الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابتليت بسماع الغناء المصحوب بالخيال..فكيف الخلاص منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب أبلغ من العمر 17 عامًا، وأنا الآن مقبل على امتحانات شهادة الثانوية العامة، ولكنني ابتُليت بسماع الغناء المصحوب بالخيال؛ فمثلًا، أستمع إلى الأغاني، وأتخيل أنني شخصية مشهورة ومعروفة، وغير ذلك من أحلام اليقظة، ولم أستطع التخلص منها.

يعني، عندما أتوقف عنها -سبحان الله- ينقبض صدري، ويصيبني هم وحزن وغم لا أعرف مصدره، وعندما تحدثني نفسي بأن أستمع إلى الأغاني وأتخيل، أحاول جاهدًا مقاومتها، ولكن نفسي تضعف، وأجدني أفعل هذه المعصية أو هذا الإدمان.

أرجوكم، لقد تعبت من هذا الأمر، وحاولت مرارًا تركه، ولكنني فشلت، ولا أدري ما الحل، خاصة أنني استمعت إلى نصائح المشايخ والعلماء حول مجاهدة النفس، ولكن دون جدوى، نفسي تعود إلى المعصية، فهل لديكم ما يمنعني من هذا الإدمان وهذه المعصية؟

والله إني خائف من أن يتحول هذا إلى مرض يصعب عليَّ التخلص منه، خاصة أنني مدمن على هذه العادة منذ الصغر، وهي أنني عندما أكون جالسًا أحرك ظهري إلى الأمام والخلف على الفراش الذي خلفي.

وهذه العادة أيضًا لم أستطع التخلص منها، كل يوم أضع السماعات في أذني، وأستمع إلى الأغاني، وأتخيل، وأحرك ظهري إلى الأمام والخلف على الفراش بقوة من شدة الحماس والسعادة التي تغمرني، وعندما أقرر ترك هذه العادة يصيبني هم وحزن وغم وكآبة، وما ألبث إلَّا وأعود إليها.

بارك الله فيكم، أنتم الأمل بعد الله سبحانه وتعالى، كنت شابًا مستقيمًا -ولله الحمد-، أصلي وأفعل الطاعات، ولكنني ابتُليت بهذا الأمر، وهذه العادة عندي منذ الصغر، أقصد سماع الغناء المصحوب بالخيال، ولكنني تركتها لمدة طويلة، والآن أدمنت عليها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منذر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا يخفى عليك أن الغناء هو مزمار الشيطان، وأنه بريد الشرور والزنا والفواحش، وأنه يُذكّر الإنسان بأمورٍ ليست في مصلحته، ونسأل الله أن يُعينك على التخلص من كل ذلك، وشغل النفس بما يُرضي الله تبارك وتعالى.

ونحن نؤكد أن المؤمن الذي ترك طعامه وشرابه وشهوته لله في رمضان؛ قادرٌ على أن يفعل ذلك ويستمر على ذلك، وأيضًا نؤكد لك أن هذه التخيلات هي محض هراء وتزيينٍ من الشيطان، فإذا جاءك الصداع والقلق فاحرص على ذكر الله تبارك وتعالى، وعليه: نحن نوصيك بما يلي:

أولًا: الدعاء ثم الدعاء، فإن الدعاء سلاح المؤمن، والدعاء هو العبادة.
ثانيًا: كثرة الاستغفار وتكرار التوبة عن كل ذنب، والصلاة والسلام على نبينا المختار؛ لأن نتيجة ذلك: يكفيك الله همَّك ويغفر لك ذنبك، ثم الإكثار من: (لا حول ولا قوة إلَّا بالله).
ثالثًا: تجنب الوحدة؛ لأن الشيطان مع الواحد.
رابعًا: البحث عن رفقاء صالحين يُعينونك على طاعة الله إنْ ذكرتَ، ويُذكّروك بالله إذا نسيت.
خامسًا: شغل النفس بمعالي الأمور، والحرص على كل خيرٍ ينفعك في دينك ودنياك.

كل هذه من الأشياء التي تُعينُك -إن شاء الله- على التخلص من هذا الذي أشرت إليه، وإذا كنت على أبواب الامتحان فتذكّر المستقبل، وتذكّر أن هذه التخيلات، وأن كلمات الأغاني نفسها، وأن الوسيلة والطريقة التي تُؤدَّى بها؛ كل ذلك ممَّا لا يُرضي الله -تبارك وتعالى- فقد تحرم الأغنية لأجل كلماتها، أو لأجل طريقة أدائها، أو تحرم لأجل الموسيقى المصاحبة.

وقد جاء رجل فسأل ابن عباس عن الغناء: أحلال هو أم حرام؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: (أرأيت ‌الحق ‌والباطل إذا جاءا يوم القيامة، فأين يكون الغناء؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل، فقال له ابن عباس: اذهب، فقد أفتيت نفسك).

فالأمر واضح، فاستعن بالله تبارك وتعالى، واحرص على أن تشغل نفسك بالخير قبل أن يشغلك الشيطان بغيره، ولا أعتقد أن إنسانًا مشغولًا، يحرص على أن يكون مع الناس، وينظر إلى معالي الأمور، ويحرص على التفوق في دراسته؛ يجدَ وقتًا لمثل هذه الأمور، وإذا جاءك الشيطان ودعاك للعودة إلى هذه العادات والممارسات السيئة، فحاول أن تُخالفه وتشغل نفسك بطاعةٍ وبعملٍ وفعلٍ مفيد.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً