الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الأجهزة اللوحية أصبح إخوتي يميلون للعنف، فكيف أنصحهم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ في السابعة عشرة من عمري، ولي خمسة إخوة، ثلاثة أصغر مني، واثنان أكبر مني، ومشكلتي تكمن في إخوتي الصغار؛ إذ لم يُقصِّر أهلي معهم ماديًّا، بل بينهم مودة وضحك، لكنهم أهملوا الجانب الديني في تربيتهم.

لقد منح أهلي إخوتي الثلاثة الصغار هواتف ذكية، وأجهزة لوحية وهم في سنٍّ مبكرة، أصغرهم في السادسة، وأوسطهم في الثامنة، وأكبرهم في الحادية عشرة.

أتذكر تمامًا متى بدؤوا استخدام الهواتف، والأمر المؤسف أنهم مدمنون عليها، وقد بدأت تتوارد إلى أذهانهم أفكارٌ غريبة، وأنا أحاول جاهدًا أن أبعدهم عنها، لكنهم في معظم الأحيان يصرخون في وجهي ويضربونني، ولا يكنّون لي أي احترام أو تقدير.

المشكلة الأكبر أنهم يتشاجرون باستمرار، وشجاراتهم ليست عادية، بل هي أشبه بالقتال، وأخشى أن أتركهم وحدهم فيقتتلوا؛ فقد أقدم أخي الأصغر - ذو الستة أعوام- على إحضار سكين ومحاولة طعنهم بها عدة مرات، وأصبح يهددهم بالقتل باستمرار، وأصبحت السكاكين مألوفة لديهم!

لا أعرف ماذا أفعل! ولا أستطيع التحدث مع أهلي، لأنني أخشى أن تتفاقم المشكلة، وأمي متعبة منهم، وحلها الوحيد هو ضربهم جميعًا بسلك، وهو أسلوب لا يجدي نفعًا، حاولت نصحهم، لكنهم لا يستمعون إليّ، وفي بعض الأحيان يهدؤون ويستمعون لبضع ثوانٍ فقط.

أرجو منكم مساعدتي، لأنني أشعر بمسؤولية كبيرة تجاههم، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي العزيز: من الواضح أنك تحمل همًّا كبيرًا على عاتقك بخصوص إخوانك الصغار، وضعك ليس سهلًا، ويتطلب تدخلًا حازمًا ومدروسًا، لضمان سلامة الجميع، وتحسين الوضع.

من خلال وصفك، يمكن تحديد عدة نقاط رئيسية:
1. إدمان الأجهزة الإلكترونية، وهذا يسبِّب انعزالًا عن الواقع، ويفرض تأثيرات سلبية على السلوك.
2. نقص في التربية الدينية، حيث إن التربية الدينية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل السلوكيات والأخلاق.
3. العنف الشديد بينهم، وهذا يُعدُّ خطرًا كبيرًا يجب التعامل معه فورًا.
4. عدم الاحترام تجاهك، وهذا يجعل من الصعب عليك التدخل والتأثير عليهم.

خطوات مقترحة لحل المشكلة:
- كن قدوة لهم في الالتزام بالصلاة وقراءة القرآن والأخلاق الحميدة.
- حاول تعليمهم أمور الدين بشكل مبسط يتناسب مع أعمارهم، استخدم القصص القرآنية وقصص الأنبياء لإيصال الرسائل.
- قم بترتيب جلسات عائلية لقراءة القرآن أو حضور دروس دينية في المساجد.
- تحديد وقت مُعيَّن لاستخدام الأجهزة كل يوم، ومراقبة المحتوى الذي يشاهدونه.
- شجعهم على ممارسة الأنشطة الرياضية، مثل الألعاب الجماعية أو الهوايات الأخرى التي لا تشمل الأجهزة الإلكترونية.
- تحدث معهم بشكل فردي، وحاول فهم أسباب العنف، وما الذي يدفعهم لذلك؟ قد تكون هناك مشاكل نفسية أو اجتماعية بحاجة لحل.
- في حال كان العنف شديدًا ويهدد سلامتهم، قد تحتاج للتواصل مع مختص في مجال السلوكيات أو الطب النفسي.
- استخدم أسلوبًا هادئًا ومحترمًا عند التحدُّث معهم، وأظهر لهم أنك تهتم بمصلحتهم.
- استخدم نظام المكافآت لتعزيز السلوك الجيد بدلًا من العقاب الدائم.
- تحدث مع والدتك أو والدك بهدوء، واشرح لهما الوضع بدون تحميلهما مسؤولية مباشرة.
- اقترح عليهم الخطوات التي يمكن اتباعها لتحسين الوضع بدلاً من التركيز على المشاكل فقط.
- عليك بالصبر والدعاء، قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
- التزم الرفق واللين، قال الرسول ﷺ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي ‌شَيْءٍ ‌إِلَّا ‌زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» [رواه مسلم].

نسأل الله أن يعينك ويوفقك في مهمتك النبيلة، وأن يصلح حال إخوانك وأهلك، وتذكر دائمًا أن الله مع الصابرين والمحسنين، فاستمر في محاولاتك ولا تيأس، وإذا كنت بحاجة إلى دعم إضافي أو نصائح أخرى، فلا تتردد في الكتابة إلينا.

حفظكم الله ورعاكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً