الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب قريبي وهو يحبني وأخشى أن يكون ذلك حراماً!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة بعمر ١٧ سنة ، أود أن أسأل عن شيء أخاف أن يكون حراماً: أحد أقربائي يحبني وأنا أيضاً أحبه، اعترف لي بحبه واعترفت له بذلك، وهو يريد الزواج مني ولكن بعد أن نتم دراستنا الجامعية.

نحن نتحدث تقريباً يومياً سواء بالرسائل الإلكترونية أو نتحدث بالصوت عبر المكالمات، هل كل هذا حرام وخطأ؟ وإذا كان حراماً أعطوني الدليل وشدوا علي في الحديث عن ذلك الموضوع.

إذا كان حراماً، فأنا سأبتعد، وإن كان حراماً كيف لي أن أقول له ذلك؟ فستكون علاقتي به قد انتهت! فماذا أفعل؟ وإذا كان حراماً ما هي حدود الكلام معه؟

أرجو الرد بأسرع وقت، وشكراً لكم وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك تواصلك معنا، ونشكر لك حرصك على معرفة أحكام دينك، وحرصك على تجنّب الحرام، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسأله سبحانه وتعالى أن يزيدك توفيقًا وهدايةً وسدادًا.

نحن على ثقة تامّة –أيتها البنت العزيزة– من أن منهجك هذا وتجنّبك الوقوع في المخالفات الشرعية سيكون بإذن الله تعالى مفتاحًا لسعادتك في دنياك وفي آخرتك، وسببًا يجلبُ لك الخيرات، وعاملاً مهمًّا للتوفيق في حياتك، فإن الله سبحانه وتعالى بشَّر المتقين ببشاراتٍ كثيرة، ومنها قوله سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، فكل الأرزاق من الصحة والسعادة والذريّة والزواج وغير ذلك موعود بها أهل التقوى، فكلّما كنت صابرة على طريق التقوى، فأنت بذلك تأخذين بأسباب سعادتك.

العلاقة بين الرجل والمرأة الإسلام اعتنى بها كل العناية، ومقصوده الأساسي في هذا الموضوع الحفاظ على المرأة؛ على خُلقها وحيائها، وهو حريص كل الحرص في تعليماته وتوجيهاته، على أن تبقى سُمعة هذه الفتاة وكرامتها مصونة، وعفافُها محفوظاً مصوناً من خواطر السوء وألسنة السوء، فضلاً عن أن تقع عليها أيدي السوء أو تمتدّ إليها.

لهذا كلِّه جاء الإسلام بتعاليم وآداب للحفاظ على الفتاة والمرأة، وكلَّما كانت الفتاة ملتزمة بهذه التعليمات واقفةً عند حدود الله تعالى؛ كان ذلك سببًا لعظمتها في عيون الآخرين، وفي إجلالهم لها، وتوقيرهم لها، وتعلُّقهم بها، وأوّلُ مَن تَكبُر الفتاة في عينه هو الشخص الذي يريدُها للزواج، فكلّما كانت أحرص على الوقوف عند حدود الله وأبعد عن الوقوع في المحرمات؛ كلَّما كَبُرتْ في عينه، وزاد حرصُه عليها، واشتدَّ حُبُّه لها.

لهذا فنصيحتُنا لك: أن تأخذي هذا منهجًا في حياتك، وأن تصبري عليه.

الكلام مع الرجل الأجنبي ليس محرَّمًا كلُّه، ولكنّه أيضًا بابُ شرٍّ كبيرٍ وفسادٍ عريض، ولا سيما إذا كان في وسائل التواصل وما قد يجُرُّ إليه من تبادل الصور والنظر للوجوه حال الكلام، والكلام حال الخلوة، بمعنى أن كل واحدٍ يُكلِّم الآخر دون أن يسمع كلامهما شخصٌ ثالث، فكلُّ هذه الأجواء قد تدعو إلى الوقوع في محرَّمات أخرى، وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم موجِّهًا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وهنَّ أُمَّهات المؤمنين: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)، ويقول سبحانه وتعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) إلى آخر الآية.

لهذا شرع الله تعالى الحجاب، ونهى المرأة أن تفعل شيئًا يُثير رغبة الرجال فيها، كإصدار صوت عند مشيها، فقال: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)، ونهاها –كما ذكرنا قبل– عن الكلام الذي يُطمع فيها، ومنع خلوة المرأة بالرجل الأجنبي عنها، فقال صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ)، ونهاها عن أن تتعطّر وتتطيّب، ثم تخرج ليشمّ الناس ريحها.

كل هذه الأحكام لسدِّ أبواب الشر قبل وقوعه، ولإغلاق أسباب الفتن قبل حدوثها، فنصيحتُنا لك ووصيتنا لك: أن تلتزمي بهذا كلِّه، وأن تمتنعي عن التكلُّم مع هذا الشاب، وإذا احتجت إلى التواصل معه، فليكن عبر طريق قريباته كأخواته، أو نحو ذلك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً