الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقصانا في خطر: اقتحامات يومية برعاية وزراء التطرف

أقصانا في خطر: اقتحامات يومية برعاية وزراء التطرف

 أقصانا في خطر: اقتحامات يومية برعاية وزراء التطرف

في تصعيد خطير واستفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم، تواصل القوات الإسرائيلية والمستعمرون المتطرفون اقتحام المسجد الأقصى المبارك بشكل متكرر، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، في انتهاك صارخ لحرمة واحد من أقدس المقدسات الإسلامية في فلسطين، وثالث المسجدين الشريفين بمكة والمدينة.

الاقتحامات... سياسة ممنهجة
الاقتحامات ليست جديدة، لكنها تصاعدت في وتيرتها وعدوانيتها منذ تولي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية مهامها نهاية عام 2022، وهي حكومة تضم شخصيات معروفة بتوجهاتها العنصرية، أبرزهم إيتمار بن غفير، وزير "الأمن القومي" الإسرائيلي، الذي يقود سياسة عدوانية تجاه الفلسطينيين، ويتبنى مشروع "السيادة اليهودية الكاملة" على المسجد الأقصى.

وفقًا لبيانات دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فإن عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى في عام 2023 تجاوز 55 ألف مقتحم، مقارنة بـ34 ألفًا في العام الذي قبله، مما يعكس تصاعدًا ملحوظًا مدعومًا سياسيًا وأمنيًا.
أما عام 2024 فقد سجّل رقما جديدا وُصف بـ"القياسي" في أعداد مقتحمي المسجد الأقصى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث بلغ وفق مرصد الأزهر العالمي 58 ألف مقتحم.

كانت وزارة الأوقاف قد أبرزت أيضا في تقريرها، أن الاحتلال الإسرائيلي قد اعتدى على المسجد الأقصى، من خلال سماحه لعصابات المستعمرين باقتحامه وتدنيس ساحاته ومصاطبه، وذلك بـ256 اقتحاما خلال العام الماضي.

"مارس خلالها المستعمرون طقوسا تلمودية، أصبحت تمارس بشكل يومي كالانبطاح الملحمي الذي ابتدأ القيام به منذ تاريخ 13/8/2024، وقد مارس هذا الفعل عضو الكنيست "موشيه فيغلين" لأول مرة" بحسب بيان الوزارة.

بن غفير.. من التحريض إلى الاقتحام العلني
في 21 مايو/أيار 2023، اقتحم إيتمار بن غفير باحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وسط حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية. ولم يكن هذا الاقتحام الأول، فقد سبقه في 3 يناير/كانون الثاني 2023، بعد أيام من تعيينه وزيرًا، فيما اعتُبر رسالة سياسية خطيرة تعكس دعم الحكومة الإسرائيلية لتغيير الوضع القائم في المسجد.

بن غفير، المعروف بخلفيته المتطرفة، كان سابقًا أحد أتباع الحاخام العنصري "مئير كهانا"، وقد أدين بالتحريض ضد العرب في السابق. واليوم يستخدم منصبه الوزاري لتوفير غطاء سياسي وأمني لهذه الاقتحامات، بل ويطالب علنًا بـ"تقسيم المسجد الأقصى مكانيًا وزمانيًا" على غرار ما حدث في المسجد الإبراهيمي بالخليل.
كما قال بن غفير في تصريح نشره عبر "إكس":"المسجد الأقصى هو المكان الأهم لشعب إسرائيل... وسنعمل على تأكيد السيادة الإسرائيلية فيه".
ومنذ أيام قلائل قام بن غفير مع أكثر من 2000 مستعمر متطرف باقتحام باحات الأثصى المبارك والاحتفال بذكرى احتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس، ولم يكتف بالمشاركة في رفع أعلام الاحتلال وأداء طقوس تلمودية عند المنطقة الشرقية من المسجد، بل ألقى خطبة سياسية بامتياز تحرض على احتلال قطاع غزة أسوة بالقدس، وتبارك تسمية دافيد زيني لرئاسة الشاباك. كان ذلك على وقع صيحات تهتف: "الموت للعرب"، و"من دون نكبة لا يوجد انتصار"، واستنكر الوزير المتطرف السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، مذكراً رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأن "أعداءنا لا يستحقون سوى طلقة في الرأس". كل ذلك وسط حراسة مشددة من شرطة الاحتلال، مع اعتقال المواطنين الفلسطينيين الذين يبدو منهم أي مظهر للاعتراض.
كما قام زميله وشبيهه في التطرف زعيم حزب "الصهيونية الدينية" وزير المالية سموتريتش بإلقاء خطبة أمام حائط البراق، كرر خلالها دعواته الإجرامية لبناء الهيكل مكان المسجد الأقصى في حياته وبتمويل من وزارته، وزعم أن الكيان الصهيوني لا يخاف من كلمة احتلال وسوف يحرر غزة ويستوطن فيها. وهنا لابد من التذكير أن سموتريتش هو الذي اعتبر في السابق أن حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وأن واجب دولة الاحتلال بسط سيطرتها على "شرق الأردن".

ردود فعل فلسطينية وعربية غاضبة
قوبلت اقتحامات بن غفير بموجة غضب عارمة. إذ اعتبرتها القيادة الفلسطينية استفزازًا خطيرًا يمكن أن يؤدي إلى انفجار الأوضاع في الأراضي المحتلة.

كما أدان الأزهر الشريف ومنظمة التعاون الإسلامي وعدة دول عربية، هذه الاقتحامات، محذرة من محاولات تهويد الأقصى وتغيير طابعه الإسلامي.
وأهاب الأزهر بالعالم الإسلامي والعربي، حكومات وشعوبًا، إلى التحرك الجاد والفعّال للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، والقدس الشريف، ودعم صمود الشعب الفلسطيني في وجه هذه الانتهاكات المستمرة.

القانون الدولي وازدواجية المعايير
المسجد الأقصى يقع في منطقة محتلة حسب القانون الدولي (القدس الشرقية)، ويحظى برعاية أردنية بموجب اتفاقية "وادي عربة". ووفق قرارات اليونسكو، فإن المسجد الأقصى وقف إسلامي خالص لا شراكة فيه لليهود، وكل ما تقوم به سلطات الاحتلال من ممارسات يعتبر غير شرعي.

ورغم وضوح الموقف القانوني، يواصل الاحتلال الإسرائيلي سياساته مدعومًا بصمت دولي وتواطؤ غربي في كثير من الأحيان، مما يطرح تساؤلات عن ازدواجية المعايير في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان والمقدسات الدينية.

الأقصى ليس وحيدًا
في ظل هذه التطورات الخطيرة، لا بد من تفعيل الجهود السياسية والدبلوماسية والإعلامية لحماية المسجد الأقصى، والضغط من أجل وقف الاقتحامات والاستفزازات المتكررة. كما يجب اسنفار جميع الطاقات لتحقيق هذا الهدف مع الإعلان أن الأقصى ليس وحيدا، فالأقصى ليس رمزًا دينيًا فحسب، بل هو قضية كرامة وهوية لكل مسلم وعربي حر.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

فلسطين الهوية

بهذه القيود يخنق الاحتلال فلسطينيي الضفة

بخطى متسارعة يضيّق الاحتلال الإسرائيلي الخناق على فلسطينيي الضفة الغربية، لدرجة تحولت معها الضفة إلى معازل أشبه...المزيد