الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإياب الفكري.. والانبهار بالغرب

الإياب الفكري.. والانبهار بالغرب

الإياب الفكري.. والانبهار بالغرب

بدأ الدكتور منصور فهمي باشا (1886 ـ 1959م).. حياته الفكرية برسالته للدكتوراة، التي ذهب إلى باريس سنة 1908م لإنجازها.. وهي الرسالة التي امتلأت بافتراء على صورة المرأة للإسلام.. بل طالت بيت النبوة!
لكن منصور فهمي باشا كجزء من ظاهرة الإياب إلى الإسلام والعدول عن الانبهار بالغرب في مرحلة النضج الفكري.. قد عاد وآب ليتخذ مكانه بين الأعلام العاملين في "جمعية الشبان المسلمين".. والكتَّاب المدافعين عن الإسلام.. حتى لقد كتب المقدمة للعمل الإسلامي الفذ: (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) الذي وضعه العلامة محمد فؤاد عبد الباقي..

أما الدكتور محمد حسين هيكل باشا.. الذي بدأ حياته الفكريَّة علمانيًّا، يدافع – بفروسية ــ عن علمنة الإسلام.. ويبشِّر بكامل النموذج الحضاري الغربي العقلي منه والروحي.. ثم تحوَّل من "التغريب" إلى "الفرعونية".. إذا به يئوب إلى أحضان الإسلام وحضارته وتاريخه ونموذجه الثقافي المتميز عن النموذج الغربي.. والحي والفاعل في العقل المعاصر والوجدان الفردي والجمعي للأمة.. وليس النموذج الميت الذي انقطعت معه العلائق والصلات -كما هو الحال مع التراث الفرعوني.

وعلى ذات الدرب -درب الإياب إلى كامل الإسلام ـ كدين ودولة وأمة وحضارة- سار الشيخ علي عبد الرازق.. فبعد أن حمل كتابه الشهير "الإسلام وأصول الحكم" سنة 1925م دعوى علمنة الإسلام وزعم أن الإسلام مجرد شريعة روحية ـ كشرائع الخالين من الرسل ـ وأنه دين لا دولة.. ورسالة لا حكم.. وأن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يؤسِّس دولة، ولم يرأس حكومة، ولم يكوّن جماعة سياسيَّة، "فهيهات هيهات، لم يكن ثمة حكومة ولا دولة ولا شيء من نزعات السياسة.. ويا بُعد ما بين السياسة والدين.. وأن للمسلمين أن يختاروا لهم أي نمط من الحكومة حتى ولو كانت فاشيَّة أو بلشفيَّة"!!

علي عبد الرازق هذا.. الذي حمل كتابه "الإسلام وأصول الحكم" سنة 1925م هذه "البدعة" غير المسبوقة.. قد آب إلى أحضان النموذج الإسلامي ـ في الدين والدولة ـ حتى لقد أعلن سنة 1951م أن دعوى روحانية الإسلام، وتجرده من السياسة والدولة "هي كلمة ألقاها الشيطان على لسانه.. وللشيطان أحيانًا كلمات يلقيها على ألسنة بعض الناس"! كما أعلن "أن الإسلام دين تشريعي، وأنه يجب على المسلمين إقامة شرائعه، وحدوده، وإقامة حكومة منهم تقوم بذلك".
هكذا عرفت بلادنا.. وثقافتنا هذه الظاهرة الفكرية والثقافية: الانبهار بالنموذج الثقافي الغربي.. وتقليده في مناهجه.. وتطبيقاته.. في نظرياته واتجاهاته.. فيميننا هو اليمين الغربي.. ويسارنا هو اليسار الغربي.. وليبراليتنا هي الليبراليَّة الغربيَّة.. وشموليتنا هي الشموليَّة الغربيَّة..أي أن الغرب الحضاري والثقافي قد أصبح -عند هذا القطاع من مفكرينا- القبلة التي إليها يتجهون وبنموذجها يتعبدون!.. وبنجمها يهتدون!..

كما عرفت بلادنا ظاهرة الإياب الفكري والثقافي لعددٍ كبير من هؤلاء الذين انبهروا بالغرب في مطالع حياتهم الفكرية.. فلما نضجوا فكريًّا.. وأدركوا تميز تاريخنا وإسلامنا وواقعنا عن الغرب الحضاري.. عادوا إلى تبنِّي النموذج الإسلامي في "الفكر" و"التقدم" و"النهوض".

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

ثقافة و فكر

من وظائف الأدب

كان ولا يزال للأدب دور محوري في حياة الشعوب، فالأدب أحد أعمدة البناء في المجتمعات كلها، فقد عرف الإنسان الحداء،...المزيد