الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي من المجتمع انعكس على حياتي الاجتماعية والصحية بالسلب.

السؤال

السلام عليكم.

بدايةً، لكم جزيل الشكر على وافر المعلومات الدينية التي تنهالون بها علينا.

أنا شاب في أواسط العشرينيات، ناجح نوعًا ما في حياتي العملية والدراسية سابقًا؛ بحيث إنني عملت وأعمل مع مؤسسات عالمية مرموقة -ولله الحمد-، وكنت من الأوائل على دفعتي، وأؤدي عباداتي بانتظام، لكنني فاشل جدًا اجتماعيًا، وأسريًا، حتى مع والدتي -والدي توفي منذ صغري- إلى درجة تصل حد العقوق، وكذلك مع إخوتي، وزملائي في العمل، وفي المدارس والجامعة سابقًا.

ويمكن القول بأنني شخص منعزل، وعند الاحتكاك مع المحيط فأنا ظاهريًا شخص لا يملك ذرة احترام لمن هم حوله، ولكنني أقسم بالله أنني لست كذلك من الداخل، ولكن عند الاحتكاك مع أي شخص -ولا أخفي عليكم- يعتريني خوف كبير من المجتمع، لا أدري لماذا؟ في الوقت الذي أصنف في نظرهم كشخص ناجح.

الشيء المهم هو أنني أفكر بنظرية المؤامرة دائمًا، والتي كلفتني، وما زالت تكلفني الكثير من العلاقات، والأموال، وغيره، والأهم أنه أصابني شك من أنني تعرضت لسحر ما؟ وأشك في شخص بعينه من الأقارب (خالتي)؛ فهي معروفة بهذا، وتكن لنا الكره جهارًا عيانًا، إلى درجة أنني قطعت علاقتي معها تمامًا، فهل أنا مصاب بسحر أم وسواس؟

وكل تلك الأمور سببت لي مشكلةً صحيةً وهي القولون العصبي، فماذا أفعل؟ لأنني أحس بأن حياتي وشبابي ذهبا بلا فائدة بسبب ذلك.

وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

ما أنت فيه ليس بسحر، وخالتك بريئة من ذلك على الأقل بالنسبة لك؛ فحديثك، ونجاحك في المسار الأكاديمي، يدل على أن ما أنت فيه ليس سحرًا، بل هو ناتج عن أمرين:

- رهاب اجتماعي نتج عنه أو كان سببه الخوف من المجتمع، مقرونًا بنظرية المؤامرة.
- الوسواس المتسلط عليك.

وعلاج الأمرين معًا يكمن في عدة أمور:

1- لا بد ابتداءً من اعتماد ما يسمى (بالعلاج السلوكي)، والعلاج السلوكي يقوم على عدة نقاط، نجملها فيما يلي:

- مواجهة مصدر الخوف؛ وهذا يعني التعرض لما تخاف منه في محيطك الآمن، ومعاقبة نفسك عن الخطأ، والمحاولة مرةً، وثانيةً، وثالثةً، ودعنا نضرب مثالاً: أنت تخشى عقوق والدتك، فاذهب إليها، وتحدث معها، وأطل الحديث في أي المواضيع، فإذا شعرت بالتجاوز، فاعرف السبب، وعاقب نفسك على الوقوع فيه، ثم حاول مرةً أخرى، وهكذا حتى يستقيم العود، ثم بعد ذلك إخوتك، ثم الأقرب فالأقرب.

- عليك أن تكون واثقًا من نفسك، ولا تقلق من الخوف الطارئ، أو ضربات القلب غير المنتظمة، أو التعرق، أو الرجفة، أو أنك فاقد السيطرة على الموقف؛ فكل هذه أمور طبيعية، وستختفي مع المواجهة والمراجعة.

- من المهم كذلك الممارسات السلوكية الجماعية؛ كحلقات تحفيظ القرآن، أو حلقات تعلم العلم الشرعي، أو الوعظي، أو الانخراط العملي التطوعي الخيري، أو التجمعات الرياضية، فكل هذا مفيد، وكلها ترفع من المهارات الاجتماعية، وتقلل من الرهاب.

2- كن واثقًا بأن الأذكار حصن حصين، وأن أهل الأرض كلهم لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا أن يكون الله قد كتب عليك شيئًا ما، فحصّن نفسك بالأذكار، وثق في حفظ الله لك.

3- تعامل مع الوسواس بالتحقير، وعدم الاسترسال معه؛ فإن هذا هو العلاج له.

نرجو أن تسير على هذه النصائح مدةً زمنيةً معينةً، ثم تراسلنا لتخبرنا أين وصل بك الحال، ونحن على ثقة من تقدمك إلى الأمام -بإذن الله تعالى-.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً