الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ألم الأذن علاقة له بالحالة النفسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أشكركم جزيل الشكر على هذه الصفحة الرائعة التي تجيب على الكثير من الانشغالات وشكرا ًعلى النصائح القيمة التي تقدمونها -بارك الله- فيكم وجزاكم الله خير الجزاء، وبعد:

لدي مشكلة مزدوجة الجزء الأول متعلق بألم في الأذن، والثاني متعلق بنوبات قلق وهلع ورهاب اجتماعي كبير.

قبل عامين وأثناء تقديمي لمحاضرة في الجامعة أحسست بألم في أذني اليمنى، هذا الألم يشبه عملية امتصاص أو مص من أذني إلى عمق رأسي من جهة اليمين، لم تدم هذه الحالة إلا ثوان معدودة ولم ألق لها بالاً، وقبل ستة أشهر من الآن -وكذلك أثناء تقديمي للمحاضرة- عاودتني الحالة نفسها بشكل أقوى ولفترة أطول، ما اضطرني إلى الانسحاب والتوجه فورا إلى طبيب عام، والذي فحص أذني وقال لي: إن هناك التهابا بسيطا، وقد كانت التحاليل والتصوير بالأشعة الذي أجريته على رأسي سليماً جدا -والحمد لله-.

استمر الألم بحدة وعلى فترات متقاربة في اليوم، مما اضطرني إلى زيارة طبيب مختص في أمراض الأنف والأذن والحنجرة، والذي أجرى لي اختبارين للسمع، وكانت النتائج سليمة جداً، -والحمد لله- وقال لي: إن المشكلة في وجود التهاب مع انكماش في غربال الأذن، وصف لي دواء vastor خاص بطنين الأذن، تناولته لمدة تقارب الشهرين، لاحظت خلالهما وجود تحسن طفيف جدا فقط، فغيرت إلى طبيب آخر مختص في أمراض الأذن، وطلب مني تحاليل وتصوير جانبي لجهة رأسي التي تؤلمني فيها أذني، أي الجهة اليمنى، النتائج أيضا كانت سليمة جداً، وصف لي مضادات حيوية في شكل قطرات أذن في الزيارة الأولى، وبعدها مضادات حيوية في شكل حقن في الزيارة الثانية، ولكن لا يوجد تحسن، علما أني لا أعاني من التهاب الجيوب الأنفية -والحمد لله- وذلك بناءً على نتائج الفحوصات الطبية.

الملاحظ أن الألم ينتابني خاصة عندما أكون تحت ضغط معين، مثلا المناسبات الاجتماعية كحفلات التخرج، والزيارات العائلية، والبكاء والنقاش الحاد، وعندما أتأهب للخروج أشعر بالتوتر، وعليه أشعر بألم في أذني، وفي غالبية الحالات عندما أغلق أنفي وأحاول التنفس أحس بانسداد في أذني اليمنى، فما تشخيصكم لحالتي -بارك الله فيكم-.

من ناحية ثانية لدي الأعراض الآتية: خوف كبير من الموت، رغم محافظتي على الصلاة في أوقاتها -والحمد لله-، صعوبة في التنفس مع وجود غصة في الحلق، صعوبة بلع الطعام بشكل أفقدني الشهية بشكل كبير خوفا من الاختناق، تعب شديد رغم أني لا أبذل مجهودا عضليا أو فكريا كبيرا، أحس أن قدمي لا تقويان على حملي، أصبحت أتحاشى المناسبات العائلية والاختلاط بالناس، حتى إني أغلقت هاتفي المحمول حتى لا يكلمني أحد، علما أني من النوع الذي يتوتر كثيرا ويفكر كثيرا في أتفه الأمور، وقد زادت حالتي النفسية تدهورا منذ أن بدأت أذني تؤلمني.

فهل حالة القلق هي سبب مباشر لألم الأذن؟ وكيف يتم علاج ألم الأذن الناتج عن التوترات النفسية؟ وهل يمكنني استخدام عصير البصل كعلاج لهذا الألم إذا كان تشخيصكم له بأنه ناتج عن توتر نفسي؟

أعتذر عن الإطالة، أجدد شكري وأرجو منكم إجابتي فأنا في حالة نفسية وجسدية متدهورة جدا.

بارك الله فيكم وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسرين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالنسبة لعلة الأذن التي تعانين منها، أنت قمت بالإجراء الصحيح وقابلت الأطباء المختصين، وبالفعل يظهر أن هنالك نوعاً من الالتهاب الداخلي في جهاز التوازن، والذي يعرف باسم (لاربريلس) وما وصفه لك الطبيب من علاج وإرشاد أرجو أن تتبعيه، ولا تنزعجي من هذه المشكلة.

أما من الناحية النفسية: فمن الواضح أن لديك قلق مخاوف، ظهر في شكل فزع وخوف من الموت، والقلق أيضاً جعلك تحجمين من التواصل الاجتماعي، أو تحسين بشيء من عدم الارتياح في هذه المواقف، هذا كله يأتي تحت التشخيص الذي ذكرناه، وهو قلق المخاوف.

أيتها الفاضلة الكريمة: المبدأ العام أن الإنسان يحتاج لشيء من الخوف ليحمي نفسه، لكن هذا الخوف يجب أن لا يكون للدرجة المرضية التي تعطله، فإذن انتقلي بتفكيرك من خلال شيء من التأمل والتنبيه الذهني، يمكن أن تقنعي نفسك أنك طبيعية، وأن هذا الخوف هو خوف طبيعي جداً، وحياتك يجب أن تسير على نهجها وتستفيدي من وقتك وتوزعيه، ولا تتعاملي نفسك معاملة الإنسان المريض، فأنت –الحمد لله تعالى- إنسانة متميزة ومنجزة، ولك دور ريادي في العملية التعليمة، هذا يجب أن يعود عليك بمردود إيجابي من الناحية النفسية والسلوكية.

بالنسبة لقلق المخاوف: حالتك هذه تحتاج لعلاج دوائي، فعقار ديروكسات وهو موجود في الجزائر -ويسمى باروكستين- سيكون هو الدواء الأنسب بالنسبة لك إن تمكنت وذهبت إلى طبيب نفسي فلا مانع في ذلك، وإن أردت أن تتناولي الدواء حسب ما ذكرناه لك من استرشاد، فهذا أيضاً -إن شاء الله تعالى- يعود عليك بنفع كبير.

جرعة الباروكستين: ابدئي بنصف حبة -10مليجرام- تناوليها ليلاً بعد الأكل، واستمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها حبة كاملة واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذا الدواء فاعل وسليم، والجرعة التي وصفناها لك تأتي في حيز الجرع الصغيرة، والدواء ليس له آثار جانبية كثيرة، فقط ربما يؤدي إلى فتح في الشهية نحو الطعام، فإن حدث لك شيء من هذا فحاولي أن تتحكمي في غذائك.

الجرعة لابد أن تكوني متدرجة في البداية، وكذلك عند التوقف من الدواء؛ لأن هذا الدواء في بعض الأحيان قد يسبب بعض الأعراض الانسحابية، من الأشياء المهمة والمفيدة ممارسة أي تمارين رياضية تناسب المرأة المسلمة، وكذلك تمارين الاسترخاء، هذا كله يعود عليك بنفع كبير.

العلاقة بين قلق المخاوف وعلة الأذن: هنالك بعض التداخل ما بين ما هو جسدي وما هو نفسي، وأنا متأكد أن القلق والخوف يؤثر سلباً على أعراض عدم الاتزان والألم في الأذن، وهي في ذات الوقت أيضاً تؤثر عليك سلباً، وتؤدي إلى نوع من القلق، إذن هنالك مكون نفس وجسدي كبير، لكن أعتقد إذا عالجت الحالة النفسية حسب الأسس التي ذكرتها لك هذا -إن شاء الله تعالى- يساعدك أيضاً في موضوع الأذن.

-بارك الله فيك- وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر نسرين

    السلام عليكم ورحمة الله
    شكرا جزيل الشكر بارك الله فيكم وجزاكم عنا خير الجزاء

  • المغرب حمزة

    شكرا جزيلا علي الاضاحات ، انا لدي نفس المشكلة .

  • المغرب فتيحة الغربي

    بارك الله اعمالكم الهادفة المباركة واسعدكم سعادة ابدية دنيا واخرة
    ما اروع ما تقدمون من راحة للمسلمين ومااكرم عطائكم بوركتم احبتنا في ألله وبورك عطائكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً