الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الآلام في منطقة الكلية وعلاقتها بالقولون العصبي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية قال الأطباء: إنني أعاني من القولون العصبي؛ والسبب هو الغازات المستمرة في بطني، وكانت مصحوبة بإمساك شديد وألم بسيط أحيانًا، وهذا منذ سنوات، لكن قبل حوالي شهر ونصف، بدأ عندي ألم شديد جدًا في الظهر، تحديدًا في منطقة الكلية اليمنى، لدرجة أنني لم أعد أستطيع النوم أو الجلوس من شدة الألم.

ذهبت إلى المستشفى، وأجروا لي تحليل البول -أكرمكم الله-، وتحليل الدم، كما عملوا لي أشعة، وفحص الطبيب الزائدة الدودية وفحص بطني، وبعد ظهور النتائج، قال الطبيب: إن جميع التحاليل سليمة، ولا يوجد شيء مقلق، وذكر أن الاحتمال الأكبر هو القولون العصبي، ووصف لي علاجًا للغازات، بالإضافة إلى حبوب سوداء، مرسوم على علبتها فواكه، وبالفعل، خف الألم قليلًا، واستمر تقريبًا عشرة أيام ثم اختفى تمامًا، لكن بعد ذلك، لاحظت أنني عند قيادة السيارة أشعر بتوتر في منطقة الظهر، وكأن أحدًا يمسك بيده ظهري من الخلف، ونفس الإحساس يتكرر أحيانًا في العمل، على شكل توتر في نفس المنطقة، وبعد أربعة أيام عاد لي نفس الألم في الظهر، تحديدًا حول منطقة الكلية، ولكن هذه المرة كان أشد من قبل، فراجعت أقرب مستوصف خاص، وأُعطيت إبرتين مهدئتين، لكن الألم لم يهدأ نهائيًا.

أجريت تحليل البول، وبعد ظهور النتيجة، قال لي الطبيب العام: احتمال أن يكون لديك حصى في الكلى، وكتب لي بعض الأدوية، لكنني لم أشترها، ولم أُعر كلامه اهتمامًا، بعد ذلك ذهبت إلى مستشفى حكومي كبير، وأجروا لي فحوصات شاملة: تحليل البول، وتحليل الدم، وأشعة، كما أُعطيت إبرتين مهدئتين دون فائدة، فاستمر الألم، ثم أُعطيت إبرة ثالثة، ومع ذلك لم يخف الألم، وبعد أربع ساعات، جاء الطبيب ومعه نتائج الفحوصات، وقال لي: تحاليلك سليمة، ولا يوجد لديك شيء: لا حصى، ولا شيء آخر، والأشعة سليمة، فقلت له: إذًا ما هذا الألم الفظيع الذي أشعر به؟ فأجاب: احتمال أنه قولون عصبي، وأعطاني بعض المهدئات، علمًا بأنني أعاني من إمساك شديد وانتفاخات مستمرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن آلام القولون العصبي قد تكون في أي مكان من البطن، ومن ضمنها الخاصرة أيضًا، ويترافق الألم مع غازات في البطن، ويجب أن نتأكد عندما يشكو المريض من آلام في منطقة الخاصرة، من أن مصدر الألم هو الكلية، فعادة آلام الكلية تكون شديدة بشكل مغص، وينزل الألم إلى أسفل البطن وإلى الخصية، ويترافق مع وجود دم في البول، وقد تظهر الصورة بالأشعة العادية، ولذا دائمًا يجرى تحليل البول، فإن وجد دم في البول فعلى الأكثر يكون الألم من الكلية، سواء من حصوة، أو نزف في كيس في الكلية، أو أحيانًا يكون هناك أمراض أخرى في الكلية تسبب ذلك.

من ناحية أخرى: يمكن للعضلات في منطقة الخاصرة أن تسبب ألمًا، إلا إن الألم في هذه الحالة يزداد في وضعية معينة -أي مع الحركة-، ويخف مع الثبات في وضعية معينة؛ لأن له علاقة بالعضلات التي يزداد ألمها مع حركة العضلة، بينما آلام القولون والكلى لا يزيد الألم فيها مع الحركة، وليس له علاقة بالوضعية، لذا فإن لم يكن هناك أي مشكلة في الكلية من التحاليل، فلا بد وأن الألم الذي تعاني منه هو من القولون العصبي، والذي يؤكد ذلك أنك تعاني من إمساك ومن غازات.

القولون العصبي مرض شائع جدًا، وينجم عن اضطراب مزمن في وظيفة القناة الهضمية، وخاصة الأمعاء الغليظة -القولون-، فينتج عن ذلك انتفاخ وآلام في البطن، مع اضطراب في التبرز، من إسهال، أو إمساك، وغازات، -وهذا ما تشكو منه أنت- وهذا المرض يتميز بأنه لا يكون في المريض خلل أو اضطراب عضوي، أي أن الأعراض ليست بسبب التهاب أو جراثيم أو أورام، أو غير ذلك، وإنما هي ناتجة عن زيادة الإحساس بتقلصات، واضطراب في حركة الأمعاء، ومن أهم الأمور بالنسبة لهذا المرض أنه مزمن ومتردد، أي أنه غالبًا ما يستمر مع الإنسان لسنوات طويلة، وقد يلازمه طول عمره.

وتتردد الأعراض فتزداد في فترة معينة وتخف في أخرى، أو تزول لفترة معينة، وتظهر مرة أخرى فيما بعد، ويلاحظ معظم المرضى أن الأعراض تزداد مع القلق واضطراب الحالة النفسية، كما أنهم يشعرون بالتحسن أثناء الإجازات، وفي فترات استقرار الحالة النفسية، فالصلة قوية جدًا بين أعراض القولون العصبي، والحالة النفسية لدى الإنسان، فحين يكون المريض مرتاحًا، وفي وضع استرخائي وبعيدًا عن الضغوطات النفسية، يحس أن الأعراض قد اختفت، وأنه قد أصبح في صحة جيدة، وحين يكون تحت ضغوط نفسية أو قلق أو توتر، تزداد أعراض القولون العصبي.

ومن ناحية أخرى: فإن الأعراض قد ترتبط بأنواع معينة من الأغذية والأطعمة، كالحليب، والبهارات، والفلفل، والبقوليات، وتختلف من مريض لآخر، ولا تقتصر أعراض القولون العصبي على ما سبق، بل هناك أعراض كثيرة قد تحدث في أجزاء أخرى من الجسم، وقد ينزعج منها المريض، ولكن مهما عمل الطبيب من فحوصات، فإنه لا يجد أي سبب آخر، ومنها:

- شعور بالإرهاق والتعب العام.
- شعور بالشبع وعدم الرغبة في الأكل، ولو بعد مضي وقت طويل بعد الوجبة السابقة.
- آلام في أسفل البطن أثناء التبول، وأحيانًا الشعور بالحصر.
- آلام شبيهة بوخز الإبر في عضلات الصدر والكتفين والرجلين وغيرها.

وتفهّم هذا المرض من قبل المريض تفيده في التأقلم مع هذا المرض، وهي أن هذا المرض ليس عضويًا، بمعنى أننا لو فتحنا البطن وتفحصنا الأمعاء لوجدناها سليمة، ولهذا فإن الفحوصات التي يعملها لك الطبيب غالبًا ما تكون نتائجها كلها سليمة، وهذا المرض مزمن، وقد يستمر معك طوال العمر، فعليك أن تصبر وتحتسب الأجر عند الله، وتحاول أن تتكيف مع أعراض المرض، ومهما طالت مدة المرض معك، فهو لن يؤدي إلى أي مضاعفات أو أمراض أخرى، فهو لا يؤدي إلى نزيف أو التهاب أو سرطان، ولا إلى غير ذلك.

والعلاج هو علاج الأعراض، والابتعاد عن الأمور التي تزيد الأعراض: سواء التوتر والقلق، أو أطعمة معينة.

وبالنسبة للعلاج الدوائي: فهو (دسباتالين) للتقلصات، ثلاث مرات في اليوم، مع (دسفلاتيل) للغازات، ثلاث مرات في اليوم، والاستمرار على الأدوية طالما أن الأعراض موجودة؛ حتى تخف الأعراض، ثم تبدأ بالتوقف عنها، ويجب العودة إليها متى عادت الأعراض.

وعليك أن تتخير الأطعمة التي تراها مريحة بالنسبة لك، فكما ذكر لك الدكتور، هنالك أطعمة ربما تثير القولون العصبي، فعليك أن تتجنبها.

التمارين الرياضية وجد أنها مفيدة جدًا، وأي نوع من التمارين الرياضية، خاصة تمارين المشي أو الجري أو ممارسة كرة القدم، أو أي نوع من أنواع الرياضات الأخرى، وتمارين الاسترخاء، وجد أنها مفيدة لمرضى القولون العصبي، بأن تجلس في مكان هادئ كغرفة قليلة الإضاءة، ويجب ألا تشغل نفسك بأي أمور حياتية، وفكر في شيء سعيد وجميل، اغمض عينيك ثم خذ نفسًا عميقًا وبطيئًا، ويجب أن تملأ صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن قليلًا، ثم بعد ذلك أمسك على الهواء قليلًا في صدرك، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم، ويجب أن تخرجه بكل قوة وبكل دقة وبطء، وكرر هذا التمرين خمس مرات صباحًا، وخمس مرات مساءً لمدة أسبوعين أو ثلاثة.

من الأدوية الفعالة -بإذن الله-: دواء زيروكسات، وهو من مضادات الاكتئاب وذو فعالية عالية لعلاج أعراض القولون العصبي، Seroxat)، ويعرف علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، وتبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرامات -نصف حبة- ليلًا لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة بعد ذلك إلى حبة كاملة -عشرين مليجرامًا- ليلًا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلًا، واستمر عليها لمدة شهرين.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً