الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فكري مشتت حول مستقبلي الدراسي وأي تخصص أريد فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أشكر كل القائمين على الموقع الجميل؛ لأن الناس يثقون به جدًّا, وقد كنت أتمنى منذ زمن أن أذكر مشكلتي, وحانت الفرصة لأقولها, وأنتظر من حضراتكم الرد؛ للتخلص من هذه المشاكل.

بداية: أنا طالب في مدرسة صناعية مدتها 5 سنوات, وعمري 19 سنة, من دخولي المدرسة وأنا -ولله الحمد- محافظ على نفسي من الشباب غير الجيدين, ولم أعمل أي علاقة مع أي بنت, ولم أعاكس أي بنت؛ لأن حيائي يمنعني من مثل هذا, ولكن -للأسف- النت فيه كل شيء, وقد كلمت بنتًا على النت, وهذه أول مرة أعمل فيها شيئًا كهذا, وقد أحببتها وأحبتني, ولكني لم أخبرها الحقيقة كاملة عن نفسي, ولكنها تثق في كلامي, وأنا أريد أن أنهي هذا الموضوع, إلا أن الشيطان لا يتركني, ويقول لي: ستخسرها, ولن تجد مثلها, ويزين لي صورتها أمامي, وكلما أحاول أن أبتعد لا أستطيع, وأدعو كثيرًا.

المشكلة الثانية: أنا من أسرة متوسطة الحال, أي أن مستقبلنا غير مؤمن أنا وإخوتي الذكور, وهدفي أن أخرج من المدرسة وأدخل هندسة أو معهدًا فنيًا للقوات المسلحة, وقلت: سأدخل معهدًا عسكريًا من أجل أن أدخر شيئًا قبل أن أكبر في السن.

وهناك موضوع أثر علي, حتى على دراستي وهو: أني أفكر في هذا المعهد كثيرًا, حتى أنه بقيت لي السنة الأخيرة – الشهادة - وخائف ألا أحقق مجموعًا لهذا السبب, ولكن الموضوع الذي أقلقني أن والدي شيخ يخطب ويدرس في الجامع, وقد اعتقل منذ حوالي 9 سنين من أمن الدولة بدون سبب, عندما كان قانون الطوارئ, ومثله أناس كثر ومشايخ اعتقلوا بدون ذنب, وأخاف أن يؤثر هذا الموضوع على قبولي بالجيش؛ لأن هناك أناسًا قالوا مادام أن له ملفًا في أمن الدولة، فهذا سيؤثر, ولا أعرف هل كلامهم صحيح أم لا؟ قلت لهم: إنه ليس جنائيًا حتى يكون له ملف, وهذا الموضوع شغلني كثيرًا, وكل ما أقول سأترك كل شيء لربنا, سرعان ما أرجع وأفكر فيه مرة أخرى, بماذا تنصحوني؟!

علمًا أن هذين الموضوعين أثرا على مذاكرتي في هذه السنة الحالية, وهي السنة الرابعة، بماذا تنصحوني وأنا داخل على الشهادة في السنة الخامسة إن شاء الله؟

أطلت على حضراتكم, وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تائب إلى الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك, وأن يثبتك على الحق, وأن يوفقك في دراستك, وأن يعنيك على الوقوف مع أسرتك, وأن يجعلك من المتميزين في دينك, وفي دنياك, وأن يوسع رزقك, وييسر أمرك, وأن يوفقك حتى تقف مع أسرتك وقفة تليق برجل فاضل مثلك, يحب الخير لنفسه وللناس من حوله.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل- فيما يتعلق بهذه الفتاة التي تكلمت معها عبر النت فإني أريد أسألك سؤالاً، هل ترضى لأختك أن تقيم علاقة مع شاب عن طريق الإنترنت أو الشات كما فعلت أنت؟ أنا واثق من أنك سوف تقول: لا؛ لأنك تائب إلى الله، ولأنك رجل صادق, وبذلك أقول لك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الشاب الذي أتى وطلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يرخص له في الزنا -عياذًا بالله- فقال له: (هل ترضاه لأمك, هل ترضاه لأختك, هل ترضاه لابنتك, هل ترضاه لعمتك, هل ترضاه لخالتك, إلى أن قال له ما لا ترضاه لنفسك لا ترضه لغيرك).

فأنا أتمنى أن تكون رجلاً واقعيًا, وأنت صاحب ضمير حي، أنت لا ترضى أبدًا لأختك أن تقيم علاقة مع أي شاب بهذه الطريقة, فضع نفسك مكان هذا الشاب، وتوقف نهائيًا عن هذه العلاقة مع هذه الأخت, ولا تتواصل معها، ولا يضحك عليك الشيطان بأن لا تجد مثلها؛ لأن هذا ليس صحيحاً، فإن مصر فيها خير كثير -كما تعلم- بل فيها أكثر من أربعة ملايين فتاة عانس لم تتزوج إلا الآن, فهذا أمر ليس فيه ندرة, وإنما الشيطان يزين ويجمل حتى يوقعك في الحرام, والعياذ بالله، فخذ قرارًا بإيقاف هذه العلاقة نهائيًا, وعاهد الله على أن لا تفتح هذا الباب إلا إذا كنت جادًّا, وترغب في الارتباط الشرعي الصحيح.

فيما يتعلق بدراستك -ولدي الكريم الفاضل- فإني أرى -بارك الله فيك- أن تركز على دراستك, ولا تشغل نفسك بهذه الأفكار التي تأتيك الآن؛ لأن هذه أيضًا هي نوع من الوساوس الشيطانية التي يقذفها الشيطان في قلبك, حتى لا تركز على مستواك العلمي فتخرج متميزًا، أتمنى -بارك الله فيك- أن تجتهد في صرف هذه الأفكار عن رأسك تمامًا، وكل ما جاءتك مثل هذه الأفكار حاول أن تلغيها تمامًا, وأن لا تفكر فيها؛ لأنها سوف تضرك ضررًا بليغًا, وتؤثر على مستواك الدراسي, وبالتالي ستخرج بمجموع لن تستطيع به أن تتقدم خطوة إلى الأمام؛ لأني أعرف أنك إن أخذت مجموعاً عالياً فإنك تستطيع أن تكمل دراستك في كلية الهندسة, وبالتالي تخرج مهندسًا كبيرًا, وتحصل على دخل معقول تستطيع به أن تساعد نفسك وأسرتك.

أما إذا عشت هذا الوسواس الآن وتلك الأفكار فإنا أعتقد أنك لن تستطيع أن تحصل على المجموع المطلوب لدخولك, أو للقبول بكلية الهندسة، فأنا أرى -بارك الله فيك- أن تصرف عنك هذه الأفكار, وأن تركز على دراستك الآن, ودعك من مسألة الكلية العسكرية, أو مثلاً الأمور العسكرية, أو غيرها, أو قبولك في الجيش, أو غيره, واترك هذه المسائل الآن, ولا تفكر فيها، فكر في شيء واحد هو أن تكون أنت الأول على دفعتك, أو من أوائل الدفعة، واعلم أن هذا الأمر ليس مستحيلاً؛ لأن هنالك من يحصل على هذه الدرجات, وقطعاً سيكون هذا العام من بين زملائك من يكون هو الأول، فلماذا لا تكون أنت الأول أو من الأوائل؟

هل أنت معاق إعاقة ذهنية أو بدنية تمنعك من أن تكون متميزاً؟ أعتقد أنك لم تشر إلى ذلك, فأنت سليم، هل أنت رجل سيئ العلاقة مع الله تعالى؟ أعتقد أن وضعك يدل على أنك على خير, خاصة وأن والدك كان رجلاً من الصالحين، فأنا أرى -بارك الله فيك- أن لديك فرصًا ينبغي أن تحرص على استغلالها, وأن لا تهدر هذه الفرصة ولا تضيعها؛ لأنك سوف تندم إن ضيعتها ندمًا عظيمًا, وسوف تعض أصابع الندم في وقت لا ينفع فيه الندم, فأتمنى -بارك الله فيك- أن تركز على دراستك فقط, وألا تشغل نفسك بأي شيء, ضع أمامك هدفًا كبيرًا أن تكون الأول أو من الأوائل على دفعتك هذا العام, وأن تحصل في الدبلوم على أعلى الدرجات أو أعلى قدر ممكن من الدرجات؛ لأنك بذلك تستطيع أن تحقق الرغبة التي تريد, وسوف تستطيع أن تحقق هدفك بسهولة ويسر -بإذن الله تعالى-.

فإذن ولدي الكريم التائب أتمنى أن تركز على ذلك؛ لأن هذا هو العلاج, وهو الفيصل, وهو الحل بإذن الله تعالى.

أما فيما يتعلق بقضية والدك -حفظه الله- فلا تفكر في ذلك كله, وركز على مستواك الدراسي, وحاول أن تكون المتميز, أو أن تكون الطالب الأول, وإذا لم تكن الأول فلا أقل أن تكون من الأوائل, فإنك بذلك ستخدم نفسك, وتخدم والديك, وسوف تحيى حياة طبية كريمة, وإن تقدمت إلى أي فتاة فسوف يرحب أهلها بك؛ لأنك إنسان ناجح بمعنى الكلمة.

أسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته ورضاه، وأن يعنيك على فعل ما يرضيه, وأن يوفقك على المحافظة على الصلاة في أوقاتها إنه جواد كريم.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً