الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر القلق النفسي على آلام الرقبة والتنميل، وكيفية علاجه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 24 سنة، أدرس في الجامعة وأعمل معلمًا في مدرسة -والحمد لله- وضعي الاقتصادي جيد.

بدأت قصتي قبل شهر ونصف تقريبًا، حين عانيت من ألم في الرقبة سبّب لي خدرًا في اليد اليسرى، وكان الألم حادًا ولا يُطاق، ثم انتقل الألم إلى أسفل الظهر.

كنت أعاني من تعب مزمن، ورغم ذلك واصلت الدوام في عملي كمعلم لمادة الحاسوب، وبعد الدوام كنت أذهب إلى الجامعة حتى وقت متأخر من الليل، ثم أعود إلى البيت وأنا محطَّم بدنيًا ونفسيًا من شدة الإرهاق.

استمرت حالتي حتى قبل ثلاثة أسابيع تقريبًا، حيث تحسّن ظهري ورقبتي، لكنني لاحظت أنني أعاني من تنميل في يدي اليسرى طوال اليوم.

قبل ثلاثة أسابيع، غضبت بشدة من أمر ما، ثم شعرت بإرهاق مفاجئ وانهرت فجأة، مما جعلني أسقط على الأرض، وأصابني بعدها تنميل في يدي اليسرى وشفتي، تم نقلي إلى الطوارئ حيث أجريت فحوصات للدم، والسكر، والضغط، وكل شيء كان جيدًا -والحمد لله-.

بعد ذلك بدأ يظهر لي شعور غريب من التعب المستمر، وصرت أعاني من القلق، كما كنت أستيقظ على كوابيس وهلوسات، كنت لا أستطيع النظر إلى مناظر مؤثرة، وكان صدري يضيق من كل شيء، حتى الصوت العالي لم أعد أحتمله.

وبعد ذلك كنت أصحو على خدر وحرارة في الجهة اليسرى من الوجه، مع تنميل فوق الحاجبين، وتنميل شديد في يدي اليسرى، بالإضافة إلى صعوبة في التركيز، وضغط غريب في رأسي، وبعد ساعات تختفي هذه الأعراض، ثم أرتخي وأذهب إلى النوم بسبب التعب.

ذهبت إلى طبيب الأعصاب قبل أسبوعين تقريبًا، وأجرى لي فحصًا روتينيًا وتخطيط دماغ، وكل شيء كان جيدًا -والحمد لله-.

قال لي الطبيب: أنت تعاني من الاكتئاب القلقي، وأعطاني دواء ديانكسيت (Deanxit) لمدة أسبوعين، وخلال الأسبوعين، تحسنت حالتي النفسية قليلاً، لكن كانت تراودني بين الحين والآخر الأعراض القديمة، مثل:
- ضغط في الأذنين.
- صعوبة في التركيز.
- ضغط غريب في رأسي.
- وخز في القدمين، وأماكن مختلفة في جسدي.

وبعد ساعات تختفي هذه الأعراض، ثم أرتخي وأذهب إلى النوم من شدة التعب والإرهاق.

إضافة: قبل أربعة أيام، أخبرتُ الطبيب بما يحدث لي، ولكنني شعرتُ أنه لا يصدقني، وقال لي: حالتك ممتازة، لكن سوف نُعطيك دواء يُسمى زولفت (Zoloft) 50 ملغ، حبة واحدة لمدة شهرين، وسوف تتحسن حالتك.

لا أعرف لماذا وصف لي هذا الدواء، ولماذا وصف لي مضادًا للاكتئاب؟ المهم، تناولتُ حبة واحدة من الدواء، فشعرتُ بثقل في جسمي، ولم أتمكن من التركيز، وفجأة، شعرتُ باسترخاء مفاجئ حتى إني لم أستطع الوقوف، وأصابني تنميل شديد في وجهي ويدي اليسرى.

خِفتُ كثيرًا، وتسارعت نبضات قلبي، وبعد ساعة اختفت هذه الأعراض عني، ولذلك لم أتناول الدواء مرة أخرى، شعرتُ بقلق شديد، وأعتقد أنني أصبتُ بالقلق بسبب الدواء نفسه.

لم أتمكن من النوم جيدًا، وأصابتني كوابيس في الليلتين التاليتين، بالإضافة إلى قلق نفسي مزمن، وأحسستُ أنني مريض وسوف أموت.

أشعر أن نفسيتي محطمة، وأعاني من تعب مزمن وتنميل في قدمي أحيانًا، ولا أعرف ماذا أفعل، هل يجب عليّ العودة إلى الدواء القديم، أم الاستمرار في الدواء الجديد؟ أم يجب أن أذهب إلى طبيب آخر؟

ساعدوني إن استطعتم، وشكرًا للجميع، وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه حين وصفت حالتك من الوهلة الأولى أتاني اعتقاد بأنه ربما يكون لديك ضغط على الأعصاب في الرقبة، وهذا الضغط قد ينتج من خشونة في العظام، أو من غضروف في عظام الرقبة يؤدي إلى الضغط على جذور الأعصاب التي تخرج من هذه المنطقة، ومن ثم هذا قد يؤدي إلى ما حدث لك، من ألم وخدران في اليد اليسرى.

ولكن بعد أن تأملتُ في رسالتك، وما حدث لك من أعراض، والحادثة التي جعلتك تذهب إلى قسم الطوارئ، ومن ثم قام الطبيب –أي طبيب الأعصاب– بعد أن قابلته وصف لك دواء الديناكسيت، وهو مضاد للقلق، وأعتقد أن الطبيب قد أحسن أنه قام بتخطيط الدماغ، وتأكد أنك لا تعاني من أي بؤرة صرعية.

أخي الفاضل الكريم، أقول لك: إن القلق النفسي هو السبب الرئيس في حالتك، والقلق النفسي كثيرًا ما يتجسد في شكل أعراض جسدية، ومن أهم هذه الأعراض: الشعور بالتنميل، أو الخدر في أجزاء مختلفة من الجسم، وكذلك الشعور بالضيق في الصدر، وآلام جسدية عامة، وشيء من هذا القبيل.

أنا أرى أن حالتك في الأساس هي قلق نفسي وليس أكثر من ذلك.

وبالنسبة للعلاج الدوائي: أرى أنك في حاجة لأن تستمر على الديناكسيت بجرعة حبة واحدة في اليوم، فهو علاج جميل جدًا وفعال، ولكنك بالفعل محتاج لعلاج مدعم آخر ليجعل مزاجك أكثر صفاءً، وتكون أكثر استرخاءً، ولكي يزول عنك أي شعور بعسر المزاج أو الكدر، والدواء الذي وصفه لك الطبيب، وهو زولفت من الأدوية الممتازة، ولكنك لم تتحمل آثاره الجانبية، ولذا أنا أقول لك: سيكون الدواء المناسب هو ما يعرف باسم (فلوكستين FLUOXETINE)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك PROZAC).

يمكنك أن تتناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناوله بعد الأكل، ويفضل تناوله مساءً، ولكن لا مانع من تناوله في الصباح، حيث إنه دواء لا يؤدي إلى أي نوع من الكسل، أو الشعور بالنعاس أو الاسترخاء الزائد.

يجب أن تستمر على الفلوكستين لمدة ستة أشهر، بعد ذلك يمكنك أن تتوقف عن تناوله.

أما الديناكسيت فيجب أن تستعمله مع البروزاك في نفس اللحظة بجرعة حبة واحدة في اليوم، استمر عليه لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله وواصل في تناول البروزاك كما وصفت لك.

أخي الكريم: هنالك إجراءات علاجية أخرى لا بد أن تقوم بها، ومنها: ممارسة الرياضة، الرياضة مهمة وفاعلة جدًا في بناء طاقات نفسية جديدة، وتجعل الإنسان -إن شاء الله- يتخلص من القلق ومن التوتر.

أنصحك بأن تتجنب النوم في أثناء النهار، وألا تشرب الشاي أو القهوة، أو أي مشروب يحتوي على مادة الكافيين بعد الساعة السادسة مساءً.

حاول أن تثبت وقت النوم ليلًا، أي لا تسهر ليلاً ولا تنم مبكرًا يومًا آخر، حاول أن ترتب الساعة البيولوجية لديك بطريقة تجعلك تنام نومًا هانئًا وسعيدًا، وأنصحك بالطبع بالحرص على أذكار النوم، ويجب أن تتجنب تناول الطعام الدسم ليلًا، ويفضل أن تكون وجبة العشاء مبكرة وخفيفة جدًا؛ لأن الأكل الدسم والثقيل سبب رئيسي في الكوابيس الليلية.

وأرجو أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، وأن تجعل لحياتك معنى، -وما شاء الله- أنت رجل تَدْرس وتُدَرس في نفس الوقت، وهذا يجب أن يعطيك حقيقة دفعة إيجابية وتبني تصورًا إيجابيًا حول نفسك؛ لأنك رجل منجز بالفعل، وأسأل الله لك المزيد من التوفيق والسداد.

أنصحك بأن تجعل رقبتك في وضع مريح؛ لأن الانشدادات العضلية والضغط على عضلات الرقبة؛ ربما يؤدي أيضًا إلى آلام في منطقة الرقبة، وكذلك في اليدين، وبما أنك تتعامل مع الكمبيوتر، فأنصحك بأن تجعل الكرسي الذي تجلس عليه في وضع منخفض، حتى تكون الرقبة في وضع توازن.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً