الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى من معاملتي السيئة لأبي بسبب كثرة مخالفاته!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله أن يسددكم ويوفقكم لما يحب ويرضى.

أولًا: والدي يتهم أمي بالفاحشة، ويطعن في عرضها، ويشكك في نسبتي إليه، ويكثر من سبها وشتمها، وأمي أغلى ما أملك في هذه الدنيا.

ثانيًا: والدي مقصر في حقي وحق أخواتي، وقد عشنا في فقر، ويستولي على معاش جدي المتوفى بالرشوة والتحايل، ويدعي المرض، ويشتمنا بأقبح الألفاظ، وهو ناكر للجميل، وعديم الوفاء.

ثالثًا: علمنا مؤخرًا أنه تعلم السحر ويستخدمه، فهل معاملتي السيئة له ورفع صوتي عليه، وتصرفي معه بأسلوب غير لائق، يُعد عقوقًا؟ وهل هذا إثم علي في الدنيا، وهل سيؤثر على حياتي، وخاصة على أولادي؟ وما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل ما ذكرته عن والدك سلوك لا يليق به كأب، ولا يحل له أن يعامل به أحداً من المسلمين، فضلًا أن يعامل به زوجته وأولاده، ولا شك ولا ريب أنه مسيء في هذا غاية الإساءة، وينبغي لكم أن تحسنوا إليه في النصيحة والتذكير، وأن تستعملوا ما أمكن من الوسائل المؤثرة، ومن ذلك أن تستعينوا بالأصدقاء الذين يقبل كلامهم، وأن تسمعوه ولو بطريقة غير مباشرة المواعظ التي تذكره بلقاء الله تعالى والجنة وما فيها، والنار وما فيها؛ فإن هذا النوع من التذكير ينفع ويؤثر في النفس البشرية، إن كان الله تعالى قد قدر له الهداية والرجوع عن سلوكه.

وأما ما سألت عنه أيها الحبيب من إساءتك لوالدك بسبب هذه التصرفات، فهذا حرام، وهو نوع من العقوق بلا شك؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين مهما بلغت إساءتهم للولد، فقال سبحانه في سورة لقمان: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا).

فنهى سبحانه وتعالى الولد عن طاعة الوالدين إذا أمره بمعصية الله، ولكن مع ذلك نبهه إلى أن وقوع الوالد في المعاصي والإساءة إلى الولد وإن كانت أكبر إساءة، فإنه يجاهده ليكفر بالله تعالى، الوالد يجاهد الولد ويبذل أقصى ما يقدر عليه من الجهد والطاقة ليكفر هذا الولد ويخرج من دين الله، فيكون من أهل النار المخلدين فيها، وليس هناك إساءة أكبر من هذا، ومع هذا قال الله تعالى: (فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا). فحتى لا يتوهم أنه يجوز له أن يسيء إلى الوالد حين قال له: (فلا تطعهما) أزال الله تعالى هذا الوهم بقوله (وصاحبهما في الدنيا معروفا).

فالواجب عليك أن تصاحب والدك بالمعروف، والعلماء يقولون: يجب على الولد أن ينهى والده عن المنكر إذا رآه يفعل المنكر ما لم يغضب، فإذا غضب تركه، يعني حتى لا يقع في عقوق الوالد حين يغضبه، فحاول أن تجاهد نفسك على إحسانك إلى الوالد، وكن على ثقة أيها الحبيب من أن إحسانكم إلى هذا الوالد وبركم به، وصبركم عليه، من أعظم الأسباب التي تدعوه إلى مراجعة نفسه، والرجوع إلى الحق، وباب من أبواب الهداية، فاحتسبوا أجركم عند الله سبحانه وتعالى بالإحسان إليه.

وترقبوا من الله الجميل، وانتظروا منه سبحانه وتعالى أن يبلغكم آمالكم فيما ترجونه من صلاح والدكم وعوده إلى أحسن الأحوال، فإن الله تعالى لا يعجزه شيء، نسأل الله تعالى أن يوفقكم لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً