الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنواع الصداع ذات المنشأ الجسدي والنفسي وعلاجها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ فترة وأنا أعاني من صداع مزمن، وأتناول مسكنات بكثرة، لكنها لا تزيل الصداع، وأشعر بألم في الجانب الأيسر من الرأس، فوق منطقة الأذن تقريبًا، باتجاه الجبين، مع تنميل كامل في الجانب الأيسر من الوجه.

كما أنني دائمًا في حالة عصبية، لا أتحمل الضوء ولا الضجيج، ويزول الصداع أحيانًا لمدة خمسة أيام أو أسبوع، ثم يعود ويستمر لفترة تقارب الأسبوعين، لكنه في المرة الأخيرة استمرّ لمدة شهرين متتاليين.

أشعر أيضًا بكآبة شديدة، ورغبة بالبكاء، وأعاني من اضطرابات في النوم، وأشعر بوهن عام وألم في جسدي وتعب مستمر، ويؤلمني باطن قدميّ ومنطقة الكاحل، وأشعر بحرارة شديدة فيهما، خصوصًا أثناء الليل، ما يدفعني أحيانًا إلى وضع قماش مبلّل بالماء البارد عليهما كي أتمكن من النوم.

أرجو منكم إفادتي، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهناك عدة أنواع للصداع المزمن المتكرر منها:
1- صداع التوتر.
2- صداع المسكنات.
3- الصداع العنقودي، أو الألم العصبي الشقيقي.
4- الشقيقة وهي الصداع النصفي.

ويعاني معظم الناس من صداع بين الحين والآخر، ولكنه يختفي عادة بشكل تلقائي في غضون ساعات قليلة، لكن هذا الألم يمكن أن يستمر عند بعض الناس لفترة أطول؛ مسببًا ضائقة كبيرة، وقد يتركز عند مؤخرة الرأس أو على الجبهة وخلف العينين، وتتفاوت نوعية الألم بين الفاتر والمستمر، والمفاجئ والحاد، ومع ذلك فمن النادر أن يكون ألم الرأس (الصداع) سببًا مهددًا للحياة.

كما أن معظم أوجاع الرأس ليست خطيرة بطبيعتها، رغم أنه قد يكون من الصعب إيجاد تفسير وعلاج لها، وكثيرًا ما يسبب تكرر الصداع أيضًا الاكتئاب والتوتر؛ بسبب تكرره، وأحيانًا استمراره فترة طويلة كما هو الحال عندك، وسنذكر أنواعها بالتفصيل:

1- صداع التوتر: وهو النوع الأكثر شيوعًا للصداع، ويمكن أن يكون مؤلمًا باعتدال أو بشدة، والألم ينتج عن تشنج في عضلات الفروة، ويحس المريض به عادة على شكل شدّ في الجبهة، وغالبًا ما يمتد نحو الخلف إلى الرقبة، ويؤدي تدريجيًا إلى ألم أو تعقد أو ضغط في العنق، أو الجبهة، أو فروة الرأس، ويصاحب هذا الصداع شيء من الغثيان لكن بدون قيء في العادة، ويدوم الصداع ساعات قليلة، لكنه قد يستمر في بعض الأحيان إلى أيام أو أسابيع أو أطول من ذلك، وهو يصيب الرجال والنساء على حد سواء.

وهنالك العديد من العوامل التي يمكن أن تحث على هذا الصداع، مثل: الإجهاد والضجيج، وبعض أنواع الدخان، والمشاكل المتعلقة بالنظر، والاكتئاب، وغالبًا ما يكون صداع التوتر ناتجًا عن وضعية جلوس سيئة، وعن التحديق لفترات طويلة في شاشة الكمبيوتر، ويستجيب هذا الصداع بشكل جيد لتقنيات الاسترخاء والمسكنات التي لا تحتاج إلى وصفات طبية، وهو يتحسن غالبًا عن طريق ممارسة بعض التمارين الرياضية المعتدلة، كما أن تدليك فروة الرأس أمر مفيد غالبًا، وهناك عوامل تزيد من إمكانية حصول صداع التوتر منها:

- الكحول.
- التدخين.
- الضغط أو التعب.
- إجهاد العين.
- النشاط الجسدي أو الجنسي.
- الأوضاع غير السليمة.
- تغيير حالات النوم، أو أوقات تناول الوجبات.
- الموز، الكافيين، الأجبان المعتّقة، الشوكولا.
- الفاكهة الحمضية، الطعام المخمّر أو المخلل أو المملح.
- التوابل، البيتزا، الزبيب.
- تغيير المناخ، أو الارتفاع أو الوقت.
- التغيرات الهرمونية التي تطرأ خلال الدورة الشهرية، أو بعد سن اليأس، واستعمال وسائل تحديد النسل الفموية (حبوب منع الحمل)، أو الخضوع لعلاج بديل للهرمونات.
- الأضواء القوية أو البرّاقة.
- الروائح بما في ذلك: العطور أو الغاز الطبيعي.
- الهواء الملوث، أو الغرف المكتظة.
- فرط الضجيج.

أما لعلاج صداع التوتر العرضي: فجرّبي أولًا التدليك أو الكمادات الساخنة أو الباردة، أو الحمام الدافئ، أو الراحة، أو تقنيات الاسترخاء، وفي حال لم تنجح هذه الوسائل في تخفيف الألم، تناولي حبتين من البنادول الاسيتامينوفين، أو الأبوبرفين، وفي حال تكرر الصداع ننصح بالتالي:

- تجنب محفزات الصداع قدر الإمكان، ويحتاج الكثيرون إلى تغيير أسلوب معيشتهم على سبيل المثال.
- احصلي على قسط واف من النوم المريح والتمرين، ويجب مراجعة الطبيب في حال عدم التحسن مع هذه الإجراءات، فقد يحتاج المريض إلى إجراء صورة للرأس، وأعتقد أن هذا ما تعانين منه، أي أنه هو صداع التوتر.

2- صداع المسكنات: والمسكنات قد تكون سببًا فعليًا للصداع، فقد دلّت الدراسات على أن الاستخدام المنتظم والطويل الأمد لمسكنات آلام الصداع، يمكن أن تسبب ألمًا شبيهًا بصداع التوتر، ويميل من يعاني من هذا النوع من الصداع إلى استخدام أنواع أقوى من المسكنات، لكن ذلك لن يؤدي إلى تفاقم الحالة، ويمكن تجنب هذا النوع من الصداع بالامتناع عن تناول المسكنات إلا عند اللزوم.

3-الصداع العنقودي CLUSTER HEADACHE: ويسبب ألمًا ثابتًا ومزعجًا داخل العين وحولها، ويطرأ بشكل متسلسل، ويبدأ في الوقت نفسه من النهار أو الليل، ويسبب احمرارًا في إحدى العينين، واحتقانًا في الأنف من الجهة نفسها.

ويطرأ هذا الصداع أحيانًا بشكل منتظم، ويرتبط بالضوء، أو بالتغيرات الفصلية، وقد يساء تشخيصه على أنه عدوى في الجيوب، أو مشكلة في الأسنان، وهذه الحالة الاستثنائية غير مفهومة تمامًا، وفيها يستيقظ المعانون منها -وغالبيتهم من الرجال- في منتصف الليل على وقع ألم مبرح في إحدى العينين، وتدوم هذه الهجمة ما بين 15 إلى 30 دقيقة، ويتبع الصداع نمطًا معينًا، بحيث يحدث مرة إلى أربع مرات كل يوم، ويكون هذا الألم شديد المقاومة للمسكنات وللعقاقير المضادة للشقيقة، ويمكن أن يفاقم التدخين وشرب الكحول من خطر حدوث الصداع العنقودي.

4-الشقيقة (الصداع النصفي): ويمكن لهذا الشكل الحاد من الصداع أن يكون مرهقًا للغاية، ويعاني الملايين من الأشخاص في مختلف أرجاء العالم من الشقيقة كل عام، وتحدث النوبات الأولى للشقيقة قبل سن الثلاثين، لكن الأطفال بعمر الثلاث سنوات قد يعانون أيضًا من هذه الحالة، ومن النادر أن يعاني المرء من أول نوبة للشقيقة بعد سن الأربعين، وعادة تقل توترات النوبة وحدتها مع التقدم في السن، وهناك نوعان للشقيقة:

1-الشقيقة التقليدية: ويؤثر الصداع في جانب واحد من الرأس، ويتلقى معظم الناس إنذارا قبل بدء الصداع، يتمثل عادة في أضواء لامعة، أو نجوم أو خطوط متكسرة، وتكون حوالي 20 % من حالات الشقيقة من النوع التقليدي.

2- الشقيقة الشائعة: ويتمثل العرض الوحيد غالبًا في شكل صداع على جانب واحد من الرأس، ويعاني عادة المصابون بالشقيقة أو ما يسمى بالصداع النصفي من أعراض أخرى، مثل: اضطراب الرؤية، إضافة إلى الصداع، وليس هنالك سبب واضح للحالة، ولكن يرجح أن تكون ناجمة عن توسع بعض الأوعية الدموية في الدماغ قبيل ظهور الأعراض، تضيق الشرايين الصغيرة في الدماغ ما يقلل من جريان الدم، ولأسباب غير واضحة تمامًا يبدأ الصداع وتتسع الشرايين الصغيرة مجددًا، وقد تحدث النوبة بعد:
- التوتر والإجهاد.
- تناول بعض المواد الغذائية، مثل: الجبنة، والشوكولاتة، والقهوة.
- الخمر.
- تفويت الوجبات.
- حبوب منع الحمل.
- الحيض.
- الجماع.

ومع تنامي الإحساس بالصداع قد تظهر أيضًا بعض الأعراض التالية:
- القيء.
- النفور من الضوء الساطع (رهاب الضوء).
- سرعة الغضب.

وقد يسبق الشقيقة تغير في البصر، أو وخز مؤلم في إحدى جبهتي الوجه أو الجسم، أو اشتهاء نوع معين من الطعام، وبعد انقضاء نوبة الشقيقة يشعر المصاب بالرغبة في النوم، ومن غير المعتاد أن تستمر نوبة الشقيقة لأكثر من 24ساعة، رغم أن بعض الأشخاص قد يعانون من نوبات راجعة، بحيث يفصل بينها يوم أو نحو ذلك.


أما علاج الشقيقة (الصداع النصفي): فتكون الأدوية سببا لمنع نوبات الشقيقة وتجنب أية عوامل تعجّل في حدوث النوبة، وقد يفيد تدوين الأطعمة التي تناولتها والعوامل الأخرى، لكي تتمكني من تحديد السبب المحتمل للنوبة، وفي العديد من الحالات يكفي تغيير بسيط في النظام الغذائي؛ لمنع معاودة النوبات عند بداية الإحساس بصداع الشقيقة، ويمكن للمسكنات أو العقاقير المضادة للشقيقة -التي تؤثر على الأوعية الدموية في الدماغ- أن تساعد في تخفيف الألم، وقد ينصحك الطبيب بتناول أدوية مضادة للقيء لإخماد الغثيان أو التقيؤ، أو قد يصف لك بعض العقاقير التي تقي من النوبات كعلاج طويل الأمد، ويتمكن البعض من إيقاف نوبة الشقيقة بالنوم في غرفة مظلمة، أو باستهلاك الكافيين من القهوة مع المسكنات.

وأما بخصوص الحرارة في باطن القدم، وخاصة أنها تترافق مع ألم في الكاحل، فعلى الأرجح أن هناك التهابًا في غلاف الأوتار التي تمر خلف الكاحل من الداخل، وتسبب ضغطًا على العصب في الرجل، مسببة هذا الحرقان، وأنا أرى أن تراجعي طبيبًا مختصًا بأمراض الروماتيزم أو العظام للفحص، وأحيانًا قد يلزم إعطاء حقنة كورتيزون موضعي، وقد يكون السبب نقص الفيتامين (ب12)، وعند من يعاني من السكر يكون السبب هو التهاب الأعصاب، ويحتاج لمراجعة طبيب مختص بالأعصاب في هذه الحالة.

نسأل الله لك الشفاء العاجل، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً