الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتزوج فتاة تحتفظ بذكريات رجل آخر؟

السؤال

نويت أن أخطب فتاة، وأنا أعرف أنها كانت على علاقة حب بشاب آخر، لكن هذه العلاقة انتهت، وهي نادمة على ذلك، هي فتاة فيها الخير والاحترام وطيبة القلب.

طلبت من ابن عمها أن أتقدم لخطبتها، ولكن الظروف لم تسمح وقتها، بعد الإذن من ابن عمها وأمها، تحدثت معها وتعرفنا إلى بعضنا حتى أحببتهم.

بعد فترة، الشاب الذي كانت تحبه كلمها، وقال لها إنه مسافر لأجل خطبتها من والدها؛ لأن والدها مقيم في دولة أوروبية، قالت له: "لا تفعل لأجلي شيئًا، أنا لم أعد أحبك، ولا أريدك في حياتي"، وأكدت له أن والدها يستحيل أن يوافق عليه.

علمًا إنه تقدم قبل ذلك، ووالدها رفضه بشدة، هذا الشاب طلب منها مساعدته في السفر؛ لأنها تتكلم لغات كثيرة، وتعمل في مجالات تمكنها من مساعدته، بعد إلحاح منه، ساعدته، وهو في طريقه للسفر مات، وهو يتخطى حدود دولة.

هي حزنت عليه حزنًا شديدًا جدًا، وكنت مندهشًا من هذا الحزن، لكني وقفت بجانبها؛ لأنني أحبها، كان رد فعلها أنها حزينة؛ لأن الناس يقولون لها إنه مات لأجلها، وكان مسافرًا لأجلها، حتى زاد الموضوع عن الحد، وقالت لي كل الكلام الذي قصصته لك.

الآن تريد أن تزور أمه في بيتها، وأنا رافض تمامًا، دائمًا تقول لي: "والله لم أعد أحبه، أنا أحبك أنت، لكن الأمر صعب أن أشعر أن شخصًا مات من أجلي، وأوصاني على أمه"، وقالت لي: إنها حكت له عني، وقال لها: إنه شخص لا يمكنك أن تجدي مثله.

حاليًا، لا أعرف هل أكمل معها أم أتركها، أنا أحبها جدًا، وكذلك هي تحتفظ بصوره على هاتفها الخاص، وترفض مسحها بحجة الحزن عليه، أرجو إفادتي ماذا أفعل؟ وكيف أتعامل؟ صليت استخارة كثيرًا، ولكن أريد النصيحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hossam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك الصلاح والتقى، وأن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، إنه جواد كريم.

أخي الكريم: دعنا أولا نتحدث معك، هل أنت مستعد الآن للزواج؟ هل الاستعداد لا زال أمامه فترة أم الموضوع حاضر؟ هذا الجواب مهم؛ لأننا أحيانا نعيش الوهم ونتصوره حقيقة، ثم نصاب بصدمات في حياتنا عميقة؛ لذلك إذا كنت قادرًا على الزواج الآن فهذا هو الجواب:

أولاً: الفتاة لا شك أنها أخطأت في الحديث مع الشاب، كما أخطأت في الحديث معك، فلست خاطبًا لها، ولا لك أي صفة إلى هذه الساعة، فأنت أجنبي عنها كما ذلك الشاب أجنبي عنها، ولو تقيد الجميع بالشرع ما حدث مثل هذا الخطأ، ولكان الجميع في راحة، وأما الحديث مع ابن عمها ووالدتها على أن يتركاك تتحدث معها، فهذا أيضا مخالف، ولا يحق لهما هذا الإذن العام إلا بعد إعلان الخطبة.

ثانيًا: من الناحية الاجتماعية: الفتاة لا تحب الشاب، ولكنها صدمت صدمة نفسية نتيجة ما حدث، وشعرت أن لها دوراً في ذلك، ولا شك أن الشيطان استغل هذا الموقف منها ليشعرها ببعض المسؤولية، واستغل طيبتها التي تحدثت عنها، وغياب الالتزام بالشريعة ليوهمها أن من الواجب عليها تنفيذ هذه الوصية المدعاة، وعليه فالأمر ليس خاضعاً لمحبته بقدر خضوعه للمشكلة النفسية التي تعاني منها الفتاة.

ثالثًا: الاحتفاظ بصور الشاب لا يحل شرعاً، لكنه لا يفيد أن له محبة في قلبها، أو أنها كانت تريده، بل هو يسير في هذا الفلك العام الذي تحدثنا عنه في النقطة السابقة.

رابعا: نصيحتنا لك ما يلي:
1- الإسراع بالخطبة الرسمية، ومن ثم العقد ما دامت الفتاة صالحة من الناحية التدينية والأخلاقية، وما دامت واضحة معك في كل شيء.

2- الاجتهاد في التقيد بأحكام الشرع في كل مسألة من حياتكما، وحين يكون المعيار عندها الدين، فلن تستطيع أن تحتفظ بصوره، ولا أن تفكر حتى فيه، لكن الأمر يحتاج إلى شرع حاكم.

3- الوصية ليست ملزمة، لكن مع ذلك؛ وإكراما لمشاعر الفتاة يمكن أن تتواصل والدتها مع والدة الشاب، ومساعدتها نفسيًا أو اجتماعيًا في مثل هذا المصاب.

4- يجب على أمها أن تتولى هي هذا الأمر، وأن تتحدث مع ابنتها في ذلك، ويكون هذا بالحديث المباشر منك إلى والدتها، وهي ستعرف كيف تتصرف.

5- كثير من الأمور ستتغير إلى الأفضل بعد العقد، ولذلك نقول لك: اجتهد في الإسراع بالزواج حتى تكون الأمور كلها شرعية، خاصة وقد صليت الاستخارة، وهذه الصلاة لا تفضي إلا إلى الخير -إن شاء الله تعالى-.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً