الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البعض يدعي أن الذكورة كمال والأنوثة نقص، فما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الذكورة كمال والأنوثة نقص، كيف تكون الأنوثة نقصًا؟ هل نقصها في عقلها، دينها، ودنياها؟ وكيف لا يُعَدُّ الرجل ناقصًا بالعاطفة؟ أليس من المفترض أن يُعَدّ ناقصًا لكونه ناقصًا في العاطفة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ TABARK حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه الفكرة التي تشير إلى أن الذكورة هي الكمال، والأنوثة هي النقص قد تكون مبنية على فهم شائع عند الناس، يختلف عن الفهم الصحيح للنصوص. من المهم أن نفهم أن الإسلام يرى الرجال والنساء على حد سواء؛ بأنهم خلقوا من نفس واحدة، ولكل منهم دوره وقيمته الخاصة في الحياة.

وغالبًا ما يتم الإشارة إلى هذا الكمال في مفهوم درجة الرجال التي ذكرتها الآية الكريمة: {...وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِی عَلَیۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَیۡهِنَّ دَرَجَةࣱۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ} [البقرة ٢٢٨]. وفحوى كلام المفسرين حول هذه الدرجة أنها تتعلق بالمهمة القيادية للأسرة، والتوجيه الإداري، فمؤسسة الزواج كأي مؤسسة أخرى تحتاج إلى مدير وهو الزوج، ونائب مدير وهي الزوجة، وبقية الأعضاء وهم الأبناء. فهو منصب شرفي إداري، وعلى هذا الأساس ينبغي أن يفهم مصطلح الكمال أو التفضيل هنا، أو كما يقال: التفاضل في الدور، وليس الأفضلية في الجنس والنوع.

في ما يخص النصوص الدينية الأخرى، نجد أن الإسلام ينص على تكريم المرأة، ومنحها حقوقًا وواجبات تساوي تلك التي للرجال، وإن اختلفت بعض الأدوار؛ تبعًا للطبيعة البيولوجية والاجتماعية لكل منهما.

من ناحية العقل والدين:
- العقل: هناك مقولات تُستخدم في سياق الأحاديث النبوية تشير إلى اختلافات بين الرجل والمرأة، ولكن يجب فهم هذه المقولات في سياقها الصحيح، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "النساء ناقصات عقل ودين"، في سياق معين، وكان يقصد النقص في الشهادة، وعدد أيام الصيام بسبب الحيض، وليس نقصًا جوهريًا في العقل أو الدين.

- الدين: النساء لديهن بعض الرخص الشرعية، مثل عدم الصيام أو الصلاة خلال فترة الحيض، وهذا لا يُعد نقصًا في الدين، وإنما هو رحمة وتيسير من الله.

من ناحية العاطفة:
الرجال والنساء لديهم اختلافات في العواطف والتعبير عنها، وهذا لا يُعد نقصًا أو كمالًا، بل هو تنوع طبيعي في النفس البشرية، فالرجل قد يكون أكثر تحكمًا في عواطفه بشكل يظهر أكثر صلابة، في حين تكون المرأة أكثر تعبيرًا عن مشاعرها بشكل يظهر أكثر حساسية، وكلا الطريقتين لها قيمتهما وأهميتهما.

نظرة الإسلام للرجال والنساء:
- الإسلام يرى أن الرجل والمرأة مكملان لبعضهما البعض، الرجال والنساء لديهم حقوق وواجبات مختلفة تتناسب مع طبيعتهم وقدراتهم.
- يقدر الإسلام المرأة ويرفع من شأنها في المجتمع، ويحث على معاملتها بلطف واحترام، وكذلك الحال بالنسبة للرجل.

وإليك بعض النصوص المتعلقة بهذا السياق:
- قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. فالآية فيها تفضل وإنعام من الله للبشر بخلقهما على نوعين يكملان بعضهما بعضًا، والحكمة في ذلك الحفاظ على بقاء النوع الإنساني.

- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما النساء شقائق الرجال" [رواه أبو داود والترمذي]، والشقائق مفردها شقيقة: والشقيقة نصف الشيء، فالشيء الواحد ينقسم إلى شقين متساويين.

أخيرًا: لا ينبغي اعتبار أي من الجنسين كاملاً أو ناقصًا على حساب الآخر، فكلاهما يكمل الآخر بصفات وخصائص فريدة تجعل الحياة متوازنة ومتكاملة، التعاليم الإسلامية تدعو إلى التفاهم والاحترام المتبادل بين الجنسين، والعمل على تحقيق العدالة والإنصاف بينهما.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات