الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تؤثر إصابة الرأس وزيادة كهرباء الدماغ على تطور الطفل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرض ابن أخي لحادث عندما كان عمره ستة أشهر، حيث سقط من السرير الذي لا يتجاوز ارتفاعه 60 سم.

في البداية ظننا أن السقوط لم يؤثر عليه، لكن بعد مرور ست ساعات بدأ بالتقيؤ، فأخذناه إلى طبيبين، وأكد كلاهما بعد الفحص أن حالته لا تدعو للقلق، ومع ذلك ظل يبكي طوال الليل، ما دفعنا إلى استشارة طبيب ثالث، فأوصى بإجراء تصوير بالرنين (سكانر)، وتبيّن وجود تجمُّع دموي بين الجمجمة والدماغ، وتم إجراء عملية جراحية بعد 33 ساعة من السقوط، والحمد لله نجحت العملية.

وبعد مرور ثلاثة أشهر أُعيد الفحص وتبيَّن زوال التجمُّع الدموي كليًا، ولا أثر لأي إصابة في الدماغ.

أصبح الآن يبلغ من العمر 28 شهرًا، ويمشي، ويسمع، ويركّز، ويفهم، ويتكلم بعض الكلمات، وحالته العامة طبيعية، وتتم متابعته من قبل الطبيب الذي أجرى العملية.

بعد ثمانية أشهر من الجراحة أُجري له فحص دماغ كهربائي (EEG)، وأظهرت النتيجة نشاطًا كهربائيًا بطيئًا مع بعض الموجات غير الطبيعية، لكن دون وجود نوبات صرع واضحة.

حاليًا يتناول دواء Calmenal بجرعة 25 mg كل مساء.

لم نلاحظ عليه أي أعراض مقلقة، سوى حالتين ارتفعت فيهما حرارته وارتجف جسده، ولا نعلم إن كان ذلك بسبب الحمى أو بداية نوبة صرع.

نلاحظ أيضًا أنه كثير الحركة، وينام قليلًا، وكثير التقلُّب أثناء الليل، ويستيقظ مرارًا، وفي الفترة الأخيرة أصبح كثير الصراخ، وهو يُظهر نشاطًا زائدًا مشابهًا لوالده الذي يتمتع بنفس الطبع.

آسفة على الإطالة، وأرجو منكم التفضل بالإجابة على الأسئلة التالية:

1. ماذا كان سيحدث لو لم تُجرَ العملية؟
2. ما معنى "زيادة في كهرباء الدماغ"؟ وما آثارها المحتملة؟
3. إلى متى سيستمر تناول الدواء؟ وما آثاره الجانبية؟
4. هل يجب أن يشرب الدواء دفعة واحدة وفي وقت محدد؟ إذ إنه أحيانًا يشرب جزءًا من الحليب مع الدواء، ثم يُكمل الكمية بعد ساعة أو أكثر.
5. هل يمكن أن يكون للحادث (والعملية) آثار مستقبلية على الطفل؟
6. ما هو الصرع؟ وهل رجفة الجسم تعني إصابة بالصرع أو بدايته، أم أنها ليست ذات دلالة؟
7. كيف أتعامل مع طفل كثير النشاط، لا يهدأ، ويبكي كثيرًا للحصول على ما يريد؟
8. هل استخدامه المتكرر للهاتف المحمول والكمبيوتر خطر عليه في هذا العمر؟

جزاكم الله كل خير، وشكرًا لكم على سعة صدركم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله على سلامة ابنكم ونجاح العملية، ومن المعروف أن مثل هذه الحالات تستدعي تدخلاً جراحيًا عاجلًا، وقد تداركتم الوضع في الوقت المناسب؛ مما ساعد في تجنُّب المضاعفات الخطيرة، والتي قد تنتج عن النزيف داخل الجمجمة.

فالحمد لله تعالى أن أجريتم له الجراحة وكانت ناجحة جدًّا، وهذه الحالات بسيطة، ولكن كثيرًا ما لا يتم تشخيصها في الوقت الصحيح، وهذا هو الذي يؤدي إلى المشاكل المستقبلية، ولكن بالنسبة لهذا الابن -حفظه الله- أرى أن التشخيص قد تم في الوقت الصحيح، وأزيلت الكتلة الدموية، وهذا لا شك أنه هو العلاج الصحيح والعلاج الأسلم.

وبالنسبة للإجابة عن استفساراتكم:

1. ماذا لو لم تُجرَ العملية؟
لا شك أن هذا سوف يكون له تبعات سلبية جدًّا، فالتجلط أو الكتلة الدموية سوف تظل موجودة، وربما تزداد في حجمها، وإن لم تزدد في حجمها ربما تضغط على أغشية المخ وخلايا المخ، ولا شك أن هذا يؤثر على النمو يؤثر على حركة الطفل، ويؤثر أيضاً على الإفرازات الكهربائية في المخ، فالإجراء الصحيح هو أن يتم إزالة الكتلة الدموية وهذا هو الذي حدث.

إذًا لو لم يتم إجراء الجراحة في الوقت المناسب، كان من المحتمل أن يزداد حجم التجلط الدموي؛ مما قد يؤدي إلى ضغط على أنسجة الدماغ، وهذا الضغط قد يسبب تلفًا في خلايا الدماغ، أو يؤدي إلى مضاعفات مثل التشنجات، أو تأخر النمو الحركي والعقلي لدى الطفل. لذلك فإن التدخل الجراحي كان الحل الصحيح.

2. ما معنى زيادة "التكهرب" في المخ وما هي النتائج؟
يعرف أن مخ الإنسان وكذلك القلب تعمل من خلال إفرازات كهربائية معينة، وهذا التيار الكهربائي له ضوابطه ولا شك أنه منظم بصورة بديعة جدّاً، وفي بعض الأحيان قد يحدث نوع من الخلل أو الاضطراب في هذا الإفراز الكهربائي، وبالنسبة للمخ إذا وجدت بؤرة من الخلايا المتليفة مثلاً، هذه تكون منطقة تُفرز منها تيارات كهربائية غير منتظمة وغير متناسقة وغير متجانسة مع بقية أجزاء المخ، وهذا هو الذي يسمى بزيادة كهرباء المخ، أو ما يجب أن يسمى اصطلاحاً (بؤرة صرعية) لأن هذا هو المسمى الصحيح، وليس من الضروري أن تكون البؤرة الصرعية نشطة، بمعنى أنه ليس من الضروري أن تحدث التشنجات؛ لأن هذا الاضطراب الكهربائي إذا كان بسيطاً قطعاً لن تظهر التشنجات.

3. إلى متى يستمر تناول الدواء، وما آثاره؟
يعرف أن بعد إجراء مثل هذه العمليات يستحسن أن تُعطى الأدوية المضادة للصرع مباشرة، وبعض الأطباء يعطيها لمدة ثلاثة أشهر فقط بعد إجراء العملية، والبعض يعطيها لمدة ستة أشهر، وبعض المدارس الطبية -تحفظاً- تُعطي هذه الأدوية لمدة عام.

فإذًا هناك اختلاف، وأنا دائمًا أحب وأؤيد الأحوط وهو أن يستمر الدواء لمدة عام، وإن كانت هنالك حاجة لأن يستمر لأكثر من عام فلا بأس في ذلك، وهذا بالطبع سوف يعتمد على الحالة الإكلينيكية للطفل، وكذلك نتائج تخطيط الدماغ، فلا تنزعجي لهذا الأمر، وأنا على ثقة تامة أن الطبيب الذي يتابعه له المعرفة والإلمام والإدراك التام لحساب جرعة الدواء، والمدة التي يجب أن يستمر الطفل في تناول هذا الدواء.

4. هل يجب تناول الدواء دفعة واحدة وفي وقت محدد، لأنه أحياناً يشرب جزءًا من الحليب ويبقى جزءًا قد تتعدى ساعة ليكمله؟
نعم، يُفضل تناول الجرعة دفعة واحدة وفي وقت محدد يوميًا، لكن إذا تأخر الطفل قليلًا أو شربه على فترات، فلا ضرر كبير، بشرط ألا يتكرر ذلك كثيرًا، ويُستحسن تقديم الدواء في وقت لا يكون مرتبطًا بالحليب لتفادي التأخير. فالأفضل أن يتم تناول الجرعة مرة واحدة، ولكن اختلاف ساعتين أو حتى ثلاث ساعات ليس هنالك -إن شاء الله- أي أثر سلبي لذلك، فلا تنزعجي لذلك.

5. هل هناك آثار مستقبلية للعملية؟
لا أعتقد أن هنالك أثرا سلبيًا في المستقبل أبداً، على العكس تماماً إجراء العملية كان أمراً مطلوباً، وهي عملية بسيطة كما ذكرت لك، الإشكال دائماً يكون في أن الحالة لا تشخص ولكن هذا الطفل - بفضل الله - شُخِّصت حالته وأجريت العملية وهي بسيطة جدّاً، ولا توجد إن شاء الله أي آثار سلبية بالنسبة للطفل في المستقبل، ويعرف أن دماغ الطفل بفضل الله تعالى يتحمل كثيراً أكثر من دماغ الكبار.

6. ما هو الصرع؟ وهل رجفة الجسم تعني نوبة صرع أم بداية صرع؟
الصرع هو اضطراب عصبي يتمثل في نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ، ليس كل رجفة تعني نوبة صرعية، خاصةً عند وجود حرارة مرتفعة، فقد تكون الرجفة استجابة للحمى فقط، والمتابعة المستمرة وتكرار تخطيط الدماغ (EEG) ستساعد في توضيح الحالة بشكل أفضل.

وهناك عدة أنواع للصرع، هناك صرع جزئي، وهناك صرع كامل أو صرع عام، أمَّا موضوع رجفة الجسم والتشنجات فتتفاوت حسب المنطقة التي تكون فيها البؤرة الكهربائية، وهنالك تشنجات عامَّة قد تحدث، وفي بعض الأحيان لا توجد تشنجات، ولا توجد رجفة، أو تكون جزئية جدًّا.

7. كيف أتعامل مع الطفل كثير الحركة والصراخ؟
الطفل من الواضح أنه يعاني من درجة بسيطة من زيادة الحركة والاندفاعية وهذا يحدث بعد العمليات الدماغية، وأعتقد أن هذا الابن -حفظه الله- قد استأثر بمعاملة خاصة وذلك نسبة للعملية وما حدث له، وأصبح بعد ذلك لا أقول يحاول شد الانتباه، ولكن يحاول دائمًا أن يعامل معاملة خاصة، ويريد أن يتحصل على ما يريد بصورة آنية جدّاً، كما أنه لا يخلو من شيء من التعانف في اللعب.

الذي أقوله لك: هذه إن شاء الله حالة عرضية جدّاً، والذي أنصح به هو أن تتحاولي أن تتجاهلي بقدر المستطاع صراخ الطفل، كما أنه يجب أن لا يستجاب له بكل ما يطلب وفي كل ما يريد، لا شك أنه سوف يحتج في المراحل الأولى، ولكن بعد ذلك سوف يتطبع على ما هو صحيح إن شاء الله تعالى.

إذًا الجئي إلى أسلوب الترغيب معه، وفي نفس الوقت التجاهل، وحاولي أيضًا اجعليه يختلط مع بقية الأطفال، ولا تفرضي عليه رقابة شديدة، نحن نعرف أنه طفل خاص، ولابد أن الشفقة من جانبكِ بعد إجراء الجراحة سوف تُؤثِّر على علاقتك معه، ولكنه في حفظ الله، فأرجو أن تعامليه كطفل طبيعي؛ لأنه فعلاً طفل طبيعي بعد أن تم إجراء الجراحة والتي كانت ناجحة بحمد الله.

8. هل استخدام الهاتف والأجهزة الإلكترونية خطر عليه؟
يفضّل الحد من استخدام الهاتف المحمول والكمبيوتر في هذا العمر، خاصةً بعد إصابة دماغية، لأن استخدام هذه الأجهزة لفترات طويلة قد يؤثر على التركيز والنوم والتطور العقلي، ومن الأفضل تشجيعه على اللعب الحركي والتفاعل الواقعي.

نسأل الله تعالى له الشفاء والعافية، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً