الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب في عمل حلال ولكن يصعب عليّ تغيير مجالي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعمل في القطاع الخاص منذ تخرجي عام 2000، وتحديدًا في مجال السياحة بإحدى القرى السياحية، لم أشعر بالرضا عن هذا المجال بسبب ما يحتويه من ممارسات تتعارض مع قيمي، مثل تقديم الخمور والدعارة المقننة! أعترف بأنني قد أضعت بعض الفرص في بداية مسيرتي المهنية للعمل في قطاعات أخرى، ولكن الآن وبعد أن تجاوزت الثلاثين من عمري، أجد صعوبة في تغيير مجالي المهني، خاصة وأنني لست خريجًا في كلية التجارة؛ مما يزيد من شعوري بالإحباط، وفقدان الثقة في إمكانية تحقيق تغيير إيجابي.

أشعر بأنني محاصر في هذا العمل؛ حيث أتعرض لضغوطات من صاحب العمل، وأشعر بالإهانة بسبب الطريقة التي يتم التعامل بها معي، هذا الوضع يجعلني أتساءل عن مفهوم الرزق: هل هو فعلًا من عند الله، أم أنه مرتبط بأيدي رجال الأعمال؟ إذا كان الرزق من عند الله، فلماذا أجد صعوبة في الحصول على عمل آخر، وأشعر بأن الظروف تعاندني في كل محاولة للتغيير؟

أرغب في معرفة ما إذا كانت مشاعري هذه مبررة، وما الذي يمكنني فعله للتعامل مع هذا الإحساس المتزايد بالإحباط واليأس، أرجو منكم تقديم المشورة والنصح في هذا الشأن.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -أيها الأخ الحبيب-، ونسأل الله تعالى أن يفرج همك ويغنيك من فضله، وكن على ثقة أنك إذا أحسنت الظن بالله تعالى، واعتقدت أنه سيرزقك، وكنت مع هذا متقيًا لله تعالى تؤدي ما عليك من فرائضه، وتجتنب ما حرم عليك، إذا فعلت هذا فإنه سيجعل لك مخرجًا ويرزقك من حيث لا تحتسب، هكذا وعد الله تعالى في كتابه، وهو لا يخلف الميعاد، فقد قال -جل شأنه-: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، والرزق كله من عند الله، المال وغير المال، فقد قال الله سبحانه: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم}، فكل شيء المال وغير المال خزائنه عند الله سبحانه.

وهو سبحانه يوسع في الزرق لمن يشاء من العباد فتنة له واختبارًا، ويُضيّق على من يشاء فتنة واختبارًا، وعلى المسلم العاقل أن يأخذ بالأسباب المشروعة للزرق ثم يصبر على ما يقدره الله له، فإن الله تعالى أرحم بالإنسان من أبيه وأمه، بل أرحم به من نفسه، ولا يقدر له سبحانه إلا ما هو خير له، لكن قد يعلم الإنسان الخير وقد لا يعلمه، ونحن نوصيك -أيها الحبيب- بالأخذ بالأسباب الموصلة للرزق ومن أهمها:

1- التوبة إلى الله تعالى من الذنوب بتركها، والندم على ما فات، والعزم على عدم الرجوع إليها، وكن على يقين بأن الذنوب من أعظم أسباب الحرمان من الرزق، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

2- أكثر من الاستغفار: فإنه من أعظم أسباب الرزق، قال تعالى: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً* يرسل السماء عليكم مدراراً* ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا}.

3- صدق التوكل على الله والاعتماد عليه، فهو سبحانه مالك كل شيء.

4- البحث عن العمل المناسب وعدم اليأس.

5- دعاء الله تعالى باضطرار وصدق لجوء، فالله سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه.

نحن نوصيك -أيها الحبيب- بأن لا تجعل لليأس طريقًا للوصول إلى قلبك، وأحسن الظن بربك، فإنه سبحانه يقول: {أنا عند ظن عبدي بي}، وبعد أن تأخذ بالأسباب الممكنة؛ ينبغي لك أن ترضى بما قدره الله وقسمه لك، فتلك هي السعادة الحقيقة والغنى النافع، نسأل الله تعالى أن ييسر لك كل عسير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً