الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا زال معلمي يسيء معاملتي حتى كرهته!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

إخوتي -حفظكم الله- لدي سؤالٌ بسيطٌ، وأتمنى أن تجيبوني عليه، لقد ابتلاني الله بالتدخين، وأنا مدمن عليه منذ قرابة 3 سنوات، حاولت أن أتركه ولكن لم أستطع ذلك، والموضوع ليس في هذا بالتحديد، الموضوع أن هناك أستاذاً في المدرسة الثانوية أخذ حقيبتي وفتشها، فوجد فيها علبة سجائر، وقد أخبر باقي المعلمين، وفي كل حصة عنده يأتي ويفتش حقيبتي، وكلما سألته عن درس ما، يذكرني بالتدخين، لدرجة أنني أصبحت أكرهه كرهاً شديداً، ليست حصة واحدة، أو اثنتين، بل يأتيني في كل حصة، كيف أتعامل معه؟ وكيف أقنعه بأن يتوقف عن هذا؟

مع العلم أنني لم أحضر معي أي علبة سجائر، وليس له الحق في أن يفتش حقيبتي من الأساس، وهو من النوع الذي يحب أن يضخم المواضيع كثيراً، يشعرني أنه أمسك عندي مخدرات، أو شيئاً من هذا القبيل!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يعينك على التخلص من الدُّخان؛ لما فيه من أضرار؛ ولما فيه من مخالفة للشرع؛ فإن الله -تبارك وتعالى- نهى الإنسان أن يُلقي بنفسه في التهلكة، وأمر بالطيبات ونهى عن الخبائث، {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبائث} [الأعراف: 157]، وقال سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ ‌وَلَا ‌ضِرَارَ).

وقد ثبت أن الدخان فيه أضرار كبيرة، ولذلك قبل أكثر من أربعين سنة، اجتمع حوالي خمسون طبيبًا أمريكيًا، وطالبوا الإدارة عندهم بأن تُطارد السجائر كما تُطارد المخدرات، وهذه الدراسة لم تَر النور؛ لأن أصحاب المصالح -التُّجَّار الكِبار- وقفوا في طريقها، ولكن بعد ذلك انتبهوا، فأصبحوا يُقلِّلون كمية النيكوتين الموجودة، وأصبحوا يكتبون على علبة السجائر (ضار جدًّا بالصحة، ويُسبب الوفاة) ويؤسفنا أن نقول: هناك شركة غربية كُرمت، لأنها تُرسل رسائل للعالَم العربي والإسلامي سجائر، نسبة النيكوتين في السيجارة الواحدة عشرون ضعفًا.

على كل حال: هذا أمرٌ قد ثبت ضرره، ونحن ندعوك أولاً إلى أن تتوقف عن تناول الدخان، لأن هذا يُلحق بك الضرر، وأنت في سِنّ الشباب، وهذا أمرٌ في منتهى الخطورة.

أمَّا بالنسبة لما حصل من المُدرِّس: فنحن لا نوافق على الطريقة التي قام بها، فكان ينبغي أن ينهاك ويستر عليك، ويُساعدك على التخلص، أمَّا أن يُشيع ذلك بين الزملاء المعلِّمين، ويجعل هذا تفتيشاً دورياً؛ فهذا ما لا يُقبل من الناحية التربوية، ولكن نتمنَّى أن تتجاوز هذا، فتركّز على الأمر الهام جدًّا، وهو التوبة والتوقف عن التدخين والدُّخان، ولا نؤيد فكرة أنك لا تستطيع؛ لأنك مسلم -ولله الحمد-، يأتي رمضان فتترك طعامك وشرابك وشهوتك لله، والإنسان يتعجّب كيف أن مسلمًا يترك الطعام والشراب ويستطيع ذلك، وينجح في ذلك طاعةً لله؛ ثم يضعف أمام سيجارة، أو أمام هذه الأمور والمعاصي الصغيرة، والعادات السيئة التي يُداوم عليها؟!

فنسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه المرحلة، ونتمنّى أن يكون الهمّ هو التوقف عن الدخان، والتوبة النصوح؛ لأن في هذا المصلحة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي هذا الأستاذ إلى الخير، ويمكن أيضًا أن تصارح الأستاذ بأسلوب طيب وحكمة وأدب، وتُبيّن له أنك توقفت، وأن هذا الخطأ لن يتكرر، وأنك لا تُحبّ هذه الطريقة التي تمارس معك يوميًا أمام الزملاء، وأن طريقته تؤثر عليك نفسيًا، ونتمنّى من الأستاذ أن يتفهم هذا الأمر.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً