الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاكل يومية بين إخوتي الذكور عجزت أنا وأمي عن حلها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكو من وجود مشاكل يومية مضى عليها شهر ونصف لنفس الأسباب، بين إخوتي الأولاد، وأنا وأمي نحاول أن نهدئ الأوضاع، ولكن دون جدوى؛ فهم لا يستمعون للنصيحة.

أحدهم في الصف الأخير من المرحلة الثانوية، ولا يذاكر نهائيًا، وأخوه ينعته بالفاشل، والامتحانات على الأبواب، وهو عدواني، وعصبي، ويكره إخوته، ويمد يده عليهم، ويرفض الذهاب للطبيب، وجميعهم عصبيون، ويتطاولون في الكلام.

أنا قلقة جدًا عليهم، وأمي كذلك، ونخاف أن يؤذي بعضهم بعضًا، ولا نعرف ماذا نفعل!

وشكرًا جزيلاً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الأشقاء، وحرصك على معاونة الوالدة، ونسأل الله أن يُؤلِّف القلوب، وأن يغفر الزلَّات والذنوب.

لا يخفى عليك ولا على الوالدة أن وجود أبناء بهذه السنِّ خلف بعضهم من الطبيعي أن تكون هناك بعض الاحتكاكات، ولكننا نريد أن نؤكد أن الوالدة هي التي تضبط إيقاع البيت؛ فعدل الوالدة بينهم، ومساواتها في التعامل بينهم، له أثر كبير، ونستطيع أن نقول: هذه هي القاعدة الرئيسية في هذه المسألة.

وكنت أتمنى أن نعرف أين الوالد؟ إذا كان موجودًا، وإذا لم يكن موجودًا، فأين الأخوال؟ وأين الأعمام؟ لأن الشباب أيضًا بحاجة إلى رجلٍ في حياتهم، يضع الأمور في نصابها وصوابها.

لا بد أن ندرك أن كل إنسان أعطاه الله ملَكات، وقدرات، وميزات يختلف عن الآخرين؛ فليس عندنا متعطّل أو بليد، ولكن عندنا شخص لم ينجح في اكتشاف مواهبه، والقدرات التي عنده.

وليس من الضروري أن يتفوق جميع أهل البيت دراسيًّا؛ فالله تبارك وتعالى وزّع الأرزاق، ووزّع القدرات، ووزّع المواهب، والنجاح هو أن يعرف الإنسان الجانب الذي يستطيع أن يُبدع فيه -نقاط القوة عنده-، ثم يتقدّم بها؛ ليكون خادمًا للأُمَّة، وللدولة، ولأهله، فالناس من بدوٍ وحاضرةٍ بعضهم لبعضٍ -وإن لم يشعروا- خدم.

كذلك أيضًا من المهم جدًّا أن نُحسن إدارة الصراع إذا حصل، ومن أهم ما يُعيننا: أن نعرف لماذا تشاجروا؟ وما هي فوائد الشجار؟ ما هي خطوات حل الشجار الذي يحدث بينهم؟ وكيف ننجح نحن في شغل كل إنسان بما يخدم نفسه، وبما يخدم العائلة -بمعنى توزيع المهام، وتوزيع المسؤوليات بينهم-؟

أيضًا تضييع فرص الاحتكاك والنقاش الذي تحدث بينهم؛ هذه كلها وسائل من شأنها أن تُخفف ما يحدث في داخل البيت.

وأتمنَّى أن تجلس الوالدة مع كل واحد منهم تطالبه بالهدوء، وتفهم منه، وتنقل له المشاعر النبيلة من إخوانه تجاهه، كما أرجو أن يحافظ أهل البيت على أذكار الصباح وأذكار المساء، وأذكار النوم، والأذكار عمومًا، وأذكار الأحوال، وأن تعمّروا البيت بتلاوة كتاب الله تبارك وتعالى، وتدارسه؛ فإن عمارة البيت بالذكر والتلاوة تخرجُ الشيطان؛ لأن دخول الشيطان سبب رئيس في إيجاد العداوة والبغضاء، كما أن المحافظة على الأذكار كما قال الشيخ ابن باز: (ينفع فيما نزل، ويمنع ما لم ينزل بحول الله وقوته).

واستمري أيضًا في دعم هذا الأخ الذي يحتاج إلى مساعدة دراسية، وكوني إلى جواره، وكوني عونًا لإخوانك، واعلمي أن الفتاة أيضًا لها أثر كبير على إخوانها، فاجتهدي في أن تعاملي كل واحدٍ بما تقتضيه حاله، وأوصي الجميع بأن يلزموا الهدوء؛ لأن هذا يُلحق الضرر بالوالدة، بل هو عقوق للوالدة؛ فهم بشجارهم يسببون الضيق والتعب النفسي للوالدة، وهذا من العقوق، وينبغي لمن عنده قدرة أن يُساعد الآخرين؛ فإن النجاح نجاح للأسرة كلِّها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم بالخير.

إذًا عليكم بالدعاء، والاستمرار في المساعدة، وعلى الوالدة أن تعدل بين أبنائها، وعليكم أن تكتشفوا ما عندهم من قدرات، ونظموا جدولاً لهذا الابن الذي امتحانه على الأبواب، وعلموه كيف يحول القلق لصالحه، ويكون دافعًا له على المذاكرة، وهيئوا له فرص المذاكرة، واطلبوا منه أن يضع جدولاً لنفسه، وعاونوه على أن يُنفذ هذا الجدول، فالعبرة هو أن يكون هناك جدول منظم للطالب يُذاكرُ على أساسه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على الخير، وأن يجلب لهذا البيت الطمأنينة والسكينة.

بارك الله فيكم، ووفقكم لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً