الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدة زوجي لا تصلي وينطلق لسانها بالسوء لأتفه الأسباب، فكيف ننصحها؟

السؤال

السلام عليكم.

أم زوجي لا تصلي إلا نادرًا، رغم أن عمرها ثمانون عامًا، وتسب -أستغفر الله- الذات الإلهية لأتفه سبب، وتتهم الناس بعرضهم وشرفهم، وقد حاولنا مرارًا وتكرارًا التحدث معها، سواء أبناؤها، أو زوجات أبنائها، ولكن لا جدوى! وكل من يعترض عليها تدعو عليه بالغضب، والموت، والهلاك، فلم نعد ندري هل يقع غضبها، أو يستجاب دعاؤها؟ ونخاف أن يلحقنا ذنب من تجنبها، فنحن حاليًا أصبحنا نزورها مرةً أسبوعيًا، لنخفف من المشاكل، والتجرؤ على ذات الله العلية، والدعوات العشوائية علينا بسبب وغير سبب.

هي بصحتها -والحمد لله-، ليس عندها خرف أو زهايمر، ولكن لديها جهل كبير، وعجزنا أن نجد طريقةً في التعامل الأسلم معها، فما هو الحكم الشرعي بحقنا وحقها؟

نشكر لكم تفهمكم وردكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منهل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك مع الموقع، وحرصك على تجنب الوقوع في معصية الله تعالى، أو التسبب في سب الذات الإلهية، نسأل الله تعالى أن يهدي هذه المرأة، ويردها إلى رشدها.

ونصيحتنا لكم أيتها -الأخت العزيزة-: أن تبذلوا وسعكم في محاولة هداية هذه المرأة، وإنقاذها من غضب الله تعالى ومن النار، ولكم بذلك كبير الأجر؛ فلئن يهدي الله بك رجلاً واحدًا (أو امرأة بالطبع) خير لك من حمر النعم، أو كما قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وإذا تفكرتم في حالها، وما هي سائرة إليه إن هي ماتت على هذه الحال، وغضب الله تعالى وعقابه الذي ينتظرها بعد موتها، فإن ذلك سيدعوكم إلى محاولة الإحسان إليها، وإنقاذها مما هي مقبلة عليه، ولا شك أن سب ذات الله -سبحانه وتعالى- من أعظم الأمور التي تخرج الإنسان من الإسلام -والعياذ بالله تعالى-.

وأما عن صلة الرحم والحقوق: فإن أبناءها وبناتها، ومن أولئك الأحفاد والحفيدات، كلهم يجب عليهم القيام بحقها، ولا يجوز لهم التفريط في حقوقها بسبب معاصيها هذه التي تفعلها؛ فقد قال الله سبحانه وتعالى عند وصيته بالوالدين: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).

فأخبر سبحانه وتعالى أنه عند مجاهدة الوالد لولده ليكفر، فإنه لا يطيعه في الكفر، ولكنه مأمور بأن يصاحبه بالمعروف، فزوجك وأبناؤك وبناتك، هؤلاء عليهم واجب تجاه أمهم، فيجب عليهم أن يصلوها بالمعروف بما يتعارف عليه الناس، من الزيارات، والصلات، والقيام بحقوقها من حيث الحقوق المادية للإطعام، وما شاكله، وكذلك ما تحتاجه أيضًا من قضاء حاجاتها، ولا يجوز لهم التفريط في ذلك بسبب معاصيها، وما تقع فيه من الموبقات والمنكرات.

ولعل الله تعالى أن يجعل في إحسانهم إليها ما يدعوها إلى مراجعة نفسها، ومعرفة أخطائها، وهذه الصلة -أيتها الأخت الكريمة- الضابط في معرفة حدودها هو عرف الناس؛ فما يتعارف عليه الناس في مجتمعكم من أنه صلة من الولد لوالده، ومن الابن لأمه، من حيث عدد الزيارات، أو كيفية الزيارة، أو غير ذلك، فهذا هو الذي يجب عليهم، كما يجب عليهم القيام بحاجاتها إذا كانت تحتاجهم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل نجاتها وإنقاذها من النار على أيديكم، وأن يعينكم وييسر لكم القيام بحقوقها.

وفقكم الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً