الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعرف أن الله قد رضي عني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أشكر لكم جهودكم الجبارة في إرشاد الناس، والإجابة على إشكالاتهم.

تتلخص مشكلتي في أنني عانيت من صدمة رؤية المشاهد الخليعة دون قصد في صغري، مما جعلني أكتئب لسنوات عديدة، وأشعر بأنني ملعونة، بعدها حاولت المجاهدة كثيرًا عن طريق حفظ القرآن، والمشاركة في البرامج العلمية، والصيام، وغيره، وقد شفيت منها -والحمد لله-، وبت أتقزز منها إلى حد المرض؛ حيث دخلت مرةً -عن قصد- تطبيقًا لإحدى تقنيات الاستشفاء من هذه الطامة، وليس للاستمتاع بها، كما أرجو أن تفيدوني بخصوص هذه النقطة، لأنني شعرت بالخطأ.

من جهة أخرى: شهوتي الجنسية -بعيدًا عن الخلاعة والزنا والعياذ بالله- تخنقني، إلى حد الإحساس بأن هناك من يلمسني، وتغمرني مشاعر غريبة تجعل ضغطي يرتفع، وأرى في مخيلتي خيالات غريبة لا تمت بصلة لشخصيتي، فأشعر بأنني أؤذي الشباب الأبرياء من حولي بأفكاري، فأنا عازبة، ولم يتقدم لي من أتمنى من أصحاب الدين، والخلق، والعلم.

للعلم أنا لم أصاحب أبدًا، ولم أتعد حدود لله فيما يخص الاختلاط، أو ما شابهه -ولله الحمد-، ولكن قوة الشهوة التي تأتيني في كل مرة، تجعلني أظن أن ربي غاضب علي، وأنه لن يوفقني فيما أتمنى وأرجو من خير في الدنيا، وأنني سأحرق في النار إن استمر بي الحال هكذا.

أرجو منكم إفادتي، والدعاء لي بالتيسير في أمور ديني ودنياي، وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، وعلى شكرك للقائمين على هذا الموقع، ونسأل الله تعالى لنا جميعًا القبول.

إنه أمرٌ مؤسفٌ ما تعرَّضت له في الماضي من صدمة المشاهد الخليعة دون قصد منك، ولكن أحمد الله تعالى على مجاهدتك في تغيير هذا عن طريق حفظ القرآن، والمشاركة في البرامج العلمية، والصيام وغيرها، وأحمد الله تعالى على أنك شُفيت من كل هذا، حتى وصلت إلى مرحلة التقزُّز من هذه المشاهد.

أختي الفاضلة: أمَّا من جهة الشهوة الجنسية: فهي غريزة وضعها الله تعالى فينا كغريزة الطعام أو الشراب، فليست شيئًا نُلام عليه، طالما أننا لا نضعها في الحرام، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةً)، حتى إن الصحابة قد استغربوا هذا وقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ يَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ ‌وَضَعَهَا ‌فِي ‌الْحَرَامِ، أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ وَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ، كَانَ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ) فالشهوة الجنسية غريزة فُطر الإنسان عليها، وهي لحفظ البشر، ولاستمرار الحياة، ومن أجل بناء أُسرٍ سليمة معافاة.

طالما أنك -بحمد الله- ملتزمة بحدود الله، فلا تتعدّينها، فما بقي من شهوةٍ جنسيةٍ فهو أمر لا تؤاخذين عليه، وإنما هي دليل على نموك كأنثى، وعلى استعدادك للزواج والإنجاب، داعيًا الله تعالى لك بسلامة الصدر، وانشراح النفس، وأن يرزقك بالزوج صاحب الدّين، والخُلق، والعلم، كما تتمنّين.

اطمئني -أختي الفاضلة- إن الله تعالى رحيمٌ، طالما أننا نتوجّه إليه بالتوبة والدعاء، وبذل الجهد في مقاربة الحلال، فأنت على الطريق الصحيح.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً