اغتيال الشيخ الدكتور صبحي الصالح 2 صفر 1407 هـ(1986):
الشيخ صبحي إبراهيم الصالح كان "علامة جيله" في أدب الدين والدنيا ، أوقف حياته لمحراب العطاء في المجال الحضاري ، العلمي والفقهي والتشريعي ، و المجال التراثي ، التاريخي والسياسي واللغوي والأدبي
جمع الشيخ صبحي الصالح رحمه الله منذ بدايات دراسته الثانوية بين العلوم الشرعية والمدنية في دار التربية والتعليم الاسلامية في طرابلس، ولمع نجمه وهو ابن الثانية عشرة من عمره خطيباً مفوهاً في مساجد طرابلس، يتنادى لسماع هذا الشيخ الفتي أهالي طرابلس مشدوهين معجبين
ويسافر الشيخ الصالح الى الأزهر الشريف من أجل متابعة علومه العالية في كلية أصول الدين، فيحصل منها على كل من الشهادة العالية (الإجازة) سنة 1947م، وعلى الشهادة العالمية (الدكتوراه) سنة 1949، ثم ينتسب في الوقت نفسه الى كلية الآداب في جامعة القاهرة ويحصل على الإجازة في الأدب العربي بامتياز سنة 1950م.
في جامعة السوربون
وبعد أن استوفى الثقافة الاسلامية فكراً ومنهجاً وإيماناً، كان عليه أن يقتحم جامعة السوربون طوال أربع سنوات دارساً وقارئاً ومنقباً في مكتباتها ومراقباً ومتأملاً وباحثاً، وحصل على دكتوراه في الآداب إثر أطروحتين باللغة الفرنسية: الأولى بعنوان "الدار الآخرة في القرآن الكريم" والثانية "الإسلام وتحديات العصر".
ولم يكن طوال إقامته الباريسية لينثني عن الدعوة، فأنشأ مع صديقه الباحث الاسلامي الشهير محمد حميد الله الحيدرأبادي أول مركز ثقافي اسلامي في باريس، وظل يخطب في تلك الفترة في صلاة الجمعة في جامع باريس، ويشارك في تعليم اللغة العربية للأفارقة المسلمين ويحاضر في الأندية الثقافية الباريسية، ليستمع الفرنسيون الى أسلوب جديد في طرح الإسلام، حديث ما عهده أهل أوروبا من قبل علمائنا وقتذاك.
الانطلاقة في التجديد
ولقد عاد الشيخ الصالح إلى طرابلس عام 1954م ليبدأ انطلاقة في التجديد ومسيرة تطواف تتلقفه منابر الجامعات العربية ومنتديات الفكر وقاعات المؤتمرات ويتحلّق حوله تلاميذه يستلهمون منهجه، ويتنسمون عذوبة بيانه ولطيف مجلسه وأنيس معشره.
خاض الشيخ في العلوم الإنسانية واللغوية كلها وفي الدراسات الأدبية والفلسفية بصورة عامة، وعمل في شرح وتحقيق ودراسة العديد من الكتب التراثية كما كتب باللغة الفرنسية وترجم وأشرف على تعريب عدد من المؤلفات والبحوث، وظل على امتداد أكثر من نصف قرن يزود كبرى المجلات الاسلامية والفكرية والعلمية بمئات البحوث والدراسات المستفيضة في كل شأن ومجال ، كما كانت الموسوعات العربية والعالمية تستكتبه في أجزائها وخصوصاً فيما يختص بأبواب الحضارة الاسلامية والفكر واللغة والأدب
مؤلفاته
لقد أضاف الشيخ صبحي الصالح إلى نتاج من سبقه من المباحث الإسلامية واللغوية ما يثري المكتبة الإسلامية بالكثير من البحوث والمؤلفات نذكر منها:
1. النظم الإسلامية نشأتها وتطورها.
2. مباحث في علوم القرآن.
3. دراسات في فقه اللغة.
4. الإسلام والمجتمع العصري.
5. معالم الشريعة الإسلامية.
6. المرأة في الإسلام.
7. الإسلام ومستقبل الحضارة.
8. علوم الحديث ومصطلحه عرض ودراسة.
اغتياله:
اغتيل الشيخ صبحي الصالح (رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى) بإطلاق الرصاص عليه في محلة ساقية الجنزير ببيروت يوم 2 صفر 1407 هـ الموافق السابع من أكتوبر 1986م، ولم يستطع التحقيق كشف هوية مطلق النار وشريكه، ولا هوية الجهة المحرضة على هذا الاغتيال، رحمه الله رحمة واسعة.