الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من التعامل مع الناس الاستغلاليين، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شاب مصري، أبلغ من العمر 25 عامًا، تربيت على الأخلاق والاحترام، ولكن للأسف، أعاني كثيرًا بسبب هذه القيم، ففي بلدي يصعب التعامل بالأدب والاحترام، إلَّا مع قلة قليلة ممَّن رحمهم ربي.

هذا الأمر يرهقني نفسيًا بشدة، لدرجة أني استشرت طبيبًا نفسيًا، وتناولت علاجًا اسمه ليسترال، ولكن يبدو أن المشكلة أعمق من مجرد علاج نفسي، أعلم أن طبيعتي حساسة بعض الشيء، ولكن شكواي الأساسية هي من أسلوب تعامل الناس والجشع وانعدام الضمير الذي أراه في قلوبهم في مختلف المجالات.

يبدأ الأمر من سائق الميكروباص الذي يستغل الركاب بطلب أجرة تفوق حقه، مرورًا بجشع التجار واستغلال شركات الخدمات للمواطنين، سواء كانت شركات المحمول أو المواد الغذائية وغيرها، وصولًا إلى المسؤول في أي قطاع حكومي يستغل منصبه وسلطته.

مع العلم أنني بفضل الله أعمل في مكان محترم له سمعته ومكانته في الدولة، ولكن لا يتفق مع طبيعتي أن أستخدم سلطة أو اسم الجهة التي أعمل بها لتحقيق غرض ما، حتى لو كان هذا الغرض من حقي.

للأسف، لا أعرف كيف أتصرف في مثل هذه المواقف، وأتساءل: هل تصرفي هذا صحيح أم خاطئ؟ وإذا كان صحيحًا، فلماذا أشعر بهذا التعب النفسي؟ وإذا كنت مخطئًا، فما الذي يجب عليّ فعله وكيف أتغير؟

بعد أن كنت أسعى جاهدًا لتجهيز نفسي، ومتشوقًا للزواج من الفتاة التي أدعو الله أن يرزقني بها زوجة، أصبحت الآن خائفًا من المسؤولية، وأشعر أني لستُ أهلًا لها ولن أستطيع تحمل أعباء بيتي وأمام زوجتي وأولادي.

حاولت مرارًا وتكرارًا أن أتحدث وأقف في وجه من يحاول استغلالي، وأحيانًا يصل الأمر إلى مشادات وخلافات وصراخ، في حين أن الناس يرون الخطأ ويسكتون، وأجد نفسي وحيدًا في مواجهة ذلك، فماذا بعد؟ وإلى متى سيستمر هذا الوضع؟

أنا أصلي الحمد لله، وأحاول قدر استطاعتي الحفاظ على ديني، ولكن وسوس لي شيطاني بتمني الموت من الله، معتقدًا أن هذا هو السبيل الوحيد للراحة والهروب من عالم مليء بالظلم وانعدام الضمير إلى عالم هادئ خالٍ من المشاحنات والضغوطات، وربنا أرحم بعباده.

أعلم أني حساس أكثر من اللازم، ولكن شكواي حقيقية وواقعية، ومن الطبيعي أن أتأثر، فالأمر ليس مجرد مشاعر وحساسية مفرطة، فما هو توجيهكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

وصفك لنفسك يدل على أن شخصيتك حساسة جدًا وتتأثر بأي موقف سلبي تجاهها، كذلك، يبدو أن تقييمك للواقع يتم بحساسية مفرطة، وربما من طبيعتك تضخيم الجانب السلبي في الأمور كثيرًا؛ لذلك، قد لا تتحمل نفسك هذه النتيجة، وتشعر بالتعب والألم، وننصحك لعلاج هذه الحالة بما يلي:

1. يجب عليك تقييم الواقع بعقلانية وإنصاف، وعدم الإغراق في السلبية.
2. ابتعد عن المثالية الزائدة في تصورك لأخلاق ومعاملات الناس؛ فهم بشر يخطئون ويصيبون وليسوا ملائكة معصومين.
3. اعلم أن الأخلاق الحسنة للإنسان إنما تظهر في التعامل مع المخالفين والسيئين، وهذه هي طبيعة الحياة الدنيا؛ ولذا يتنافس الناس فيها على الأجر والثواب بسبب ذلك، وهنا تظهر الحكمة التي خلق الله الخلق لأجلها وهي الابتلاء {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}. فعليك بالصبر والتحمل والنصيحة لمن خالف بقدر الإمكان وبالأسلوب الحسن، بعيدًا عن الصياح والزعيق، والجدال والخصومة.
4. اثبت على أخلاقك الحسنة، وتجنب استغلال منصبك وعملك بطريقة غير جائزة، وكن قدوة حسنة للناس في ذلك، لا تيأس من صلاح الناس، ولا تعجب بنفسك كثيرًا بل اتهمها بالتقصير، واسأل الله لها التوفيق لتؤجر على ذلك.
5. لا يجوز لك تمني الموت، بل اسأل الله العفو والعافية.
6. حاول أن تدرب نفسك على التحمل والصبر وبناء الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية؛ لأن حديثك عن نفسك وخوفك من الزواج قد يدل على رهاب نفسي لديك، وهو أمر قد يحتاج إلى تشخيص وعلاج لدى طبيب نفسي موثوق.
7. ابتعد عن الخصومة والنقاشات الحادة مع الناس، فطبيعتك الحساسة قد لا تحتمل ذلك.
8. ابحث عن رفقة صالحة وناصحة تعينك على الخير وتقضي معها بعض الأوقات، ومن خلالها قد تتغير نظرتك التشاؤمية للمجتمع.
9. أكثر من الذكر والتسبيح وقراءة القرآن كلما شعرت بانقباض في نفسك؛ فهذه الأعمال من أعظم العلاج لذلك.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً