان يوسوس له، ويشككه في إيمانه حتى يخرجه منه إلى الكفر والعياذ بالله، وأول ما يوسوس به الشيطان قضية وجود الله سبحانه، فيبدأ بسلسلة تبدو للوهلة الأولى منطقية، فيسأل الإنسان عمن خلق السماء والأرض ؟ فيجيبه المسئول: بأن الله هو من خلقهما . فيسأل الشيطان مرة أخرى، ومن خلق الله ؟ وهو سؤال ساذج لكنه يحتوي على الكثير من الخبث، وسذاجته في كونه يسلّم بكون الله خالقاً، ثم يسأل عمن خلقه ؟ وهما أمران متناقضان غاية التناقض، فإذا كان الله خالقاً فلا يمكن أن يكون مخلوقاً، وإذا كان مخلوقاً فلا يمكن أن يكون خالقاً، فهو بمثابة وصف الشيء بنقيضه كأن يقال عن الحجر: إنه صلب لين.
وحتى لو أجاب المسؤول بأن من خلق "الله" إله آخر ؟ لأورد الشيطان نفس السؤال مرة أخرى بالقول: ومن خلق الإله الآخر ؟ وهكذا يتكرر السؤال، وتتكرر الإجابة، ونكون أمام خيارين إما أن نجاري الشيطان في سؤاله، ونظل نكرر الإجابة إلى ما لا نهاية، بما يفضي في حقيقته إلى الإلحاد، وإما أن نقطع وسوسته في بدءها على صخرة الإيمان بالله، وهو ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ندب أن يقول المسلم عند سماع هذه السفسطة الشيطانية: آمنا بالله، ويكررها ثلاث مرات، ليذّكر الشيطان بأن سؤاله يفضي إلى جحود الإله، وهو مؤمن به معترف بوجوده، وأن سؤالك أيها الشيطان يفضي إلى إبطال كل الأدلة العقلية والنقلية والحسية والفطرية الدالة على وجود الله، والتي لا يستطيع الشيطان بسؤاله الساذج هذا أن يبطلها، فقول المسلم: ( آمنت بالله ) ليس هروباً من سؤال إبليس، ولكنه إجابة غاية في الدقة لمن فهم أغوارها .
الفوائد العقدية
1- أن الله خالق الخلق جميعاً.
2- أن الله هو الأول، وهو موجد الأشياء من عدم.
3- بطلان أسئلة الشيطان وفسادها.
4- حرص الشيطان على نشر الكفر والدعوة إليه .
5- قول المسلم "آمنا بالله" في مواجهة مثل هذه الأسئلة .
6- استعاذة المسلم بالله - كما في رواية مسلم - عند عروض مثل هذه الوساوس.