السلام عليكم.

الفترة الماضية حصلت لي اضطراب كبير في حياتي، دائماً أفكاري مشتتة، ولا أستطيع أن أحدد لي هدفاً أسعى من أجله، ووقت النوم أجد نفسي أفكر في أشياء كثيرة جداً ولا أستطيع النوم، مع العلم أنه أحياناً الأفكار التي تراودني ليس لها أهمية.

ماذا أفعل والامتحانات على الأبواب؟ ولا أستطيع أن أدرس أي مادة، والمواد مجموعها 22 مادة.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليًّا ونصيرًا، وأن يوفقك في دراستك، وأن يُخرجك من هذا التيه الذي تعيشين فيه، وأن يرزقك الأمن والأمان والاستقرار، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة– فإني أقترح عليك بداية أن تقومي بعمل رقية شرعية، والرقية الشرعية هي مجموعة من كلام الله تعالى ومجموعة من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم–، وهي يقينًا إذا لم تنفع فهي قطعًا لن تضر، وأقصد من ذلك احتمال أن يكون هناك نوع من الحسد أو العين قد أصابك من بعض الذين يعرفونك أو القريبين منك أو البعيدين عنك، مما ترتب عليه هذا الضياع النفسي وعدم الاستقرار وهذا التشتت الفكري، وهذا أمر وارد جدًّا -يا بنيتي– ، ولذلك أنصحك أولاً بذلك، وتستطيعين أن تقومي بذلك بنفسك عن طريق رقية نفسك بنفسك، والرقية الشرعية ليست شيئًا خاصًا ببعض الناس دون بعض، ولا تحتاج إلى مهارات خاصة، أو إلى علاقات خاصة بالمعنى الذي يتصوره العامة، وإنما أنت أولى، لأنها عبارة عن نوع من الدعاء.

والرقية الشرعية موجودة في مطويات صغيرة، وكتيبات صغيرة وأشرطة، وتستطيعين الحصول عليها من أي مسجد من مساجد الله تعالى أو من أي مكتبة إسلامية، إذا لم تجدي ذلك فتستطيعين أن تدخلي على موقع البحث (جوجل) وتكتبي (الرقية الشرعية)، وسوف تظهر أمامك كمية كبيرة من المعلومات حول الرقية الشرعية.

وأنصح أيضًا بالاستماع إلى الرقية الشرعية من خلال المشايخ الذين سجلوا الرقية بأصواتهم في الإنترنت، هناك أشرطة وتسجيلات للمشايخ الكبار –مشايخ الحرم وغيرهم–، لكن أقترح الاستماع إلى رقية الشيخ محمد جبريل المقرئ المصري المشهور، لأن رقيته ثبت أن لها تأثير أكثر من غيرها، فمن الممكن أن تستمعي إليها، وأن يكون الصوت مرتفعاً حتى في الغرفة التي أنت بها لفترة معينة، أنا واثق -إن شاء الله تعالى– أنك سوف تتحسنين.

إذا لم تستطيعي ذلك فلا مانع من الاستعانة بأحد الرقاة الذي يقوم بمساعدتك في ذلك، هذا أولاً من باب التطهير العام، لأني أجزم بأن الذي تعانين منه سببه المس أو الحسد أو العين أو غير ذلك، وإنما أقول هذا نوع من الصيانة العامة، لأن هذه الرقية -كما ذكرت– كلها كلام الله تعالى وكلام النبي -عليه الصلاة والسلام–.

ثانيًا: أتمنى أن تحوّلي المذاكرة إلى عادة، بمعنى أن تحددي موعدًا محددًا للمذاكرة يوميًا، ولا تهملي هذا الموعد مطلقًا، واعتذري لأي أحد كائنًا من كان عندما يتعارض الوقت الذي حددته مع رغبات الآخرين، لا تقبلي أبدًا من أي أحد أن يتدخل في هذا التوقيت، وحددي توقيتًا موسّعًا، بمعنى أنك تستطيعين أن تبدئي من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء، مرة واحدة، على أن تبدئي بالمواد الأصعب، وتجعلي المواد الأسهل في آخر الوقت، ومن الممكن أن تنامي بعد العشاء بساعة مثلاً، ثم بعد ذلك تقومي قبل الفجر بقليل وتصلي ركعتين، وتتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء أن يفتح الله عليك وأن يوفقك، واعلمي أن هذا الوقت بعد الفجر هو وقت بركة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– دعا بالبركة للأمة في هذا الوقت، فقال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، فحاولي أن تجعلي هذ الوقت المتأخر للمواد الصعبة أو على الأقل تأخذي فكرة عن المواد الجديدة التي سيتم شرحها في نفس اليوم.

ضعي أمامك هدفًا أن تكوني -بإذن الله تعالى– من أوائل الطالبات على صفك خلال هذه الفترة، نعم تقولين أن الوقت ضيق، ولكن أقول: الآن لا بد لنا من أن نجتهد بكل ما أوتينا من قوة، إذا كانت مثلاً جرت العادة بأن الطالبة العادية تذاكر خمس ساعات، أنت تحتاجين الآن إلى عشر ساعات، فحاولي أن تركزي، ولا تضيعي أي فرصة أمامك الآن أبدًا، تذهبين إلى المدرسة ثم تعودين في وقت محدد، تتناولين طعام الغداء، وممكن أن تستريحي قليلاً، ثم بعد ذلك تقومين بعد صلاة العصر، وتصلين ثم تبدئين بالمذاكرة المستمرة إلى وقت أذان المغرب، ثم تتركين الكتب وتذهبين لأداء صلاة المغرب، ثم ترجعين وتواصلين الرحلة كذلك إلى العشاء، وبعد العشاء من الممكن لمدة ساعة أو ساعتين أيضًا حتى لا تنامي إلا وقد أتيت على جزء كبير من المذاكرة.

أتمنى أن تبدئي أولاً بمذاكرة المواد التي تم شرحها في اليوم نفسه، ثم بعد ذلك الجزء الآخر من الوقت تعودي لمذاكرة المواد من أولها مادة مادة، وتحاولي أن تقرئي بسرعة، لأن الوقت ضيق.

عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يفتح الله عليك وأن يوفقك، لأن الوقت بالنسبة لك قاتل، لا تحاولي أن تضيعي وقتك في أي شيء إلا المذاكرة والصلاة والنوم وحضور المدرسة، ركزي تركيزًا شديدًا لأن الوقت أمامك قاتل –كما تقولين- الآن لديك اثنتا وعشرين مادة، وهذه تحتاج إلى وقت كبير والمدة الآن أمامك قصيرة.

فإذن أقول: عشر ساعات على الأقل يوميًا لأنك تستطيعين أن تفعلي ذلك، لو قلنا أنك تحضرين المدرسة لسبع ساعات وتنامين لسبع ساعات، إذن عندك عشر ساعات، العشر ساعات هذه تستطيعين أن توفريها للمذاكرة، لو أخرجنا منها ساعة للصلاة بقي عندك تسع ساعات، وساعة غداء والاستراحة مثلاً، بقي عندك ثماني ساعات، يبقى الحد الأدنى لك ثماني ساعات يوميًا للمذاكرة، وأنا واثق -بإذن الله تعالى– بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن الله سيوفقك.

اطلبي من والدتك الدعاء ومن أهلك، وإن شاء الله تعالى سوف تكرمين -بإذن الله تعالى– وتستطيعين أن تعوضي وتتفوقي، ولا تيأسي، ولا يأتي الشيطان إليك ليقول: أنك لن تستطيعي وأن الوقت ضيق وأنك تلعبين في الوقت الضائع، هذا كله خطأ، أنت مؤمنة بالله تعالى وتأخذين بالأسباب، ودعي النتائج على الله تعالى، وركزي واجعلي هدفك الأكبر النجاح، قولي: (لا بد أن أنجح -بإذن الله تعالى–، هدفي الأكبر النجاح والتميز)، واجعلي هذا الهدف نصب عينيك، وأبشري -بإذن الله تعالى– بأن الله لا يضيعك، وأن الله سيأخذ بيدك ويسددك.

وأسأل الله لك التوفيق والسداد، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.