أدت وسائط الاتصال والإعلام بالفرد العربي إلى أن يعيش في بيئة جديدة تزخر بمتغيراتجديدة تختلف عما عاشه أجدادنا وآباؤنا في الماضي، سواء في العادات والتقاليد وأنماطالمعيشة أو في طرق التربية والحوار وغيرها من السلوكيات الجديدة التي جاءت بها هذهالوسائط الحديثة.
والملاحظ لواقعنا يدرك أن هذه التكنولوجيا في تطور سريع جدا، لا تعبأ بانتقاداتنا وتفنيدنا لسلبياتها ومخاطرها، كما أنها لا تقيم وزنا لما هو موجود من قيم وعادات وأنماط وتقاليد وثقافات وطقوس سائدة في المجتمعات الإسلامية والعربية بالخصوص، كما أن الفرد العربي أصبح عبدا لها، خاضعا لكل ما جاءت به من عادات وأنماط جديدة تحت شعار "الانفتاح على الآخر" أو "العصرنة والتقدم"، حيث أصبح الفرد المسلم يعيش في عالم مفتوح بدون رقيب ولا حسيب لما يحدث فيه، معرّضا لكل ما هو صالح وطالح في الوقت نفسه، مما يبث عبر هذه الوسائط الاتصالية والإعلامية الحديثة، مما جعله يعيش حالة من الاغتراب والعزلة داخل مجتمعه وأسرته، حيث أصبح لا يـدرك ولا يفرق بين عالمه المعـيش والعالم الـذي تصوره له هـذه الوسائط الإعلامية، مما ولّد لدى الفرد المسلم حالة من الإحباط والقلق والقنوط من واقعه المعيش.
لقد غيرت تكنولوجيا الاتصال والإعلام الحديثة البيئة التي يعيش فيها أولادنا عن تلك التي عشنا نحن فيها، فإذا كانت هذه الوسائل غيرت من أسلوب حياتنا وانتقالنا ووقت فراغنا وعلاقاتنا مع الأسرة والأصدقاء، فكيف ستكون الأجيال الجديدة التي ستعيش في بيئة من الوسائط المعلوماتية الأكثر تطورا بما لا يقاس بحاضرنا، وماذا سيحدث للخصوصيات والهويات المميزة بالصيغة التي نفكر فيها اليوم؟
خطر وسائط الاتصال
ينطوي الخوف من عواقب ثورة المعلومات والاتصال الحديثة على تيار عاطفي خفي وقوي يتمسك بثقافة وقيم ومفاهيم أخذت قاعدتها الاجتماعية والمادية والتربوية تتزعزع، وغدا للعيان أنها اليوم مهددة تحت وطأة قوى التكنولوجيا والمعلوماتية التي تلح علينا بالانفتاح بالمعرفة والصورة والصوت، وإذا كنا قد تغيرنا عن آبائنا دون ضجة كالحاصلة اليوم، فهل يمكن أن نتوقع غير ذلك بصدد أولادنا؟ إن الاحتمال الأكبر هو أن التغيير سيحصل عاجلا أو آجلا، وقد دهشنا بالتليفزيون وتخوفنا من آثاره على حياتنا لأول مرة، وتغيرنا رغم النقد والتردد فليس هناك ما يدعونا لاعتقاد غير ذلك بصدد هذه الثورة الاتصالية والإعلامية الحديثة الحاصلة اليوم.
ينطوي الخوف من عواقب ثورة المعلومات والاتصال الحديثة على تيار عاطفي خفي وقوي يتمسك بثقافة وقيم ومفاهيم أخذت قاعدتها الاجتماعية والمادية والتربوية تتزعزع، وغدا للعيان أنها اليوم مهددة تحت وطأة قوى التكنولوجيا والمعلوماتية التي تلح علينا بالانفتاح بالمعرفة والصورة والصوت، وإذا كنا قد تغيرنا عن آبائنا دون ضجة كالحاصلة اليوم، فهل يمكن أن نتوقع غير ذلك بصدد أولادنا؟ إن الاحتمال الأكبر هو أن التغيير سيحصل عاجلا أو آجلا، وقد دهشنا بالتليفزيون وتخوفنا من آثاره على حياتنا لأول مرة، وتغيرنا رغم النقد والتردد فليس هناك ما يدعونا لاعتقاد غير ذلك بصدد هذه الثورة الاتصالية والإعلامية الحديثة الحاصلة اليوم.
يعيش أولادنا في بيئة مختلفة تماما، تعج بالحواسيب والشاشات الذهبية والفضية والمعلومات والبث الفضائي المباشر، والشبكات العنكبوتية والهواتف المحمولة وغيرها من الوسائط المختلفة، وسيتغيرون وتتغير قيمهم دون شك .
إن الفضائيات الوافدة إلينا عبر الأقمار الصناعية المختلفة والتي تلج إلى بيوتنا دون طلب الإذن منا، سلبت قيم أطفالنا وشبابنا ونحن نتفرج عليها دون أن نحرك ساكنا، بدواعي التحضر والانفتاح على ثقافات الآخرين، ومن دون أن نقوم بتوجيه وإرشاد أطفالنا وشبابنا فيما يختارونه من أفلام ومسلسلات وأخبار وأفلام كارتونية تناسب مرحلة نموهم وأيضا مراعاة البيئة التي يعيشون فيها، كما أننا أصبحنا غير مهتمين كأولياء أمور بالحوار مع أبنائنا في العديد من القضايا التي أصبحت تشكل هاجسا داخل الأسرة العربية، والتي أصبح الحديث فيها مع الأبناء من الممنوعات، مثل العلاقات الجنسية والزواج، والصداقة والتعارف والحب وتبادل المعلومات، وهذا ما يدفع بالأطفال والشباب خلال مراحل نموهم لمعرفة هذه المسائل إلى اللجوء لوسائط الاتصال والإعلام المختلفة، وذلك من أجل إشباع رغباتهم وحاجاتهم، وخاصة في مرحلة المراهقة التي يميل فيها الشباب إلى محاولة اكتشاف ومعرفة العديد من القضايا المرتبطة بشخصيتهم ومراحل نموهم.
إن القنوات الفضائية وشبكة الانترنت وغيرهما من الوسائط الحديثة الوافدة إلينا قد أثرت على القيم التربوية بتغيير وتبديل مناهج التربية القديمة المحافظة إلى مذاهب ومناهج متحررة جدا تناسب عصر العولمة، وجعلت من الذاتية بديلا عن كل قيم الضمير، وصبغت القيم الاجتماعية بتغليب مبدأ التحرر والحرية والانفتاح غير المدروس.
تراجع دور المؤسسات الاجتماعية
ولو عدنا إلى عقود سابقة لرأينا أن الأسرة والمدرسة والمسجد، لعبت الدور الأكبر في تكوين مدارك الإنسان وثقافته وتشكيل منظومة القيم التي يتمسك بها وما يفرزه ذلك من عادات وتقاليد في السلوك، أما اليوم فإن هذا الدور انتقل بشكل كبير جدا إلى التلفاز والإنترنت وألعاب الفيديو والكمبيوتر والهواتف المحمولة والإذاعة والسينما، لقد انتقل دور الإسهام في بناء معارف الإنسان وثقافته من وسط بشري ملتزم بقيم محددة إلى وسط "تكنو-اتصالي" لا يقيم وزنا لهذه القيم، بعد الأسرة كان الخروج من المنزل والتفاعل مع المحيط المباشر أساسا للمعرفة والتعلم واكتساب الخبرات وبناء الذات وتنميتها وتطورها، أما اليوم فإن البقاء في المنزل أمام التلفاز وعلى الانترنت يتيح مدى أكبر للمعرفة والتعلم وسعة الإطلاع، لقد باتت خبرات المنزل أوسع من خبرات الشارع أو المدرسة أو المدينة في ضوء ما يتوافد إلينا من مضامين تحملها تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
ولو عدنا إلى عقود سابقة لرأينا أن الأسرة والمدرسة والمسجد، لعبت الدور الأكبر في تكوين مدارك الإنسان وثقافته وتشكيل منظومة القيم التي يتمسك بها وما يفرزه ذلك من عادات وتقاليد في السلوك، أما اليوم فإن هذا الدور انتقل بشكل كبير جدا إلى التلفاز والإنترنت وألعاب الفيديو والكمبيوتر والهواتف المحمولة والإذاعة والسينما، لقد انتقل دور الإسهام في بناء معارف الإنسان وثقافته من وسط بشري ملتزم بقيم محددة إلى وسط "تكنو-اتصالي" لا يقيم وزنا لهذه القيم، بعد الأسرة كان الخروج من المنزل والتفاعل مع المحيط المباشر أساسا للمعرفة والتعلم واكتساب الخبرات وبناء الذات وتنميتها وتطورها، أما اليوم فإن البقاء في المنزل أمام التلفاز وعلى الانترنت يتيح مدى أكبر للمعرفة والتعلم وسعة الإطلاع، لقد باتت خبرات المنزل أوسع من خبرات الشارع أو المدرسة أو المدينة في ضوء ما يتوافد إلينا من مضامين تحملها تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
كيفية العلاج
ولأجل حماية قيمنا يجب اتباع الآتي:
- التعليم المكثف للأبناء لكيفية استخدام وسائط الاتصال والمعرفة الحديثة، وعدم ترك مجال الجهل بأي منها.
- إنشاء مؤسسات مجتمع مدني ضاغطة (أسرية، نسائية، شبابية،...إلخ) تحاكم أداء الإعلام المحلي والعربي وموزعي الكابل.
- تحديد نسبة المواد الأجنبية في وسائلنا الإعلامية، ولا يعني ذلك المقاطعة الكاملة لكل ما هو أجنبي، بل الواجب اختيار المواد المناسبة التي لا تتعارض مع قيمنا ومبادئنا.
- نشر ثقافة النقد والحوار لدى الأسرة من أجل القدرة على محاكمة الأمور وتمحيصها، ورفض التلقي السهل والتسليم السطحي بالأمور للحد من التأثير الضار لمضامين الرسائل الإعلامية السلبية.
- التأكيد على دور الأسرة التربوي، بحيث تعد الأسرة هي الحاضنة الأولى لقيم وثقافة الأفراد والمجتمع.
- التوعية الجنسية السليمة، فيقوم الآباء بتوجيه أبنائهم- خاصة المراهقين والشباب- بالتمسك بالقيم الدينية المستمدة من المبادئ الإسلامية.
- التوعية الاستهلاكية السليمة للأبناء، فالأسرة تساهم بدور فعال في توجيه أبنائها وتربيتهم على أنماط وعادات استهلاكية تتماشى مع الطبيعة العربية والإسلامية التي تدعو أبناءها إلى ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف أو التبذير .
- إعادة النظر في المناهج التعليمية وتحديثها بصورة مستمرة، بأن تكون قادرة على منح الطالب- خلال مراحل التعليم المتعددة- القدر المناسب من المعارف والقيم التي تؤهله لخوض معترك الحياة العملية بعد ذلك والقيام بدوره في الحياة على أكمل وجه، والاهتمام باللغة العربية.