الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قليل الإنجاز في حياتي، ماذا أفعل لأشجع نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أعاني من المماطلة في كل شيء، وإذا أردت تعلم -أو دراسة- شيء أنشغل بنفسي، وبشيء آخر، وإذا ضغطت على نفسي للدراسة، لا أستمر أكثر من خمس دقائق، وأحس أني تعبت ومللت، وأنسى وأنشغل، وأشغل نفسي بأي شيء عن أهدافي واهتماماتي، وأسأل نفسي: لماذا أدرس وأتعلم؟ أصبحت لا أستيقظ باكرًا، وإذا استيقظت أشعر بالإرهاق والنعاس، حتى لو نمت أكثر من 8 ساعات، عكس ما كان يحدث معي من قبل.

رغبتي في التعلم لم تعد مثل قبل، تأجيل مستمر بدون سبب، ولا يوجد عندي شغف، والله كنت أود تعلم شيء ما، وكل يوم أقول لنفسي: غدًا سأفعل، ومر على هذا أكثر من 100 يوم، ولم أفعل أيضًا، أحس أن رأسي قد تعطل، ودماغي توقف عن التفكير في الحاضر والمستقبل، وكل شيء، أصبحت أفكر في الطعام والشراب والنوم فقط، صرت أنتظر انتهاء اليوم لكي أذهب للنوم وينتهي يومي، وتدور حياتي هكذا، مثل الدوامة، ولم أفعل شيئًا.

كل من حولي يقولون لي: نحسدك على حياتك، لم نر مثلك من قبل، وغير ذلك من الكلام، فهل هذا سحر أم حسد، أم هو اكتئاب؟ لأني أعاني في حياتي، أصبحت أتكاسل جدًا، ماذا أفعل كي أشجع نفسي؟ لأن وقتي يضيع هباءً، ولا أكاد أشعر بأي إنجاز في حياتي، وهذا مؤلم جداً؛ لأن الإنسان سيحاسب على عمره، أرجو الإفادة، فما نصيحتكم لي؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يهديك إلى الخير، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه.

كنا نحب أن تبدأ الحديث عن حرصك على الصلاة، فإنها مفتاح للخيرات، وعليه نرجو أن تبدأ مسيرة التصحيح لحياتك بالسجود لله والخضوع له، والتوجه إليه، فإنه لا يكشف الضر سوى الله، واعلم أن الإنسان في هذه الدنيا قد يصاب بالعين، والعين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، ولذلك أرجو أن تبدأ بالمواظبة على أذكار الصباح والمساء، والسجود لفالق الإصباح، والحرص على تلاوة القرآن الكريم، فإن هذه التحصينات والأدعية والأذكار نافعة فيما نزل، مانعة لما لم ينزل بتوفيق الله، كما قال الشيخ ابن باز رحمة الله عليه.

تعوذ بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التنفيذ، واجتهد دائماً أن تكون في صحبة الأخيار المطيعين لله تبارك وتعالى، الحريصين في دراستهم وفي حياتهم؛ لأن الإنسان يتأثر بأصحابه، واعلم أن كلام الناس عن الإنسان، أو النظر إلى ما في يديه -مثل العبارات الواردة- تدل على أن ثمة أمر يمكن أن يحدث للإنسان بتقدير الله، لكن المؤمن ينبغي أولاً أن يحرص على كتمان بعض ما عنده من النعم، أو كل ما عنده من نعم الله تبارك وتعالى عليه، فصاحب النعمة محسود، والناس ينظرون للإنسان الذي عنده راحة، أو توفيق في حياته، ولذلك العلاج من هذا أن نحصن أنفسنا بالأذكار، وأن نحافظ على تلاوة القرآن، كما أشرنا بالمعوذات، آية الكرسي، خواتيم البقرة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.

أيضاً من المهم أن تعرف تاريخ هذا الذي حدث لك، وكيف تواصلك مع الأهل، ما هو دورهم، اطلب منهم الدعاء، خاصة الوالدين، إذا كانا موجودين، فإن دعاءهم أقرب للإجابة، واجتهد في أن تضع لنفسك جدولاً تسير عليه، واعلم أن كثرة النوم لا تجر إلا إلى النوم، ويأتي صاحبها مفلسًا بين يدي الله، والدنيا لا تنال إلا بتضحيات، فالحياة أمل، والأمل يحققه العمل، والله تبارك وتعالى يجازي كل امرئ بما فعل، تذكر أنك محاسب على هذه اللحظات التي تمر عليك، واجتهد دائماً في أن تخرج مما أنت فيه، ولا تستسلم لمثل هذه الأفكار التي أشرت إليها.

عليه نرجو أولاً أن تعمل لنفسك جدولاً، أن تربط نفسك بالله، واجعل هذا الجدول يبدأ بالسجود لله، دائماً الجداول الناجحة للمذاكرة وترتيب الحياة هي التي تقوم على الصلوات، بعد صلاة الفجر سأفعل كذا، بعد صلاة الظهر سأفعل كذا، بعد صلاة العصر سأفعل كذا، وهذا الجدول من المهم أن يكون مكتوباً، وأن تكون لك أهداف واضحة، تريد أن تحققها في هذه الحياة.

واعلم أن هذه الأيام، المئة يوم، والأيام غيرها، تمضي وهي خصم من العمر، فما من يوم يمر علينا إلا كأنه يلوح لابن آدم ويقول: أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني ليوم الوعيد، فإني إذا مضيت لا أعود، وتذكر أنك شاب، والأمر كما قالت حفصة بنت سيرين: "يا معشر الشباب عليكم بالعمل، فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب".

والإنسان سيسأل عن عمره، فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، والإنسان سيحاسب على هذه الثواني التي تمر، وتضييع الوقت من علامة المقت، وإذا رأيت المرء يضيع أوقاته فاعلم أنه يعجل بوفاته، فالمسألة إذاً محتاجة إلى أن تنظر للأمر بجدية، وتجتهد في وضع خطط معقولة، وأهداف يمكن الوصول إليها، وضع خطة طريق توصلك إلى تحقيق هذه الأهداف، ولا تعش مع الأماني، فإن الإنسان ينبغي أن يعمل، وخير العمل أدومه وإن قل، وسعدنا بشعورك بالخوف من المحاسبة، وهذه حقيقة، وإذا كان الإنسان سيحاسب فعليه أن يعمل فيما ينجيه بين يدي الله.

سأل الله أن يعينك على الخير، ونسأله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً