الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن أقلل زياراتي لأمي بسبب ظلمها وقسوتها عليّ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا متزوجة ولدي طفلان. أمي منذ صغري لم تشبعني حنانًا، بل كانت أختي الأصغر مني هي من تنال الحنان.

دائمًا ما كانت تضربني، وحتى عندما كبرت وبلغت، كانت تتسبب في المشاكل لأتفه الأسباب لتضربني، وكانت توقظني من نومي للاعتناء بأخواتي الصغار، ولم أملّ يومًا، كانت تعيرني وتقول لي: "أنتِ لم تفعلي لي شيئًا، وغيركِ أحسن منكِ مع والدته". وفي يوم ما قالت لي: "أنا أكرهكِ".

ومرة أتت جدتي لزيارتنا لمدة أربعة أيام، وكانت أمي تضربني، وجدتي فرحة بما يحدث، وصل بها الحال أن ضربتني في الحمام، ومع ذلك لم أقل شيئًا يزعجها.

وعندما تزوجت صارت هي وأختي الأصغر مني يحرضن أبي عليّ، حتى تغيرت معاملة أبي لي، وكانت تأتي إليّ وتقول لي كلامًا، وتقول عني كلامًا لأبي، وتحرض أخواتي الصغار عليّ، حتى أخي الصغير لم يعد يُقدرني، وأنا لا أقدر أن أواجهها لأنها أمي.

وعندما تعيرني، تقول لي: "ماذا كنتِ أنتِ مع زوجكِ؟ حالتكِ مثل الكلاب، جوعانة". وحتى عن طفلي الصغير قالت إنه (كلب ويهودي مثل أبيه).

أريد أن أبرّها، فهل أعود إلى زوجي وأبتعد عنها وأخفف زيارتي؟

أريد جوابًا يدلني إلى الطريق الصحيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يكتب لك أجر البر، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يُعين إخوتك أيضًا على الوفاء لك، والقيام بواجبهم تجاهك، وبُشرى لك بهذا الصبر، نسأل الله أن يعوضك خيرًا.

لا شك أن العودة للزوج، والوفاء له، والبقاء معه مُقدَّمٌ في شريعة الله تبارك وتعالى، وننصحك بكتمان ما يحصل عن زوجك، والاهتمام به، والقيام بكل الواجبات تجاهه، وإذا رجعت إلى الوالدة فواصلي مشوار الصبر والإحسان إليها، وقومي بما عليك كاملًا، ولا تحاولي أن تُخبري زوجك بالذي يحدث، ولا تُخبريهم بسعادتك مع زوجك، بل قومي بما عليك كما يُرضي الله تبارك وتعالى، والشرع الحنيف يدعوك على الصبر على الوالدة، بل يجعل الصبر على أذاها من أوسع أبواب البرِّ لها، وإذا لم يصبر الإنسان على أُمِّه، وإخوانه، وأهله، فعلى مَن يكون الصبر؟

أقول: (‌لَيْسَ ‌الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا)، فلا تُقصّري في زيارة والدتك، ولا مانع من أن تكون الزيارات خفيفةً، حتى لا يحدث لك الألم، وتحدث المشكلات، واعتذري لها بألطف العبارات، وإذا شعرت أنك تريدين أن تزوريها ثم تخرجي من عندها مُسرعةً، فابحثي عن أعذار، واعلمي أن طاعة الزوج مُقدّمة، وأن زوج المرأة بمنزلةٍ لا يعدِلها منزلةً، ولا تُبالي بتعليقاتهم على طفلك؛ فإن هذا لا يضرُّه، واجتهدي في العناية به، وحُسن تربيته، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير.

واعلمي أن هذه الدنيا لا بد أن يكون فيها منغِّصات، لكن الثواب الأجزى عند الله تبارك وتعالى لمن صبرتْ، وأحسنتْ، وقامتْ بما عليها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على النجاح، وأن يُصلح لنا ولكم الأحوال، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً